جراح الطفولة تبكي ألم الضرب والإهانة

mainThumb

20-12-2009 12:00 AM

فراس البطوش / سلطنة عمان

تمثل ظاهرة العنف المسيئة ضد الأطفال في أردننا العزيز ما يشبه صورة من الروايات المرعبة التي كثيراً ما تظل محبوسة في صدورنا, إذ يُست?Zخدم العنف وعن قصد سافر ضد أضعف أفراد المجتمع وأعجزهم عن حماية أنفسهم، وهم الأطفال في مواقع متعددة كالمدارس,المصانع والشوارع والمخيمات...الخ

في الآونة الأخيرة تداعت إلى مسامعنا أخبار عنف أسري غريبة كانت أشبه بالصدمات التي روعتنا وهزت ضمائرنا ووجداننا

فهذا طفل ملقي بقرب حاوية لا يتجاوز عمره اليوم بشكل متكرر في زقاق العاصمة! وذاك اب يلقي بطفله من فوق السرير فيسبب له نزيف دموي في الدماغ،وعلامات تعذيب اخرى على جسده فيغادر الحياة, طفل آخر،يصاب بشلل دماغي، وفقدان حاستي السمع والبصر، إثر نزيف دموي في الدماغ,ومصرع طفل نتيجة إلقاءه على الأرض من قبل والده,وآخر يهدد بقتل أطفاله بسبب الفقر ويسلمهم لحماية الأسرة ويطعن ألب نفسه بعد أيام, وثمة أب يعذب بناته تعذيباً شديداً ويمارس عليهن أشد صنوف القهر الأسري,واخر يسجن طفلته في غرفة مظلمة,هذه عناوين تشكل جزءا من فيض تطالعنا بها الصحف والتي تشكل انتهاكًا صريحًا لحقوق الطفل.

فظاهرة العنف الأسري ضد الأطفال ظاهرة خطيرة جدا تجتاح كل المجتمعات,وهي ظاهرة تخالف الفطرة الإنسانية وعقيدتنا السمحة ولا سيما اذا كان العنف من اب او ام.

بات الأطفال يواجهون أنماطًا من العنف الذي قد يصل إلى الوحشية والجريمة والتي تعتبر أسوأ وجوه العنف ضد الأطفال، حيث يكون مرتكب جريمة العنف سواء كان بالضرب أو اللفظ أو التعرض لفعل منافي للآداب تجاه الأطفال يزداد يوما بعد يوم، لا بل لا يمر بوم دون ان يسمع عن جريمة بحق طفل أو طفلة.

قال الله سبحانه وتعالى في سورة الأنعام: {و?Zل?Zا ت?Zقْتُلُوا أ?Zوْل?Zاد?Zكُمْ مِنْ إِمْل?Zاقٍ ن?Zحْنُ ن?Zرْزُقُكُمْ و?Zإِيّ?Zاهُمْ (151)}.

وقال سبحانه في سورة الإسراء: {و?Zل?Zا ت?Zقْتُلُوا أ?Zوْل?Zاد?Zكُمْ خ?Zشْي?Zة?Z إِمْل?Zاقٍ ن?Zحْنُ ن?Zرْزُقُهُمْ و?Zإِيّ?Zاكُمْ إِنّ?Z ق?Zتْل?Zهُمْ ك?Zان?Z خِطْئًا ك?Zبِيرًا (31)}.

"فقدم رزق الآباء في الآية الأولى على الأبناء: [ن?Zرْزُقُكُمْ و?Zإِيّ?Zاهُمْ]، وفي الثانية قدم رزق الأبناء على الآباء: [ن?Zحْنُ ن?Zرْزُقُهُمْ و?Zإِيّ?Zاكُمْ]؛ وذلك لأنّ الكلام في الآية الأولى موجه إلى الفقراء دون الأغنياء، فهم يقتلون أولادهم من الفقر الواقع بهم. وفي الآية الثانية الخطاب لغير الفقراء وهم الذين يقتلون أولادهم خشية الفقر، لا أنهم مفتقرون في الحال، وذلك أنهم يخافون أن تسلبهم كلف الأولاد ما بأيديهم من الغنى,وهذا يفيد ضمان الرزق بعد أن تكفّل به الحقّ سبحانه.

هل نحتاج لأنطمة جديدة تحمي أطفالنا منا؟ وهل آن لنا أن نعترف بحقوق الطفل، مثلما نتشدق كثيراً عن حقوق الإنسان وحقوق الطفل والاتفاقيات المرتبطة به والتي من المفترض أن توفر له حماية كاملة؟ إذ تنص اتفاقية حقوق الطفل، التي صادقت عليها كل دول العالم، على إلزام الحكومات بحماية الأطفال من كل أشكال العنف المادي والمعنوي. إلا أن ملايين الأطفال ما زالوا يعانون من العنف والإيذاء؛ وكثيراً ما يُنظر إلى أعمال العنف في هذا الصدد على أنها حوادث مؤسفة ولكنها فردية منعزلة وليست ظاهرة عالمية تستدعي ردود فعل دولية متضافرة...أضف إلى ذلك أنه العنف والجرائم التي تنتهك ضد الاطفال في اردننا الغالي لاتزال مستمرة بسبب السكوت عنها والتقاعس عن اتخاذ إجراء حيالها؛ فقد وجدت منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" في حالات تعرض الأطفال للانتهاكات البدنية أن مرتكبي هذه الانتهاكات يفلتون من العقاب في كل الأحوال تقريباً.

وإذا كان مرتكبو العنف الأسري في بعض الشعوب والعصور الغابرة يذبحون أطفالهم ويقدمونهم قرابين للآلهة أو يعتبرونهم من ممتلكاتهم الخاصة أو بمثابة العبيد، أو يقتلون أولادهم بناتهم خوفًا من العار؛ فإن جرائم العنف المرتكبة حديثًا بأيدي الآباء والأمهات ضد أطفالهم لا تقل بشاعة! فماذا نحن فاعلون؟

نهايةً يمكننا القول أننا عندما نمارس العنف ضد أطفالنا نتجاهل و ننسى أننا لا نعتدي على هذا الطفل فقط بل نعتدي على مستقبل بأكمله.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد