معلم ويوم مثالي

mainThumb

26-10-2010 10:35 AM

إياس شاب في مقتبل العمر يعمل معلما للرياضيات ، أفاق ذات يوم على خبر سمعه بالتلفاز وهو أن الحكومة قد أقرت قانون نقابة المعلمين ففرح فرحا شديدا وقال ( أيوه هيك من الأول ) ثم بدأ يلبس ثيابه وأسرع بخروجه من المنزل إلى العمل ليتبادل الحديث مع زملائه بعد أن تحقق لهم جزء بسيط من أبسط حقوقهم ألا وهي النقابة ، وما أن إنتهت الحصة الثالثة حتى بدأ تلفون إياس الجوال بالرنين ( طبعا تلفون اللوكس عشان الكهربا لما تنقطع ) ، هي زوجته تخبره أن الحكومة قررت رفع رواتب المعلمين بزيادة أدناها مائة دينار ، فقال لها : ( يا مرة إنتي متأكدة؟ ) فقالت له : نعم متأكدة هاهو الخبر أمامي والمذيع يتكلم ، فبدأ بالقفز من الفرح أمام الطلاب وهم يضحكون عليه ( جد وضع مسخرة ) وخرج من الغرفة الصفية مهرولا يود إخبار بقية المعلمين بالخبر المفاجيء السعيد ، فتلقفه المعلمون بالفرحة والسرور وبدؤوا ينهالون عليه بالقبلات الحارة والضم ثم توقفوا لحظة وقالوا ( إياس إنت متأكد ولا مقلب من مقالبك ؟ ) فأقسم لهم على صحة الخبر وعاودوا الإحتفال مرة اخرى ، يالهذا اليوم السعيد ، فجلس إياس قليلا على طرف كرسيه وقال ، يا لهذا اليوم السعيد ( يا ناس معقول أنا بحلم ؟ ) فسقط عن الكرسي وشعر بالألم فقال نعم حقا أنا لا احلم ( ياااااي ).

هاهو الجرس يقرع معلنا بدء الحصة الرابعة ، دخل إياس الصف وهو ممتليء بالنشاط والحيوية وحب العمل ، احبه الطلاب على غير العادة وأحبهم ، فقد خلقت إبتسامته جوا اسريا داخل الصف مما انعكس إيجابا على تقبل الطلبة للمعلومة ( ياعمي ما حدا قده نقابة ومئة نيرة في يوم واحد ) .... انتهت الحصة الدراسية بكل عطف وحنان وعلم ، الطلبة مستمتعون بالمعلومات الجديدة والأستاذ الجديد ، خرج إياس من الغرفة الصفية والابتسامة تملؤ فيه ، قابله المدير وقال له : فلتعد للبيت يا إياس فأنا أشعر أن أعصابك مشدودة نوعا ما من شدة الفرح ، فلتذهب للبيت وتسترخي ، فشكر إياس للمدير حسن تعاطفه وقال في نفسه ( من إيمتى هالحنية ، الله يرحم أيام الحسم ) ، فخرج من المدرسة عائدا للبيت ( فرصة ولاحت المدير رايق)، هاهو إياس في السوق يشتري الحلويات والهدايا ، والبندورة نعم إنه يشتري البندورة ( بده يعطيها قلاية عالغدا ) ، أنفق مافي الجيب مستيقنا بما هو آت بالغيب .

 دخل إياس البيت صارخا : ( وينك يا مره ) ، فجاءت الزوجة مسرعة ملبية لنداء زوجها ( فهو معلم مو أي كلام ) ، حملت عنه الأكياس وذهب مسرعا للتلفاز يود أن يكحل عينيه بالخبر ، وفعلا قالت له زوجته لم أغير المحطة منذ أن خرجت انت من البيت ، فعلا هاهو الشريط الإخباري وهاهو خبر النقابة وهاهو خبر زيادة الرواتب ،وجلس إياس أمام التلفاز ليفكر بما هو آت بعد هذه النلقلة النوعية وما وقعت عيناه على شعار المحطة حتى نهض واقفا متسمرا ، ما هذه المحطة ؟ هذه ليست محطة بلدي ، هذه محطة الدولة المجاورة تحتفل بيوم المعلم ، تبا ، إياس إياس إياس زوجته تنادي ، سقط إياس أرضا مفارقا الحياة ، زوجته تصرخ : ( إيااااااااااااااس جبت البندورة وما ذقتها يا ضي عيني ) ، وهكذا كان آخر يوم في حياة هذا المعلم الشاب هو أسعد يوم ، لله درك أيها المعلم فما أعظم عملك وما أقل أجرك وقدرك في حكومة المجد .

Normal 0 false false false MicrosoftInternetExplorer4

 eyas16@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد