سيّدي الحزنُ .. ممنوعٌ المرور !!

mainThumb

14-09-2010 07:03 AM

في هذا الصباح الجميل ، آثرتُ أن أُغيّر أجوائي قليلاً ، فلا أترك للحزن أو اليأس مجالاً لتنغيص سـعادتي العابرة ، عملاً بقوله عليه السّلام : ( روّحوا القلوب ساعةً بعد ساعة ، فإنّ القلوبَ إذا كلّت .. عميت ) ، فكافأتُ نفسي بفنجان قهوةٍ ( مضبوط ) وجلستُ أتأملُ فيما حولي بعد أن رفعتُ لافتةً صغيرة على باب قلبي تقول : ( سيدي الحزن .. ممنوع المرور )!!

 

      نظرتُ إلى شُجيرتيْ الوردِ الصغيرتين في الحديقة وعليهما قد تفتّحت بعضُ البراعم الحمراءِ وأينعت ، فحمدتُ الله تعالى أن جعل لنا مثل هذا الجمال الكبير في وردةٍ صغيرة ، لتخفـّفَ من رماديةِ الشوارع وبرودة المباني الإسمنتية العديدة.

 

       نقلتُ عينيّ إلى حيثُ كان بعض الصبية يتضاحكون ويلعبون ويركضون خلف بعضهم ، ويلقون بالأشياء على بعضهم بمرح فابتسمتُ كعدوى لابتساماتهم ، وحمدتُ الله تعالى أنه ما زال للبراءةِ قُدرةٌ على أن تُضحكنا وتمسح قلوبنا فترقـّقها .

 

       وقعت عيني على إحدى رسوم ابنتي الصغيرة فوجدتها قد رسمت بيتاً وشجراً وأزهاراً ، وأطفالاً باسمين يلعبون حول والديهم ، وتُحلّقُ فوقهم الطيور والفراشات  ، فزاد هذا الرسم انتعاشَ فؤادي ، عندما شعرتُ بالسعادة تنبض من الصورة الجميلةِ التي رسمتها صغيرتي ، فحمدتُ الله تعالى أن وهبنا دفءَ الأسرة وتقاربَها.

 

      ورأيتُ في الخارج رجلاً يسير ويده مبتورة ، فنظرتُ إلى يدي وحمدتُ الله وشكرته أن منّ علينا بالصحّة والعافية وأنّه عافانا من كثيرٍ مما ابتلى به غيرنا ، فاستوجبت نعماؤه الكثيرة -  التي لا تُـعَـدُّ ولا تُحصى –

الحمدَ والشكرَ.

 

      هبّت نسمةٌ خفيفةٌ من الهواء فحرّكت القطع الزجاجية  ( للثُّريّا ) المعلّقة على السقف ، فتذكّرتُ أنه يوجد فوق رؤوسنا سقفٌ يُؤوينا ويحمينا من حرّ الصيف وقرّ الشتاء ، وعيون الناس ، ويجمع أسرتنا ، فحمدتُ الله على كرمه وجوده.

 

    وانتبهتُ على أصواتِ أبواقِ بعضِ السياراتِ العابرةِ ، فأخذني خيالي إلى الماضي حيث لم يعرف الأقـدمـونَ السياراتِ ، وكم كانت حياتهم شاقّةً سواء في التنقل اليوميّ أو السفر أو حمل الأشياء ، وكم هوّن وجود السيارات ووسائل المواصلات الأخرى هذه المشاق ، فحمدتُ الله أن سخّر لنا هذا وما كنّا له مقرنين.



    جُلتُ بنظري في غرف البيت فرأيتُ ما فيه من أجهزةٍ كهربائيةٍ وإلكترونيةٍ عديدةٍ لا غنى عنها في أيّ بيت ،  وأثاثٍ يُنتَفَعُ به ، فحمدتُ اللهَ تعالى على نعمة العلم والتطور التكنولوجي الكبير الذي ساهم في تسهيل حياتنا وإحساسنا بالرّاحة في عمل أمورٍ كثيرةٍ بيسرٍ ودون مشقّة .

 

     كثيرةٌ هي النعم التي منّ الله بها علينا ، ولكن أغرقتنا همومُ الحياةِ فلبسنا منظارنا الداكنَ ولم نلاحظها ، تماماً كما يعتاد المرء ملابسَهُ على جسدهِ بعد حين فلا يعودُ يشعرُ إلا كأنّها باتت جزءاً منه !!

 

    وأقول في ختام كلماتي هذه ، أنّ أهمّ نعمة منّ الله تعالى بها علينا كأمّةٍ مسلمةٍ هي نعمةُ الإسلام والإيمان به سبحانه ، فمجرّد إيماننا بهذا يزيدنا قناعةً أنّ كلّ شيء في يده تعالى وأنّه ليسَ علينا أن نحملَ أعباءَ الدنيا على رؤوسِنا ، فالرزقُ مقسومٌ من عندهِ والتفاؤلُ بالخيرِ يجذبهُ إلينا ، وقد قال سيّدُ المرسلينَ عليهِ السّلام : ( عجـباً لأمرِ المؤمن ، إنّ أمرَه كلّه له خيرٌ، وليسَ ذلك لأحدٍ إلا للمؤمن: إن أصابتهُ سرّاءُ شكر، فكان خيراً له، وإن أصابته ضرّاء صبَر، فكان خيراً له".  .. فلنبتسم قليلاً فلن تنقلبَ الدّنيا ولن تتكسرَ ملامحُنا ، ومعاً لنرفع شعار : ( سيّدي الحزن ... ممنوع المرور ) !!  


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد