عداء إسرائيل للعرب لا ينفي وجود أعداء آخرين أيضا

mainThumb

27-02-2009 12:00 AM

"كل شخص يأخذ ألعابي و يدمر مملكتي الصغيرة وأحلامي الوردية هو عدوي ! " هذه إجابة كل طفل عن سؤال من هو عدوك؟! فهو يعتبر ذلك الشخص شرير ووحش مدمر و عدوه الوحيد الذي يهدد حياته و أحلامه الوردية. و في المقابل يعتبر من يلاطفه و يعطيه قطعة من الحلويات أو من يأخذه إلى مدينة الألعاب صديقا وفيا. فيحبه ويتمنى كل الخير له و لا يهمه من يكون هذا أو كيف هذا الشخص من الداخل. المهم أمنيته تتحقق لا يهتم بنوايا هذا الفرد إن كانت خبيثة أو طيبة.

حالة الطفل هذه تنطبق على حال العرب في الأمس، اليوم و ربما في الغد. و يبدو أننا رغم كل تجارب الاحتلال القاسية التي عشناها إلا إننا لازلنا لا نستطيع تحديد هوية عدونا! و لازلنا في حيرة من أمرنا ولا نستطيع الجواب إذا سُئلنا من هو عدونا! ولازلنا لا نستطيع تفريق الخيط الأبيض من الخيط الأسود. نعم إن إسرائيل التي تقتل وتشرد و تدمر وتبني المستوطنات و ترتكب المجازر بحق الفلسطينيين الأبرياء و تهدد العرب و إسرائيل التي حولت أحلام أطفالنا إلى كوابيس لا تفارقهم إنها عدو و إن أوهمتنا بغير ذلك فكل هذه الجرائم مكشوفة و ترتكب علنا و على أرض عربية و في مكان محدد و إنها تمثل بالضبط ذلك الشرير الذي يريد تدمير عالم ذلك الطفل بكل وحشية.
ولكن هذا لا ينفي وجود عدو آخر أيضا لا يريد الكثير منا الاعتراف به كعدو رغم انه يكشر عن أنيابه بين الحين والآخر. ولا يريد تصوره بشكل يختلف عن الصورة النمطية التي كوّنها له في ذاكرته و هي صورة وهمية بطبيعة الحال و لا تمت لواقع السياسة والعلاقات الدولية بصلة، هذا العدو هو"الدولة الفارسية".
فإذا نظرنا إلى الأحواز و ما جرى ويجري عليها فسوف نجد نفس جرائم إسرائيل ترتكب هناك لا بل أبشع منها، فمثلما تذبح إسرائيل و تدمر و تضطهد و تجوع وتحاصر و تسرق ثروات الشعب العربي في فلسطين ترتكب إيران الدولة الفارسية الجرائم نفسها في الأحواز و إن بناء المستوطنات في الأحواز أضعاف ما تبنيه إسرائيل من المستوطنات على أرض فلسطين لا بل إن هذه الدولة المحتلة تمنع أكثر من ثمانية ملايين عربي من التعلم بلغتهم و هذا ما لم ترتكبه دولة محتلة أخرى.
فكما تحتل إسرائيل أراض عربية، تحتل الدولة الفارسية أراض عربية كذلك. لا بل إن الدولة الفارسية تطبق أبشع صور الاحتلال و أكثرها تطاولا على حقوق الآخرين، حيث في البداية احتلت الأحواز العربية ثم الجزر الإماراتية الثلاث ثم عملت على تغيير تسمية الخليج العربي و أخيرا و ليس آخرا الادعاء بمملكة البحرين الشقيقة كمحافظة إيرانية. هذا غير اليد الآثمة التي تمتد شيئا فشيئا في الوطن العربي لتزرع الفتن في هذا القطر العربي أو ذاك. لكن رغم هذا مازال البعض منا لا يريد أن يصدق أن إيران تلعب نفس الدور الذي تلعبه إسرائيل ضدنا. يا ترى لماذا هذا الانحياز للدولة الفارسية أو هذا التساهل معها رغم التشابه الكبير في ما بينها و بين الإحتلال الصهيوني؟ لماذا نكن كل الحب لهذه الدولة المحتلة رغم عدائها الواضح لنا؟ هل ضعفنا وصل إلى مرحلة الجري وراء محتل لكي يسعفنا من محتل آخر؟ أم لأن هذه الدولة المحتلة تدعي أنها تؤمن بنفس ديانتنا ( ظاهريا) ؟ أم أن الإسلام قد أجاز أو فرق ما بين احتلال مسلم و آخر كافر؟
في النهاية أعتقد أنه علينا أن لا نكون كالطفل الذي لا يستطيع التفريق مابين العدو و الصديق لمجرد حلمه في امتلاك قطعة الحلويات! و علينا أن نتصدى لكل الإحتلالات بأنفسنا و أن لا ننتظر من يحمل هم قضايانا عنا ، فلا يوجد مناصر إلا من له مصالح في أرضنا و حتى هذا المناصر لا ينصرنا بغير "الشعارات" و الدولة الفارسية هي ذلك المناصر صاحب " الشعارات الوهمية ". وعلينا أيضا أن نعلم أنه لا فرق بين احتلال و آخر، فالدولة التي تحتل بلاد الآخرين لا تملك دينا لأنها لو ملكت لما اغتصبت أرضا ليست أرضها.
namaregh@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد