المسؤولية المجتمعية

mainThumb

29-03-2009 12:00 AM

ادركت مؤسسات القطاع العام والخاص المختلفة اهمية التركيز على الموظف في عملية الانتاج وبدأت نظريات الادارة الانسانية تدعو الى مساندة العامل وانصافه في بيئة العمل(تطبيق خطط الرفاه المختلفة) من باب زيادة كفاءة وفاعلية ادارة الموارد في مدخلات عملية الانتاج بشكل يضمن لها مخرجات مثلى. وغفلت عن التركيز على متلقي الخدمة الداخليين والخارجيين المتعاملين معها من موردين و طالبي خدمة فتسارعت خطى منظري ادارة الجودة بالاهتمام والتركيز على متلقي الخدمة لتعظيم الفوائد الربحية المتحققة باتباع سياسة ضبط جودة المنتج ورضى المتعاملين تلك السياسة التي تخلق لها حالة من الانتماء المؤسسي التي ينجم عنها زيادة الاقبال والطلب على سلعها دونا عن سواها في ظل التنافس والتزاحم على النوع الواحد من المنتجات الضرورية للحياة.
ان التدرج من الاهتمام بالعامل مرورا بالمتعامل الداخلي وانتهاء بمنلقي الخدمة لم يكن معزولا عن دراسة وتأثير البعد المكاني للمؤسسة وكيفية تفاعلها ديناميكيا مع بيئتها المحيطة فتوجب على القيادات الادارية الواعية لفت الانتباه الى محيط المؤسسة الاوسع من موقع عملها وان تراجع هدفها المؤسسي في وسط مجتمعات تفتقر قطاعاته المختلفة الى ابسط الاحتياجات الحياتية بينما ينعم موظفوها بالخيرات
من هنا بدأ النظر بمعادلة التوازن بين المؤسسة والمجتمع ودور الحوكمة الرشيدة لقادة المؤسسات الافذاذ في اسناد دور تنموي لمؤسساتهم وواجب اخلاقي يقع على عاتقهم للمساهمة في تنمية المجتمع اي كان جنسية مؤسساتهم العاملة وفي اي بقعة كونية تعيش عليها بظل عولمة العمل وتدويله .
شرعت المؤسسات بخدمة البيئة المكانية المحيطة واخذت على عاتقها اطلاق حملات الخدمة التطوعية بعدما ايقظت سباتها القيم الدينية المشتركة ونداءات المنظمات الدولية والهيئات العالمية وغير الحكومية والمبادرات الذاتية لقادة الدول الاكفاء وقيادات الادارات المؤسسية الراشدة أملا منها للمساهمة بسد بعض حاجات المجتمع وشرعت لاهداف متعددة في خططها (الترويج للمنتج ،الاعفاء الضريبي،..) الى تطوير برامج خدمة المجتمع واعادة تنظيم اشكال الدعم والمساندة بصورة تقلل الازدواجية بالدعم للقطاع الواحد من جهة وتضمن شمولية باقي القطاعات وعدالة التوزيع المكاني من جهة اخرى.
لقد تخطت مسألة دعم المجتمع فكرة الخدمة التطوعية واصبح لزاما على المؤسسات تخطي فكرة التخصيص المالي للانشطة التطوعية تلافيا لمفهوم التسول المجتمعي /التسول القطاعي الى التخطيط الاستراتيجي المخصص للمسؤولية المجتمعية وكجزء حيوي من الخطة الاستراتيجية العامة للمؤسسة اي كان تصنيفها وحجم عملها وطبيعة انتاجها.
تجاوزت الشركات والمؤسسات الدعم والمساندة الموجهة لمورد من موارد المجتمع (المورد البشري ، البيئي ،..) بصورة مفردة واصبح لزاما اخلاقيا عليها التركيز على الاهتمام الشامل بشريا وبيئا واقتصاديا في عملية التخطيط الاستراتيجي للمسؤولية المجتمعية والخطط التشغيلية المنبثقة عنه؛ بحيث تتضح صورة الخدمة الموجهة للمجتمع بشكل شمولي امام متخذ القرار فزيادة المنح المخصصة للاطفال نحو تعليم افضل لا ينفصل عن كمية الاوراق المدورة حفاظا على البيئة ولا ينفي برامج التدريب والتعليم الموجهة لخريجي الجامعات وابناء المناطق الجغرافية المعزولة.
لقد ثبت للشركات والمؤسسات المختلفة ان تبنيها للتخطيط الموجه لخدمة أهدافها الاستراتيجية وتحقيق الاهداف المنبثقة عنه يتأثر بمقدار خدمتها للمجتمع الذي تتفاعل معه بشكل مباشر او غير مباشر بفعل العوائد التي تجنيها من خدمتها التطوعية المرنة لمجتمعها سواء أكانت عوائد طويلة الأمد (المجتمع مصدر الابتكار والتطوير،طول عمر الشركة ،الانتماء والولاء للشركة والمنتج ،زيادة حجم المبيعات،..) أو قصيرة الأمد (الترويج ،الدعاية ،..) وبالتالي يحق تطوير العلاقة المتبادلة بزمن وتكلفة اقل وعوائد ربحية متنوعة لا تختزل مقدار الربحية بل تعظمها.
توجه خطط المسؤولية المجتمعية الى فئات المجتمع المختلفة على اعتبار انها مبادرات ايجابية اختيارية تنفذها المؤسسات بمفردها أو/و بالتعاون مع غيرها من المؤسسات بحسن النية مع مراعاة كافة الحقوق الأساسية للإنسان ويتباين نوع وكم تلك الخدمات المقدمة وفقا لنوع وعمق النشاط ومدى شموليته والاهم من ذلك حاجة القطاع المستهدف نفسه للخدمة المقدمة ومن الجدير بالذكر ان تنفيذ الخدمة للقطاع المستهدف لا ينتهي عند تقديمها بل يمتد بقياس اثر تقديمها على المجتمع والتعرف على ردود فعل ما بعد الخدمة من اجل ضمان فاعلية الدعم ورضا المجتمع من اجل التحسين والتطوير.
وأخيرا ، فان التوازن بين سرعة الانجازات العلمية وتطورها صناعيا وصحيا وتقنيا ...وحاجة المجتمعات الاساسية توجب على الشركات والمؤسسات تقليص الفجوة بين ما هو كائن وبين ما يجب ان يكون وعليها تقليص الهوة ان لم يكن ردمها بين المعوزين والاثرياء والمعافين والمرضى والمتعلمين والاميين (امية كتابية أو تقنية) وساكني المنازل ومتلحفي الفضاء واصحاء البدن وذوي الاحتياجات الخاصة والعاملين والمتقاعدين ... مفعلين قيمنا الدينية والاخلاقية تجاه اخوتنا بالانسانية وبيئتنا ومجتمعاتنا التي نحيا فيها.

mziadat@excellenceinc.org
ممستشار اول/ مدير الاتصال المؤسسي
التميز في التطوير المؤسسي Excellence, Inc.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد