"شيطانهم" في التفاصيل

mainThumb

13-12-2008 12:00 AM

لربما يلفت النظر أن يوجه نائب بحجم النائب ورئيس الوزراء السابق والسياسي المحنك عبد الرؤوف الروابده سؤالا الى الحكومة، خاصة إذا ما كان هذا السؤال يوحي بالبحث عن أوجه فساد معين من المحتمل أن يكون قد وقع في مكان ما أو بسلوك ما من قبل مسؤول أو مسؤولين معينين، فهذا يشير الى أن الروابدة لربما يملك معلومات مهمة في تلك القضية التي يسأل عنها ويريد أن يحصل على الإجابات من الحكومة علما بأن الإجابات، كما هو مفترض، أنها لديه أصلا، ومن البديهي أن يقال أن الروابدة يريد من توجيه السؤال الضغط على الحكومة لتحقيق مكاسب سياسية ما هي إلا في ذهن الرجل على وجه التحديد لا أكثر، لكن ما هو مستغرب أن تأوّل كل القصة من قبل البعض لإدارة معركة هم خسروها اصلا، وإذا ما سأل سائل من هم المقصودون بـ "البعض" فالجواب ببساطة أن هؤلاء من كانوا يقفون حتى وقت قريب في الجانب النقيض للدولة، ولن أقول هنا المعارض لأن المعارضة بمعناها الوطني تعمل لصالح الوطن لا ضده، وأردت إستخدام كلمة "نقيض" حتى لا أقع في شرك "التخوين" لأن الوصف قاس ولربما يعود هؤلاء يوما الى رشدهم خاصة وأن الاردن دائما يتبع سياسة "العقل" مع الجميع ولم يحدث أن دخل في معركة كسر عظم مع أحد، فهؤلاء البعض يريدون أن يتصيدوا في قصة سؤال الروابدة "المربك"، حسب وصفهم ، حتى يعيدوا أجواء المعركة التي كانت سائدة قبيل إجراء التعديلات الأخيرة التي، يقولون، انها أطاحت برموز "الليبراليين" من مواقع مسؤولية حساسة، الى صدارة المشهد السياسي الأردني، وهم بذلك يريدون "إرباك" حالة الإسترخاء السياسي في الاردن والتي سادت أساسا منذ إجراء تلك التغييرات، وليس هنا من شماتة بطبيعة الحال بقدر ما هي قراءة محايدة للمشهد السياسي الأردني.

الغريب أن هؤلاء يريدون أن يفهموننا أن هدف سؤال الروابدة هو الضغط على الحكومة للرد على الهجوم الذي يشنه عليه "مستجدو السياسة"، وفي هذا طبعا حالة تشبيه لبعض تفاصيل المعركة التي كانت دائرة حتى قبيل إجراء التعديلات الأخيرة، وإذا ما عدنا بالذاكرة قليلا الى الوراء، فسنجد أن بعضا ممكن دخلوا في تلك المعركة ضد "الليبراليين" في الأساس هم من حلفاء الروابدة، فكيف إذن يريدون أن يفهمونا أن المعركة تدور الآن بين هؤلاء أنفسهم من جانب والروابدة من جانب آخر على إعتبار أن الروابدة أصبح بديل "الليبراليين" الآن!! ما هو واضح، أن نار هؤلاء لم تنطفئ بعد وأنهم غير راضين إطلاقا عن نتائج المعركة ولا يريدون أن يعترفوا تحت أي ظرف بالخسارة، وهم من نارهم ما زالت مشتعلة تحت الرماد وليس نار أي كان، ولعل محاولة إستغلال قصة الروابدة ومحاولة إشعال معركة بين نواب وأقطاب سياسية في البلد من خلال دس السم بالدسم للإنتقام للخسارة والخاسرين، تؤكد هذه النتيجة، وعليه فإن الوعي بالتعاطي مع هؤلاء ضروري وهام ذلك أنهم لن يتوانى عن إشعال أي معركة، ليست موجودة أساسا إلا في أذهانهم، حتى يعيدوا أجواء التوتر الى البلد، وإذا ما سلمنا أن وعي عبدالرؤوف الروابدة السياسي والوطني تحميه من جعل نفسه الشخصية التي يمكن أن ينفذ هؤلاء من خلالها الى مبتغاهم، فالأولى أيضا أن ينتبه آخرون الى ذاك الشيطان الكامن في تفاصيل ما يقولونه وما يكتبونه حتى لا تكون العواقب وخيمة إذا ما أنجر أحد خلفهم.
 Nashat2000@hotmail.com


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد