مواطنٌ .. بلا تكييف
يبدأ الموظفون والعمال والباعة بالاستيقاظ للذهاب لدوامهم ،وأغلبنا قد عانى من الحر بالليل ما عانى ، فضاقت عليه ثيابه من توتره لقلة النوم ، والأصوات العجيبة الغريبة التي ( تزيّن ) ليالينا الصيفية طيلة الليل حتى تشعر أنّ هناك أناسٌ لا ينامون حقاً كبقيتنا ، بل يستمرون في السّهر حتى تستيقظ أنت فينامون ، وليته سَهَرٌ صامت ، بل فيه الكثير من قلة تقدير للجيران ومحاولات ضخ المياه في ساعات الفجر دون تقدير للنيام ، وترك الأطفال حتى ما بعد منتصف الليل في الشوارع يلعبون بألعابهم النارية ، وكأن كل هذه الأخطاء والأخطار لا تكفي !!
بعد قضاء ليلة كهذه ، يستيقظ الرجل نزقاً متوتراً وقد أعياه النعاس ، فيذهب ليغتسل ويرتدي ثيابه على عجل ، وقد رسم تلك الكشرة على محياه دلالة على ثقل ليلته ، يمرّ من أمام صغاره ويقبلهم بسرعة ثم يخرج .
ومع ارتفاع الشمس قليلا وبدء أزمة الصباح تجده يزداد نزقاً وتوتراً ، ويعلو تأففه ، فإن كان لديه سيارة حديثة يكون توتره أقل ، ويرتفع تدريجياً إذا كانت السيارة قديمة متهالكة ، وأكثر إذا كان مضطراً لركوب تاكسي ، ويصل مداه في حال كان يستخدم المواصلات العامة !!
وتتواكب الأحداث على هذا الرجل ، فقد يصادفه رجلٌ آخر أكثر منه نزقاً فيتصادما لفظياً أو جسدياً ، ولا يعفيك من هذه المعارك الصباحية حتى وجودك في الشهر الفضيل ، فتسمع من يقول : ( أنا صائم ولا أرى أمامي ) ، فتنظر لساعتك فلا تجدها قد جاوزت الثامنة والنصف أو التاسعة صباحاً ، فتهزّ رأسك وتقول لنفسك لا حول ولا قـوة إلا بـالله ،- مع أنه عادةً لا يتناول إفطاره إلا بين العاشرة والحادية عشرة - !!
ترتفع الحرارة أكثر مع توجه الشمس نحو كبد السماء ، والمعاملات تتراكم وتتزايد أصوات المراجعين والموظـفين ، وكذلك بالنسبة للعمال في الطرقات حيث لا تحجبهم عن ضربات الشمس إلا قبعات مهترئة لا تُبرّدُ ولا تقي ومع هذا نسمع أصواتهم وهي تستغفر الله !!
تغلي الأصوات مع غليان الهواء الثقيل على القلوب ، تضجر الأمهات من طلبات أطفالهن وهنّ متكاسلات ، وعليهن الاهتمام بطلبات الأبناء والبيت وتجهيز كلّ شيء للإفطار . الأطفال ضجرون في عطلتهم الصيفية حيث لا يجدون عملاً مفيداً يعملونه ، ويعلو شجارهم من وقت لآخر ، فالعطلة الصيفية في وضعها الحالي استنفاذٌ لمتعة الطفل في التجديد والتعلم ، بل هو كثيراً ما ينسى ما تعلم طيلة العام ، ولا يرفد عقله بأمور جديدة أكثر من اللعب والشجار حتى تنقضي العطلة الصيفية دون استثمار مفيد !!
في ساعات ما بعد الظهيرة ، نرى وجوهاً بان عليها الإرهاق ، وأصابتها الشمس بحروق في البشرة لبـقائها طويلا تحت الشمس الحارقة . عيونٌ زائغة تائهة ، تحمل هموماً مثقلة ، ولا تجد لها بدّاً من الاستيقاظ اليومي بسبب من يتعلق بهم من أطفال ونساء ومن الذين ينتظرون عودتهم بفارغ الصبر ليسدوا رمق جوعهم ، فإجازةٌ ليومٍ واحد رفاهيةٌ حرموا منها.
يزداد نسيج خيوط العرق على الجباه المرهقة ، فيما يواجه الرجلَ ارتفاعُ كل شيء آخر في وجهه ، الأسعارُ والضرائبُ والرسومُ ، وقد طلبت منه زوجته بضعة أغراض للبيت فشعر بغليان دمائه في عروقه وهو متوجه إلى السوق ، وتسمع في أروقة المكاتب وفي المحلات كثيراً من المعارك الكلامية والتي قد ينقلب بعضها إلى معارك جسدية ، فالتوتر يصل مداه ، والصورة تزداد تموجاً وذوباناً تحت الحرّ لدرجة أنك لم تعد ترَ ملامحها بوضوح.
يبدأ الصّبر يتناقص مع دقات الساعة ، وطولِ فترة الصيام وشعورِ الناس بالحرّ والعطش ، فبعضهم ممن يلتزمون بقراءة القرآن وأداء العبادات يفرّون إلى الله تعالى ليخففوا توتّرهم ويثبتوا قلوبهم ويدعونه بالرحمة ، والآخرون يجدون أعصابهم أحرّ من اللهيب فلا يضبطون مشاعرهم ويتفوهون بالعديد من كلمات الغضب وقلة الصبر .
وباقتراب ساعات المساء ، يكون بعضهم قد قضى يومه نائماً حتى تنقضي ساعات صيامه، ولا يزال بعضهم يسعى لرزقه حتى قبيل المغرب ، عساه يتوفق في توفير بقية حبات الخضار التي تسد جوع أسرته الصائمة – طوعاً أو كرهاً - ! يستيقظ الباقون متذمرين مما أعدته الزوجات والأمهات ، ويستقلّون ما وضعنه أمامهم من أطباق ، ويحمد البعض ربّهم على رزقه الكريم ، ونسمع صراخ بعضهم لأنه لا يحبّ هذا الصنف أو ذاك ، وينسون أنه شهر العبادة لا شهر شهوات الطعام !!
نعم .. مواطننا بلا تكييف ، تستبيحه حرارة الشمس وغلاء الأسعار وأصناف الضرائب ، وتهرسه دوامة الحـياة تحت عجلاتها ، ويعبّر عن كلّ هذا بسيل العرق والشتائم ، وتذمره على أهل بيته واصطدامه بالآخرين، وبعد أن يتناول طعـام الإفـطار ، يستكين بهدوء ، بانتظار يوم قائظ آخر من أيام آب !!
شهيد في غارة إسرائيلية جنوب لبنان
شخصية السيكو دفعت هنا الزاهد لزيارة طبيب نفسي
7 أعراض قد تكشف إصابتك بسرطان الدماغ
إنجاز مشاريع زراعية ومائية في كفرنجة بكلفة 145 ألف دينار
بعد خسارة نوبل .. ترامب ينال جائزة مهندس السلام
أمي رحيلها لم يكن موتًا .. كان انطفاء العالم بأسره
تراجع عودة اللاجئين السوريين من الأردن إلى بلادهم بنسبة 27%
قرار مرتقب لـ العدل الدولية حول منع المساعدات لغزة
نتفليكس تستخدم الذكاء الاصطناعي في الإنتاج البصري
عمان الأهلية حذفت المستحيل من قواميسها !!
ارتفاع أسعار الذهب في السوق المحلية الاربعاء
التعليم: من إعادة التدوير إلى إعادة الانتاج (1)
تفسير حلم الامتحان للعزباء في المنام
دلالة رؤية ورق العنب للعزباء في المنام
الأردنية: فصل نهائي بانتظار طلبة شاركوا في المشاجرة الجامعية
إغلاق طريق كتم وتحويل السير إلى الطريق الرئيسي (إربد – عمّان)
إحالة موظف في أمانة عمان للمدعي العام .. تفاصيل
إطلاق حزب مبادرة رسميًا لتعزيز العمل الحزبي وتمكين الشباب
أسعار الذهب محليا تسجل قفزة جديدة
عطية يطالب الحكومة بإعادة العمل بالتوقيت الشتوي
قفزة جديدة في أسعار الذهب محلياً
تحرك برلماني يطالب السعودية بإعادة النظر في قرار الحافلات