الترقيع الوزاري لا يجدي

mainThumb

02-07-2011 09:02 PM


كان من المؤمل استجابة للمطالبات الشعبية المتصاعدة، ورضوخاً لاستحقاقات قضية الكازينو، واعترافاً بقلة الحيلة، أن يستقيل رئيس الوزراء الدكتور معروف البخيت، لا أن يجري تعديلاً على وزارته التي لن يجديها التعديل فتيلاً، بل سيكون وبالاً عليها!



المسيرات الشعبية من جنوب الأردن إلى شماله تجمع على ضرورة استقالة البخيت، وتشكيل حكومة وطنية قوية، قادرة على قيادة المرحلة، وإخراج الأردن من عنق الزجاجة التي وضعنا البعض فيها، الذين يتاجرون بالوطن من أجل مصالح ضيقة، وصفقات مشبوهة، ورغم ذلك يتحدى البخيت الإرادة الشعبية، وفي الوقت الصعب، ويتمسك بالدوار الرابع، ويجري تعديلاً يظن أنه به يشتري لحكومته عمراً جديداً، وما يدري أنه إنما يسرع بنهايتها، فالدعامات عندما لا تكون مدروسة ستكون حجر عثرة يجر الحكومة إلى أسفل، ولن ينجح في إسنادها ومنعها من السقوط!



أما موضوع الكازينو فلم ينته بعد، ومن المحتمل أن يعاد التصويت ثانية، وحتى لو بقي الحال كما هو، فإنه يحتم على البخيت أدبياً أن يستقيل، لأن الحصول على براءة بـ53 صوتاً مقابل 50 صوتاً يرونه مذنباً يعني في العرف السياسي إدانة واضحة لا لبس فيها، فالقضية لا تمس متهماً عادياً بجرم عادي، بل تختص برئيس حكومة متورط في قضية الكازينو، وإدانة وزير في حكومته يعني على الأقل إدانة أدبية له، وإذا كان هناك ثمة احترام للمجلس وللشعب الأردني فأقل ذلك أن يستقيل متحملاً مسؤولياته عن ملف الكازينو، هذا الملف الذي يبدو أنه لن ينتهي، وسيتحول إلى كرة ثلج تزداد حجماً كلما اتسعت الدائرة!



انقضت خمسة شهور على استلام البخيت المسؤولية للمرة الثانية، في ظروف غير عادية، ومع ذلك لم تصنع الحكومة أي شيء عادي أو غير عادي، فهي اشبه بحكومة تسيير أعمال لا غير، تراوح مكانها، وتتعثر بخطواتها،  شعارها مكانك سر. نعم سمعناً جعجعة ولكننا لم نر طحناً حتى اللحظة. ومن هنا ولأن الحكومة ليست على مستوى المرحلة، وهي أضعف من أن تصنع شيئاً ذا بال، ولا يبدو في الأفق أنها قادرة على شيء، فإنه من الأفضل لها وخدمة للمواطنين أن تستقيل لتستريح وتريح!



وعودة على التعديل الوزاري الموسع، فمع احترامنا الشديد لذوات من جاء بهم التعديل، فإنهم لن يكونوا أفضل من سابقيهم، لأن المشكلة ليست في الأشخاص، وإنما في السياسات التي تحكم الوزارات، وإرادة التغيير التي لا وجود لها، وغياب أية نية للتطوير والإصلاح ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب. ولو كان التعديل استجابة لمطالب شعبية، فإن معظم من شملهم التعديل، لم يكونوا في وارد أية مداولة شعبية، وبقي ثابتاً في مكانه وزراء كان من المتوقع خروجهم واستبدالهم بوجوه جديدة أقدر على قيادة المرحلة وإن شكلياً، ولكن يبدو أن التغيير في الحكومات تغيير أقنعة ولن يلامس الجوهر في المدى المنظور!



إن سياسة الترقيع الحكومي لا تجدي، وتكلفتها ستكون مرتفعة مادياً وسياسياً واجتماعياً، وهي تمنهج لأسلوب بائس في العمل الوزاري، ينسحب للأسف على جميع مستويات الإدارة الحكومية، مما يزيد الطين بلة، ولن ينجح إلا في استرضاء البعض، ودغدغة بعض العواطف العشائرية والمناطقية، ولفترة محدودة، فإذا ذهبت السكرة وجاءت الفكرة، تبين للجميع أنهم خُدعوا، وأن هذا المنصب سيكون وبالاً عليهم، ومظنة للاتهام!



وبعد، فقد آن الأوان أن يتحمل كل واحد مسؤوليته بشجاعة وجرأة، وأن يستجيب لنبض الشارع، ويسارع للانسحاب قبل أن يطلب منه ذلك، وما أسوأ أن تكون استقالة المسؤول –أي مسؤول- مطلباً شعبياً ملحاً، وأن يقود الناس وهم له كارهون!

 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد