دردشة حول فن الاستثمار (1)

mainThumb

15-11-2008 12:00 AM

إحترقت أصابع صغار وكبار المستثمرين خلال العقدين الماضيين لدرجة مؤلمة بل محزنة، وفي الوقت نفسه إنتقلت أسر عديدة من طبقة إجتماعية إلى طبقة أو طبقتين إجتماعيتين بصورة مدهشة وغير عادية وبالعكس كذلك. والسؤال الكبير الذي يشغل بال الكثيرين هو: ما السر الكامن وراء المظهرين كونيا؟؟

قبل محاولة الإجابة على السؤال الكبير، أود التأكيد على أن خبراء وكتّاب عديدون سبقوني ومنذ سنين في تناول هذا الموضوع الحساس والمهم، لكن المشكلة تكمن في المستثمر الذي لا يقرأ و لا يطّلع أو يسأل أو يستشير الجهة الصحيحة أو في المستثمر الذي لا يتبّع أصول أللعبة أو يغفل عنها في لحظة كارثية النتائج.

بعض المستثمرين تبنوا مدخل أو فلسفة أو إستراتيجة الاستثمار الحصيف المدروس بعناية فائقة، والبعض الآخر تبنوا مدخل الاستثمار غير الحصيف أو المندفع المتهور غير المدروس طمعا في الربح السريع، فيما إستخدم مستثمرون في السوق المالي مهرة (أنا أؤيدهم) مبدأ (اضرب واهربHit and run ) ألذي ينص على التخلص أو بيع ما استثمر في الاسهم عند أول إرتفاع لتحصيل الفرق وعدم الإنتظار الذي يمد حالة الطمع بطاقة ليست مفضّلة بتاتا،وقطاع لا بأس به من المستثمرين آثر التصرف وفق مبدأ سلوك القطيع، متناسين أن الإستثمار الذي يتميز عائدة بالإرتفاع تكون مخاطره مرتفعة في معظم الحالات وليس جميعهاHigh return high risk، وأن بعض الإستثمارات تحوم حولها الشكوك من أول نظرة ومع أول تفحّص، وبعض الإستثمارات يقودها حيتان ولا مجال للسمك الصغير بالمجازفة في السباحة قربهم أو حتى ضمن حيّزهم!.

يعجبني اولئك المستثمرين الذين لديهم حكمة وتأنّي ويتجنبّوا الطمع ، فهم الفئة الحصيفة من المستثمرينprudent investors . أولئك الذين يتّبعون أثناء إتخاذ القرار الاستثماري مبدأ توزيع ثروتهم ووضعها في أكثر من وعاء إستثماري تحوطا وتجنبا للمخاطر التي قد تأتي دفعة واحدة على موجودات الوعاء الاستثماري إذا كان وحيدا.
والمثل قال: لا تضع بيضاتك في سلّة واحدة، لئلا ينكسر ألبيض كله إذا وقعت السلّة ( والبيض هنا هو ثروتك)!!!، وفي سياق الامثلة يعجبني كذلك المثل الذي يقول (الأسعار والأعمار بيد الله).

لكل أداة إستثمارية إيجابيتها وسلبياتها ومخاطرها وظروفها وقواعد مهمة وأسس للإستثمار فيها سواء كانت أسهم أو سندات أو عملة أو وديعة أو معادن ثمينة أو سلع أو أراضي وعقارات أو صناديق إستثمار مشتركة mutual funds أو صفقات إستثمارية مركبة من هذا وذاك معقدة التركيب أو الاستثمار في مشروع بملكية متنوعة أو الاستثمار في العقود المستقبلية،هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى لكل أداة ظروفها المتعلقة بسرعة التسييل وقت الحاجة وهذا أمر في غاية الاهمية بالنسبة للمستثمر الذي لربما يحتاج للإستثمار في فرصة أخرى بديلة في وقت معين تأتي خلاله الفرصة.

أنا دائما أركّز في محاضراتي حول مواضيع الإستثمار على ضرورة الإلتزام بالآتي و التساؤل قبل الاستثمار: لا تأخذ قرار الإستثمار لوحدك أي لا تتفرّد في القرار، ما هي البدائل المتاحة للإستثمار بغرض المفاضلة بعد دراسة كل كبديل على حده،تساءل أين أضع نقودي (من هي الجهة/القطاع الذي سوف أئتمنه على مدخراتي، هل الجهة موجودة بصورة قانونية حقيقة ؟)، ما هي درجة المخاطرة في الاستثمار (أود هنا وبدون إسهاب التذكير بواحد من أخطر المخاطر ألا وهو مخاطر التفرد وهو منبثق من مخاطر التشغيل أو العمليات، وسيتم شرح هذه المخاطر بصورة منفصلة نظرا لأهميتها القصوى للمستثمرين)، وما هو مقدار العائد على الإستثمار في كل واحد من المجالات المتاحة وما هي عوائق التسييل أي الحصول على نقودي إذا كانت هناك حاجة ملحّة لذلك وأخيرا وليس آخرا تجميع خبرات ممن حولك حول خبراتهم الجيدة والسيئة للإستفادة من ذلك لإعتماده كمعيار إستنادي قبل التورّط !!! . للدردشة بقية بإذن الله.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد