المرأة في مجتمع الذكور

mainThumb

06-12-2008 12:00 AM

سألته:- من أول من يفر من زوجته يوم القيامة ؟

أجاب بلا تردد :- أنا

قلت وأنا أضحك من فورية الإجابة :- أنا لا أقصد المزاح بل هو سؤال ورد في إحدى المسابقات .

فقال بلهجة تنم عن معرفة الواثق :- إنه سيدنا لوط عليه السلام ومن ثم أنا .

ثم أردف :- وهل ستلحق بنا أكوام الهم تلك إلى الآخرة , إني أفضل أن أذهب إلى الجحيم على أن ترافقني إلى الجنة .

ضحكت كثيرا لإصراره وأسلوبه الحانق وقلت له :- ما بالك يا رجل متحامل على المرأة إلى هذا الحد انهن ازهار في بساتيننا المشوكة.

قال :- أبالك ستقنعني أنك سعيد بزواجك , وأن زوجتك لا تعكر صفو حياتك

قلت :- انا لم أقل ذلك ولم أدع أن حياتي الزوجية كلها سعادة , إن ذلك أصلا لا يجوز , ثم إنك كيف ستعرف معنى السعادة إذا لم تشب حياتك بعض المنغصات , إن أشياء الطبيعة مبنية على جمع المتناقضين ,

عندها فتح لي قلبه وفتح علي فمه ولم يغلق الثاني إلا بعد أن أفرغ كل ما الأول , قال كلاما كثيرا , لم يترك شاردة ولا واردة من قصص زوجته النكدة إلا أحصاها , لم يترك لها سترا ألا وكشفه , لسانه لا يتوقف , ويداه كذلك حتى أني صرت أتحاشى أن يطالني رشق يديه , وأحسست انه أصيب بالإنهاك لفرط انفعاله .

قلت :- إن المرأة إما تسعدك أو تصنع منك فيلسوفا .

قال :- كيف ؟

قلت :- سأسمعك قصة أرسطو ( أو ربما هي قصة سقراط لست أذكر ) مع زوجته والتي قد تكون صاحبة الفضل فيما وصل اليه الرجل من فلسفة وشهرة .

(( فقد كان لسقراط زوجة سليطة اللسان طويلة اليد ,دائمة التنكيد , وفي ذات صباح دافيء مشمس عقب ليل ماطر , جلس سقراط في فناء الدار مستمتعا بدفء الشمس ماغطا ساقيه على العشب مستغرقا في القراءة والتفكير بينما زوجته تغسل الثياب في طشتها الفخاري بالقرب منه , وتغرقه بسيل من طلباتها التي لا تتوقف كلسانها, (من الخضار واللحمة والجبن والماجي... , إلى زر النيلة وخيط الفتلة و .... وانته شو مسويلي ... روح شوف أبو فلان كيف مدلل مرته.. وأخيرا انا اليوم مش طابخة لأني معزومة عند الجارة!!! ) . وسقراط لا يستمع لما تقول لاستغراقه في القراءة والتفكير .. علا صوتها فلم ينتبه الرجل .. فاستشاطت غضبا وسكبت عليه وعلى كتبه ماء الغسيل. فنظر إليها بهدوء وقال ... أبرقتِ وأرعدتِ فمن الطبيعي أن تمطرين ))

قال :- إن زوجة سقراط ليست إلا غيمة في سماء زوجتي , أتريد أن تسمع ما قلته فيها من شعر .

وقبل أن أوافق راح يقول :- كنت أبحث ... عن طيف امرأة يأسرني حتى في الحلم

عن وجه امرأة لا يعرف مفردة الغم .... يا كابوسا يسرق مني طعم النوم

يا امرأة ثعبث بحياتي ... تتدحرج في أرجاء البيت ككومة هم..

تنقث في جسدي المنهك همسا كالسم

قلت مازحا:- لقد تحققت نبوئتي فيك , فها أنت اصبحت فيلسوفا و شاعرا ايضا .

ثم تابعت جادا :- لماذا لا تكون انت هو من جعل حياتها مأساة حقيقية وأصدقك القول إني أميل لهذا الاعتقاد , فنحن في مجتمعات الشرق نغبن المرأة بما ورثناه من قيم مجتمع ذكوري حتى النخاع , إني لا أطالب أن تصبح المرأة في مجتمعنا كما هي في مجتمعات الغرب متحررة من كل القيود , ولكن أن لا نغرس في وجدانها منذ طفولتها أن أخاها أفضل منها , فنميزه عنها بالتعليم وغيره , نزوجها في سن مبكرة لنتخلص من تبعات عيشها ,أولم تزل المرأة في بعض مجتمعاتنا تزوج رغما عنها ,فتذبح في فراش العرس كالحمل الصغير؟ , نغضب منها إذا طالبت بميراثها ونخاجلها للتنازل لنا عن حقها فيه , بحجة أنها ستعطيه للغرباء , والغرباء هؤلاء هم أبناءها وزوجها !!!.لماذا نغض الطرف عن ابننا إذا ارتكب الخطيئة ونشكك في ابنتنا حتى ولو ذهبت لزيارة صديقتها ؟ حتى صارت هي مقياس الفضيلة والرذيلة , أما الذكر فلا .

ثم تابعت الكلام كيلا يسرق دوري فيه فقلت :- أولسنا نحن الذكور هم من صنع من المرأة في مجتمعنا عبئا اجتماعيا يثقل كاهلنا وكاهل المجتمع أن كانت كذلك ؟ حتى أصبحت المسكينة تمارس دورا ذكوريا على نفسها وبنات جنسها؟ أولا تفرح المرأة بإنجابها مولودا ذكرا أكثر مما تفرح للأنثى ؟ نحرمها من أقل حقوقها ونطالبها أن تنتج لنا أجيالا واعية ؟ إننا كل هؤلاء وأكثر ,والحديث في الموضوع يطول .

ولكني سأسمعك أنا هذه المرة ما قلته في المرأة :-

قال :- هات

قلت :-

يا امرأة ولدت في نجمة ...

جاءت من أسوار الليل

كشهاب يخترق العتمة

انبثقت مع خيط الفجر .

وأزقة صبح لا يرحل أبدا

لتنير طريقي...

وتبدد من ليلي الظلمة

 

نظر صديقي إلي بازدراء, هز رأسه دلالة عدم رضاه وقضم بأسنانه أطراف شاربيه ,ثم غادر تاركا الباب مفتوحا على مصراعيه , وانا سأتركه كذلك ...... .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد