قبلة الوداع .. !!

mainThumb

15-12-2008 12:00 AM

كنت في إحدى المرات أتحدث و صديق لي حول فلسفة القدر .. فقال لي ( قدرك ... حيث تقرر أن تكون ) ...!! نعم فنحن نعلق على شماعة القدر تكاسلنا و تقاعسنا و هزائمنا ...!! و دائما ما نطيل التفكير في مخاطر أي سلوك قد نتخذه و نضع المعوقات و التبريرات التي توجهنا وجهة غير التي نريد ..!! ذلك لأن عزمنا هش و بضع كلمات أو قل حفنة من الدراهم قد تقلب الموازين و تجعل الشر خيرا و الرذيلة فضيلة و الجلاد أبا حنونا ...!!

لقد تذكرت كل هذا الكلام و اكتشفت عجزي و نحن للأسف الشديد في الشرق نفتخر بأننا مجتمع ذكوري يخشى الحديث عن العجز ....!!

أقول تذكرت هذا الكلام و أنا أشاهد بطلا من أبطال العراق العظيم يودع الفاتح العظيم ( بوش ) بقبلة لن ينساها له التاريخ ...!! ربما أخطأت القبلة هدفها و هذا أفضل لها ... لكنها لم تخطئ المكان و لا الزمان ..!!

لقد كان التاريخ حاضرا في تلك اللحظة ..!! كان خجلا و هو يسجل لحظات الوداع الأخير لـ ( بوش ) بين أحضان اللاهثين خلف السلطة ...!! لكنه ما لبث – أي التاريخ – أن رفع رأسه عاليا ..شامخا كما كان ليسجل تلك اللحظة و لتكن في السطر الأول من صفحاته ... ليعيد الذاكرة التي يحاول الجميع أن يحطمها .. ليذكرنا - و ما كنا لننسى – بالعراق العظيم الذي قدم شهداءه لنصرة أمته و الذي عانق مجده السماء ...!! أنه العراق الذي هو كنخلة لا ينحني أبدا ...!! ظن ذلك الفاتح العظيم أنه ببضع كلمات قد يعتذر للعراقيين عما اقترفت يداه ... ظن أنه سيستقبل بالورود لكونه المخلص و الصديق العزيز ...!!

نسي أن هذا البلد أنجب الماجدات اللواتي يتطهر الفرات من طهرهن .. و أنجب الشرفاء الذين امتزجت في قلوبهم الشدة و الحب لأمتهم و لرسالتها المجيدة ...!!

نعم .. لو أن ذلك البطل العراقي علق شعوره بالانهزامية على شماعة القدر لجلس مع من جاءوا و لكانت بالنسبة إليه كصحفي إنجاز أن يسأل الرئيس الأمريكي سؤالا أو يصافحه أو حتى يكون و إياه في ذات المكان ...لكنه القرار الحازم و العزيمة التي ليس فيها تردد في أن نقول الكلمة دون وجل أو خوف ... دون أن نكترث كثيرا للمخاطر التي قد تثنينا عن لحظة تاريخية من الصعب أن تتكرر ...!! إذن هو قدرنا الذي نختاره نحن و نحن نقرر أين سنكون ...!! و يذكرني هذا الحدث الذي أنعش ذاكرتي .. بتأميم قناة السويس ..حينما قرر السيد الرئيس جمال عبد الناصر تأميمها ... كانت تقارير العقلاء و الذين يستندون إلى التسلسل الرياضي و المنطقي بأن تأميمها قد يجلب الويلات لمصر و لكنه القرار المصيري الذي يجعلنا رقما صعبا في معادلة السياسة الدولية ...!!

و كذلك تأميم شركات النفط في العراق التي احتاجت في ذلك الوقت قرارا وطنيا خالصا يصون السيادة و يحقق الاستقلال الفعلي للدولة ...!!

فلو أخذت المخاطر بالحسبان لبقينا لغاية الآن نضع المعادلات و النظريات و سنخرج لنكون رقما على الهامش ليس له معنى و ربما مكتوبا بالقلم الرصاص و حتما ستمحوه الأيام ...!!

هنيئا لهذا البطل هذه اللحظة التي سطرها التاريخ بخيوط الشمس و رائحة ثرى العراق الطهور ...!! تحية إجلال و إكبار لشرفاء و شهداء العراق العظيم ...!! هذا هو العراق و هذه هي الحرية و هي لحظة عانق فيه ( منتظر ) المجد و أثلج صدور الكثيرين من بني يعرب الذين أوشكت عزيمتهم أن تخور ...!!

قد يقول الكثيرون أنها ليست بالشيء الكثير ... لكنها كانت قبلة وداع ... وما أجملها من قبلة ...!!
fugara2006@yahoo.com


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد