الأقاليم .. ما بين الجدل وحقيقة الرؤية الملكية

mainThumb

03-12-2008 12:00 AM

يبدو أن حالة الجدل حول موضوع الأقاليم عادت لتحتدم من جديد في الأردن، ومن الواضح أيضا أن إحتدام الجدل يعود الى أكثر من سبب على رأسها ضبابية الفهم لمطلب تقسيم المملكة الى أقاليم، ومن الطبيعي أن تعود حالة الضبابية هذه الى أكثر من سبب ممن شكلوا حالة رفض للفكرة من الأساس، وفي خضم هذا الجدل يتضح أن البعض مثلا لا يريد أن يحمل وزر الدولة أكثر مما تحمل من مجالس إنتخابية تتطلب "نمر حمراء" أكثر أو رواتب للمنتخبين في هذه المجالس أكثر، أو غيرها من الأسباب التي يمكن أن تناقش على صعيد وطني خالص، أما أن يكون دافع الرفض أسباب لا علاقة لها بالفكرة أساسا، فهنا تكمن الخطورة، وما نعنيه هنا أن يحمّل بعض رافضي الفكرة بحد ذاتها أكثر مما تحمل، فهنا تشتم رائحة محاولة تعطيل للفكرة ليس لشيئ إلا لوضع العصا في دواليب أي أفكار تطويرية للبلد، ولعل أخطر أسباب الرفض أن يقول البعض بأن فكرة الأقاليم تهدف الى إضافة إقليم من خارج حدود الوطن الى الوطن حتى تحل مشاكل "إقليمية" على حساب الأردن، ومنها مثلا أن يقال بأنه يراد من وراء فكرة الأقاليم أن يضاف "إقليم" الضفة الغربية الى الأردن حتى يكون هذا الطريق لحل القضية الفلسطينية، ويدعي أصحاب هذا الرأي بأن الرافعة الأساس لهذا التوجه متوفرة في حالة الخلاف الفلسطيني التي أسفرت عن سلخ غزة عن بقية فلسطين المحتلة عام 1967، وبهذا نعود الى بداية القول عن كونفدرالية أو فدرالية أردنية فلسطينية "الإقليم الأردني الفلسطيني"، بل أن البعض ذهب الى أبعد من ذلك كالقول مثلا بأن إقليما آخر يمكن أن يضم الى الأردن من الجانب العراقي، ويرون في هذا مخرجا لسنة العراق الذين دخلوا في حالة "إبعاد" عن المشاركة في الحكم بعد أن أصبح الحكم بيد الشيعة مدعومين بطبيعة الحال من الجار الشيعي صاحب التأثير الأكبر عليهم وهو "إيران".

ما يجب أن يقال في هذه الحالة بأن الأردن، وكما أكد جلالة الملك عبدالله الثاني أكثر من مرة، ليس له اي أطماع توسعية لا من جهة الغرب ولا من جهة الشرق، ولأكثر من مرة أكد جلالة الملك بأن المنطق يكمن في البحث عن حل شامل وعادل سواء لقضية الأهل في فلسطين أو لقضية الأهل في العراق، ولأكثر من مرة أيضا اكد جلالة الملك دعمه لخيار الفلسطينيين والعراقيين على حد سواء، وبهذا وضع جلالته حدا لكل "التخرصات" التي يتخيلها البعض ويريدون تلبيسها للاردن من خلال تشكيكهم بأي خطوات يأخذها الاردن يكون هدفها الأساس خدمة الشعب الاردني لا أكثر، ومن هنا، فإذا ما وضعنا كل تلك التخرصات خلفنا ونظرنا الى المستقبل، فإن الصورة ستتضح بكل بساطة كما هي في ذهن جلالة الملك، فالرؤية الملكية تكمن في تحويل الاردن الى ورشة عمل قائمة على شراكة كل الاردنيين في رسم مستقبلهم السياسي والإقتصادي، ففكرة الأقاليم فكرة متطورة وعصرية لمشاركة الناس في توزيع عادل لثروة البلاد على أسباب التنمية لكل محافظة ومدينة وقرية ومخيم، وفي العالم المتقدم ينتخب كل أصحاب القرار حتى يضمنوا هذه العدالة، فمسؤول الحي مثلا في الغرب ينتخب إنتخابا حتى يلبي مطالب أهل حيه الخدماتية، وحتى القضاة ينتخبون إنتخابا من قبل الناس حتى لا يشكك أحد في نزاهتهم يوما ما، فتأسيس حالة اللامركزية في الحكم المحلي تضمن مشاركة الجميع في كل ما يتعلق برسم شكل الحياة التي يريدون، فأي عاقل يمكن أن يرفض أن يتشارك مع حكومة "المركز" في إستصدار القرارات التي يمكن أن تنعكس على مستقبله ومستقبل عائلته ما دام أن الفرصة قد سنحت له لذلك ومن رأس الهرم في الدولة؟؟!!

تأسيس حالة اللامركزية إذن، رغم أننا لسنا دولة مترامية الأطراف كما يقول البعض، تؤسس الى حالة صحية في الحكم المحلي، وهي إحدى طرق الحاكمية الرشيدة التي يقوم عليها مبدأ العدالة في الحكم، وكل أسباب معارضة الفكرة أو تأييدها يمكن أن تناقش على صعيد الوطن ما دامت غير مدفوعة بأي إعتبارات أخرى أبعد ما تكون عن مصلحة الوطن، فإذا ما آمنا أساسا أن الفكرة تهدف الى توزيع إقتصادي عادل على كل مناطق الوطن لتصل الى حالة تنموية متزنة، فإننا يمكن أن نناقش فيما بعد إذا ما كانت هي الطريق للوصول الى هذه الحالة أو يمكن أن ندعو الى دراسة أفكار أخرى قد توصل الى نفس الهدف، المهم أن تكون مصلحة الوطن هي العليا كما هي في حقيقة الرؤية الملكية.
Nashat2000@hotmail.com


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد