الإفصاح في الإصلاح

mainThumb

16-12-2009 12:00 AM

د. عبدالله عزام الجراح

كتاب التكليف السامي لحكومة السيد سمير الرفاعي يحمل في طياته الكثير من الملفات, ذات الأعباء الثقيلة التي على الحكومة أن تنتهجها وتتبناها لتصل إلى طموحات سيد البلاد بإصلاح سياسي حقيقي شامل, يقود إلى نهضة ديمقراطية ومشاركة مجتمعية حقيقية ملموسة.

الدعوة إلى الإصلاح السياسي رحلة لها بداية ولا نهاية لها, رحلة يجب أن تنطلق من مبادئ الدولة الأردنية الحديثة, والتي تلعب دورا محوريا هاما في المنطقة العربية, من حيث أنها تشكل مشروعا أنموذجا لدولة ديمقراطية, في منطقة أحوج ما تكون إلى الاستقرار والتقدم والتطور.

مشاريع وبرامج تعزيز الديمقراطية لا يمكن أن تتحقق أو تتقدم دون مشاركة المواطنين على اختلاف مذاهبهم السياسية, بعيدا عن المصالح الشخصية أو الحزبية الضيقة, أو الانتماءات الدينية العقدية المتشددة, والتي لا ترى في الإصلاح والدعوة للإصلاح إلا وسيلة لوصولها إلى السلطة, وتنفيذ برامجها وأجنداتها الخاصة. ولا ترى في مشاركة المواطن في صنع القرار, إلا فرصة لإثارة النعرات والخلافات بين المواطنين, وتشويه أفكارهم وتسميم معتقداتهم وتأليب الرأي العام.

الإصلاح السياسي ينبغي أن ينطلق من تقييم موضوعي شامل للواقع السياسي المعاش, تقييم صادق في أدواته وصادق في مسعاه. الإصلاح السياسي ينبغي أن يبدأ من المواطن وينتهي إليه, فالمواطن هو أساس التمنية والإصلاح, وأي أصلاح لا يأخذ بعين الاعتبار حاجات المواطنين وتطلعاتهم واهتماماتهم إصلاح سيكتب له الفشل لا محالة.

الانتخابات النيابية الحرة النزيهة والشفافة والمعبرة عن طموحات قائد البلاد, وتطلعات المواطن الأردني ستكون الطموح الأكبر الذي تسعى الحكومة إلى انجازه والاختبار الأصعب والأعقد لمصداقية الحكومة في سياستها الإصلاحية بعد ربما اقل من سنة على كتاب تكليفها السامي. وضع قانون انتخاب حديث يراعي متطلبات العمل الديمقراطي الحر, ويراعي أبجديات الدولة الأردنية الحديثة والمجتمع الديمقراطي. قانون انتخاب عصري يحمي إرادة المواطن الأردني من التشويه والإفساد, سيكون المفتاح الذي يطلق الحريات العامة, ويطلق حريات المواطن الأردني في اختيار من يمثله في المجلس القادم, ويجعل الديمقراطية الأردنية الشابة تسير بخطى واثقة نحو المزيد من المصداقية والموثوقية والتجذر.

الاصطلاح السياسي يحتاج إلى وقت وجهد ومصداقية وعزيمة وتضحية من قبل الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني, كما يحتاج إلى زيادة وعي المواطنين بأهمية دورهم ومشاركتهم, وتأهيلهم ليكونوا فاعلين في اتخاذ القرار. الحكومة لا تستطيع أن تحول الناس إلى ديمقراطيين بمجرد الحديث عن الديمقراطية, ودعوتهم ليمارسوا حقهم في الاختيار والانتخاب والتعبير عن الذات دون أن تقدم أدلة دامغة عن صدق نواياها ولتكسر حاجز الخوف والقلق الذي شيدته بعض الممارسات الحكومية السابقة والتجارب الديمقراطية الفاشلة هنا وهناك. الحكومة مطالبة بتفعيل مشاركة المواطنين وحماية إرادتهم لتسير رحلة الإصلاح السياسي في طريقها الصحيح وبمقوماتها التي لا يمكن أن تسير أو تتقدم بدونها, وليكون الإصلاح الذي نتحدث ونحلم به هو ذاته الإصلاح الذي نلمسه ونعيشه.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد