واقع مدارسنا .. والنظرة الشمولية للتغيير

mainThumb

20-12-2009 12:00 AM

فيصل تايه

لا يدرك البعض الدور الريادي الكبير الذي يمكن أن يقوم به مدير المدرسة .. بغية تحسين الأداء وتحقيق كافة أهداف وغايات التربية والتعليم .. فالمدير الناجح هو همزة الوصل بين متطلبات التربية و التعليم وبين احتياجات النسيج الاجتماعي المستهدف من العملية التعليمية والتربوية ومهدٌ للكثير من التطلعات المجتمعية .. فضلاً عن أن إدارته التربوية هي حجر الزاوية في العملية التربوية التعليمية برمتها، فهي تتعاطى وتتعامل مع المعلم وبنفس الوقت مع الطالب وأولياء الأمور.

واقع مدارسنا والنظرة الشمولية للتغيير .. فنحن نريد مديراً قادرا?Zً على العطاء وفق النظم التعليمية المحدثة والمعصرنة ولديه فقه بالإدارة .. فهو القائد الميداني الملامس لواقع مدرسته يفهم جيدا ما هي احتياجاته ويعي تماما طموحه وآماله .. ويتجه نحو الارتقاء والتحديث لإدارته المدرسية وفق رؤى حديثة للتربية والتعليم الحديث .. يتحلى بقيادة إستراتيجية .. لتنطبق على مدرسته معايير المدرسة الواثقة .. إذا ما أخذنا في اعتبارنا أن التربية والتعليم في حياة الأمم والشعوب ذات أهمية بالغة وبحاجة دورية للتطوير والتحديث.

أن آفة التربية والتعليم ليست بالإدارة المدرسية.. فالبعض يرجح أن كافة الاختلالات والإضطرابات في العلمية التعليمية والتربوية يعود لها .. فإذا توجه اهتمامنا إلى العناية والرعاية بتلك الإدارات بتدريبها وتأهيلها في مجال استثمار الوقت وفن التعامل مع الآخر ومعالجة جوانب خللها فنيا وأكاديميا وتحديثها وفق رؤى شمولية فأننا بحق سنستطيع محاصرة تلك الاختلالات والاضطرابات والقضاء المبرم عليها وفق آليات عمل مبرمجة وممنهجة قادة على التعاطي معها بكل جرأة وشفافية وموضوعية.

فلا نستطيع الجزم بأن ثمة إدارة مدرسية لديها طموح وآمال عريضة تسعى إلى تحقيق أهداف وغايات التربية والتعليم تحقيقاً تاماً .. فالمسؤولية كبيرة .. بل إن التعاطي مع مجتمع المعلمين ومجتمع الطلاب وأولياء الأمور ليس بالعملية السهلة أو البسيطة .. بل حقيقتها غاية في التعقيد .. فهي بحاجة الى سعة من الصدر وعقلنه وقلب كبير .. وبالمقابل هناك أخطاء جسيمة على القيادات التعليمية والتربوية العليا وتقع تبعاتها على العملية التعليمية التعلمية .. وكضرورة حتمية لا بد من تداركها وأهمها يكمن في اختيار وانتقاء مدراء ومديرات المدارس .. إذ يخضع التعيين اغلب الأحايين إلى المحسوبيات فيتصدر مدراء ومديرات المدارس .. ولم تكتمل بعد مسألة تأهيلهم وتعليمهم لقيادة هذا المنصب الخطير الذي يؤثر تأثيراً مباشراً على النشء الذي نريده متحملاً لمسؤولياته تجاه نفسه أولاً وأخيرا وتجاه من حوله ثانياً ليصبح عنصراً فاعلا في مجتمعة .. لا عنصرا ساكنا خاملا لا يرجى منه المتأمل .

إن المسؤولية المناطة على القيادات التعليمية والتربوية جسيمة وعظيمة لذلك ينبغي السعي إلى عقد الدورات اللامركزية لمدراء ومديرات المدارس بشكل مكثف من أجل أن نتخلص من هموم التربية والتعليم من خلال مقررات ومناهج تعليمية تأهيلية تتواصل مع العطاء الإداري الحديث في عالم العولمة وكسر الحواجز في واقعنا التعليمي والتربوي الملبد بالغيوم إن صح التعبير.

إننا نراها حقيقة بأن الإدارة المدرسية اليوم في مسيس الحاجة إلى الاهتمام والرعاية من قبل القيادات التعليمية والتربوية العليا فإذا ما أردنا أن ننقذ الوطن فإن علينا أن نحدد معايير واضحة لاختيار مدراء ومديرات المدارس في مرحلة التعليم الأساسي والثانوي من أجل أن نخرج من أزمتنا الحالية وان لا تلقي أيضا ً المسؤولية كاملة على مدير المدرسة الذي يحمل عبئا ثقيلا - أعانه الله - بل تحتاج لمسؤولية تشاركيه على الجميع تحمل مسؤولياته تجاهها..

وإذا ما أردنا التطلع إلى واقع حال مدارسنا بمزيد من التدقيق والتمحيص نجد أن دور مدير المدرسة أصبح حاليا منصب على مراقبة أداء المعلمين دون السعي إلى تطويرهم أكاديميا ومهنيا .. ولا ننسى أن هناك شريحة واسعة من الزملاء المعلمين الذي ما زالوا في أوج عطائهم ولديهم المزيد ليعطوا فكم كنت دائما أدعو الله العلى القدير أن يكون في عون المعلم الذي يعطي بصمت وبدون شكوى لا يكل ولا يضل ولا يمل وإن كلّ?Z فراحته ساحة عطائه بين طلبته ولكنه لا يضل أبدا ولا يمل .. يسعى لينير العقول والقلوب والدروب فلا يشكو لأحد مصائبه التي حلت به وما أكثرها وما أعظمها!!!

كنت دوماً أتذكر زملاء لنا ممن خدموا في سلك التربية والتعليم كمدراء مدارس أو معلمين فهم مثلاً يحتذى في العطاء فلم يخرجوا من سلك التربية الا بعاهة صحية مستعصية مزمنة من شلل وأمراض قلب وسكر وضغط وكلى وغير ذلك ..... وبدون أن يشعر به أحد سوى أنه أحيل على التقاعد وانتهت سنوات خدمته ليرقد على سرير الشفاء من تراكمات ماضيه التليد ..

وهناك أصوات تربوية ما زالت على رأس عملها تمتلك آفاق واسعة ونظرة تربوية شمولية تحديثية فإن رفعت صوتها مطالبة بإنصافها ومساندتها وليس الحق مقيدا .. ولا همها في راتب آخر الشهر .. إذ ليس حتف المرء بفقدان رغيف الخبز بل حتفه بفقدان القيم والمبادئ بل مطالبا بالتجديد والتطوير بدون فائدة ترتجى ينتظره الإحباط المحتوم أو غير ذلك من سلم الاتهامات وهو الذي لربما يقع ضحية لدكتاتورية بعض المسؤولين والأمزجة المتقلبة للموجهين والمشرفين وقمع هذا وذاك.

أنني لا أدعي زوراً وبهتاناً .. فواقعنا كتربويين واقع ملموس وليس خفية على أحد .. فهو بحاجة إلى مراجعة دقيقة من أصحاب القرار في وزارة التربية والتعليم .. خاصة معايير التعيين والتوظيف فهي فعلياً تحتاج إلى مراجعة سريعة. فنسبة التحصيل عند طلابنا وطالباتنا متدنية خاصة في مجالي القراءة والكتابة .. ودورات إعداد المعلمين لا تؤتي أكلها بالشكل المطلوب وعليها الكثير من التحفظات . وهناك الكثير من المشكلات التي يعاني منها المعلمون وخاصة الجدد منهم الذين في أمس الحاجة إلى الدور الإشرافي والتوجيهي .. وتبقى تلك المشكلات بدون أدنى الخطط لعلاجها .

كذلك فإن التسيب في بعض من مدارسنا على أشده والتسرب المدرسي ترتفع نسبته عاما بعد عام لتزداد جيوش محو الأمية بدون أن توضع خطة واحدة لعلاج هذه المشكلة بل إن بعض المدارس لم تعد أصرحه للعلم بل أصبحت ثكنات عسكرية لقمع طلابنا وجلدهم وتيئيسهم .. بل إن بعض زملاءنا المعلمين يشعرون بالضغط والإرهاق فهم ما بين منهاج مجبور على التعامل معه بالكم وليس بالكيف وما بين المتابعة المضنية والميكانيكية من المسؤولين وأصحاب القرار وبين تصرفات البعض من الطلبة والأهالي وما بين الضغوط اليومية والمعيشية التي يعيشونها ؟

إنني أدعو المسؤولين ومن منطلق الحرص على مصلحة أبنائنا متابعة كافة هذه الأمور فهناك حقائق أكثر مرارة إن كنت ترغب في رفع مستوى المعلم والطالب وإعادة النظر بالعملية التعليمية القائمة !!!

إنني أنصح بضرورة التأني وبالمزيد من التدقيق والشفافية في تعيين المعلمين ومدراء المدارس والمشرفين وغيرهم وكل من له علاقة في ميادين العمل التربوي والتعليمي إذ كيف يمكن أن نفهم حرص الوزارة على تعليم أبنائنا وليس هناك بديلا في مدارسنا عن إعطاء الصفوف الدنيا لمعلمين أقل ما يقال عنهم أنهم ليسو على كفاءة لذلك .. تجد الضعف التراكمي بارزا عند أبنائنا في الوقت الذي تعطى تلك الصفوف لأكفأ المعلمين في مدارس أوروبا .. وتجد راتب المعلم هناك يزيد عن مرتب أمين عام الوزارة ولا يعمل أكثر من عشر سنين ثم بعد ذلك يحال على التقاعد لأن صلاحية استعماله قد انتهت هذا هو الواقع . ثم إن هناك ضعفا واضحا في ثقافة بعض المعلمين وفي رؤيتهم العلمية وفي آفاقهم التربوية وفي قدراتهم على التفاعل مع الطلاب والمحيط من حولنا

فليعذرني زملائي فما أردت سوى الوقوف على أعتاب بعض ما نعانيه جميعا

فكل الحب إلى كل يد مخلصة تأبى إلا العطاء ارضاءا لله عز وجل ... أعاننا الله على تحمل المسؤولية ..

Fsltyh@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد