الأحزاب بين الجافر والعويس

mainThumb

19-05-2024 12:42 PM

السوسنة

الجافر هو الخبز الذي مضى على خبزه اياما، فيصبح صلبا يصعب مضغه إلا مع تناول السوائل معه، أو تسخينه ليصبح طريا، أو إضافة الحليب والسمنة عليه فيصبح نوعا من الحلوى.

وأما العويس فهو الخبز الذي لم تخمر عجينته، فيخبز على عجل، فيكون متعجنا يصعب قطعه، ومضغه حتى مع السوائل، ويصعب هضمه فيسبب عسر الهضم، واذا تم تسخينه زاد تعجينه.

والأحزاب اليوم على الساحة الوطنية كالخبز الجافر والعويس:

فالأحزاب القديمة متمترسة خلف أفكار مؤسسيها منذ قرن من الزمان، وكأنها مقدسات أو مسلمات لا يمكن المساس بها، فأصبحت كالخبز الجافر يصعب مضغه إلا بعد إعادة تسخينه أو إضافة بعض الأشياء عليه ليتجدد كنوع من الحلوى، أي لا بد من تجديد في الأفكار وأسلوب العمل ومنهجيّته، حتى يتلائم مع واقع جديد وأجيال حديثة، بل إن بعضها يحتاج إلى ثورة في الفكر والنهج، مع الحفاظ على المبادئ الأساسية التي قام لأجلها، فغالبية هذه الأحزاب نشأت من وسط الجماهير ومن رحم معاناتهم، وقد قيل: من لديه خبز جافر فخيره وافر، ولكن لا بد من التجديد والتطوير، فأي شيء غير قابل لذلك سيبلى مع الزمن.

أما الأحزاب الجديدة، والتي خُبزت قبل أن تخمر، فهي كالخبز العويس، متعجنة يصعب مضغها وهضمها، فهي أحزاب المعالي والسعادة والعطوفة، ليس لها جذور لواقع ومعاناة الجماهير، بل اقترح ان يتم تغير اسمائها التي لا تحمل أي دلالة على واقعها إلى اسماء امنائها العامين، أي حزب فلان وفلان لتكون أقرب إلى واقعها، تشكلت بسرعة هائلة، وأي بناء مهما علا لا يبنى على قواعد راسخة سينهار عاجلا أم آجلا، أغلب المنضوين تحت رايتها هدفهم تحقيق مصالح خاصة، من المؤسسين وحتى كافة الهيئة العامة، لجلب مصلحة أو دفع ضرر، فكيف لمثل هذه الأحزاب العويس أن تغير واقعا إلى الأفضل، أو تبني برلمانا حرا، أو تشكل حكومات قوية تستند إلى امتداد جماهيري صلب.

فإذا لم يسخن الجافر أو يضاف له ما يحسنه، وإذا لم يخمر العويس حتى ينضج عجينه قبل خبزه، فستبقى الأحزاب على الساحة الوطنية صعب مضغها وهضمها، لذلك تجد اليوم رفضا شعبيا لهذه الاحزاب، وبدأت تصدر بعض البيانات هنا وهناك لمثل هذا الرفض.

وإني لأعلم أن مقالي هذا هو صيحة في واد أو نفخة في رماد، لأن القديم لا يقبل التطوير والتجديد، والجديد لا يقبل النضج والرسوخ، ثم سيقال: من هذا الذي ينصح قديم راسخ أو جديد منطلق؟ وأنا أقول: الأيام كفيلة ببيان حقيقة وواقع ما ننصح ونقول!.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد