التلفزيون والتربية .. صح النوم

mainThumb

04-02-2010 12:00 AM

موسى إبراهيم أبو رياش

رغم أننا مررنا بالظروف نفسها عشرات إن لم يكن مئات المرات، إلا أنه يبدو أننا لم نتعلم شيئاً مما سبق، وكأنها تجربتنا الأولى في خوض غمار معمعة المطر والثلج والطين.

مناسبة هذا الكلام، أنه رغم التوقعات المسبقة بالظروف الجوية التي أثرت على المملكة فجر الخميس، والتي من المؤمل أن تستمر عدة أيام، إلا أن ردة الفعل كانت بطيئة جداً، ولا تتوافق مع الظروف المؤثرة التي يفترض أن نتعامل معها بجدية وعلى أعلى مستوى من الجاهزية والكفاءة.

التلفزيون الأردني كان غايب فيله، وكأن الأمر لا يعنيه، وخاصة صباح الخميس، فكانت برامجه كالمعتاد، حتى الأطفال كرهوا برامج الأطفال. وانتظر المواطنون طويلاً أن يظهر الشريط الإخباري ليحمل لهم أخبار الطرق وحالة الطقس ودوام المدارس دون جدوى. وفي نشرة السابعة تم تناول حالة الطقس والطرق، وكانت للأسف متباينة بين كل من دائرة الأرصاد الجوية والأمن العام والدفاع المدني والأشغال العامة، ففي حين أشارت الأرصاد الجوية إلى سقوط ثلوج خفيفة غير متراكمة على مناطق الجنوب، أكد الأمن العام والدفاع المدني حدوث تراكم على طرق في الجنوب، وأكد وزير الأشغال ذلك بمزيد من الطرق المغلقة وأن آليات الوزارة تعمل على فتح الطرق، وصعوبة ذلك في بعض المناطق.

وفي الأثناء لم تتوافر خلال النشرة أية صورة إخبارية، وبقيت صور المتحدثين الجامدة هي الثابتة على الشاشة، مما يدل أن النوم ما زال مسيطراً على طواقم التلفزيون، وأن دوامهم الرسمي لم يبدأ بعد، مع أن المرجو من التلفزيون الأردني أن يكون سباقاً لنقل الصورة والخبر، ووضع المشاهدين في صورة الوضع في كافة أرجاء المملكة، كون الجميع بانتظار معرفة الحالة الجوية وحالة الطرق ليتخذوا قرارهم بالخروج من عدمه. ولا ينفع أن تؤخر الأخبار المنتظرة الهامة إلى السابعة صباحاً، كون أغلب الموظفين يخرجون مبكراً وبعضهم قبل السادسة صباحاً، وكذلك طلبة الجامعات والمدارس. وهمسة في أذن إدارة التلفزيون الأردني: في مثل هذه الظروف تختبر قدرة التلفزيون على مواكبة الأحداث، وهذه الظروف بالذات تعمل على زيادة شعبية التلفزيون أو تخفيضها.

وزارة التربية هي الأخرى ما زالت تمارس ترهلها في التعامل مع هذه الظروف، فمع أن التوقعات أشارت إلى تؤثر جميع المملكة بالحالة الجوية وتساقط الثلوج في جميع المرتفعات، إلا إن معالي الوزير فوض الأمر إلى مديري التربية، وكأن تعطيل يوم لجميع الطلبة سيخلخل العملية التعليمية، ويحرم الوطن من إبداعات وابتكارات واختراعات، وكان المفترض أن يصدر الوزير قراره بتعطيل المدارس مسبقاً، وعلى الأقل في وقت مبكر من صباح يوم الخميس، أما أن يترك الأمر إلى مديري التربية فهذا يعمل على ضبابية الأمور، وعدم اتخاذ القرار في الوقت المناسب، مما يجعل من عملية تعطيل المدارس دليلاً على تعطل القدرة على اتخاذ القرار الصائب، ولا أدل على ذلك من أن أول قرار صدر بتعطيل المدارس صدر الساعة السابعة والثلث صباحاً في بعض مديريات الجنوب، بعد أن خرج جميع المعلمين والطلبة إلى مدارسهم، ورجع الجميع بخفي حنين، وضاعت الغاية من عملية التعطيل، ولم يكسب الجميع إلا البرد والتعب وخسارة الوقت والمال والنكد بالطبع. وتوالت عمليات تعطيل المدارس في مديريات أخرى بطريقة تشي بأن الناس في واد ومديريات التربية في واد آخر، وبعض قراراتها يرجعنا إلى ما قبل بدايات القرن العشرين، حين كان الاعتماد على البريد الراجل أو الحمام الزاجل، وإلا ما معنى أن تداوم المدارس حصة أو حصتين ثم تأتيها التعليمات بالتعطيل، مما أربك الجميع، وخاصة الأهالي الذين يوصلون أولادهم إلى مدارسهم ويأخذونهم منها.

أما مناهل تصريف المياه، فرغم الإدعاء بأنها سالكة وتمت صيانتها من بداية الشتاء إلا إن قسماً منها مغلق تماماً، وحدث ولا حرج عن وجود برك المياه في عرض الشوارع الرئيسة، مما يحيل عملية مرور السيارات والمشاة إلى معاناة حقيقية، وتضع مصداقية البلديات ومزاعمها على المحك، وتؤكد أن الكلام يصرف يميناً وشمالاً دون حسيب أو رقيب، ودون رصيد كافٍ من العمل والإنجاز.

الخلاصة تؤكد أننا ما زلنا نتعامل مع مشاكلنا الموسمية بمزاجية ولا مبالاة، دون أدنى احترام لظروف الناس وضرورة أن تصلهم المعلومة المؤكدة في الوقت المناسب، وأن بعض المسؤولين ينامون في العسل، ولا يشعرون بالآخرين الذين يكادون يموتون برداً وبللاً للوصول إلى أعمالهم ومدارسهم، وعندما تقع الفأس في الرأس تصلهم الأخبار متأخرة جداً لا طعم لها، والتي لا تزيدهم إلا أسفا?Zً على وضع يزداد ترهلاً، وما هو في النهاية إلا مشهد من مسرح العبث واللامعقول.

mosa2x@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد