رؤية في حلّ معضلة المناهج المدرسية

mainThumb

08-08-2011 04:25 PM

   الأصل في المناهج الدراسية في أيّ دولة ما، أنّها انعكاس للخط العام والاستراتيجي للدولة وتخدم قرارا وطنيا شعبيا وتعكس رؤية واضحة لخيار الوطن وبأيّ اتجاه ينحو.
 
          من هنا يمكن لنا الاعتراف الصريح ودون أدنى حالة من تانيب الضمير،أنّ سياسة وضع مناهجنا المدرسية كانت فاشلة وبامتياز وكلّ ما نحتاجه لرؤية ذلك هو الوقوف على مخرجات العملية التعليمية في الأردن ،فلا صارت الأردن دولة صناعة وبحث علميين ولا صدّرنا اختراعاتنا إلى دول العالم ولا احتكرنا جوائز نوبل لأعوام طوال ولا استطعنا حتى تنمية ثقافتنا الوطنية وحبّ الأردن لدى أجيالنا ولا نمّينا روح الحوار والتحضر والابتعاد عن العنف والتعصب والإحساس بالمسؤولية لدى طلابنا.
 
          المتمعن لنتاجات العملية التعليمية في الأردن يلحظ تفشي ظاهرة الأمية العلمية لدى طلبتنا حتى في مراحلهم الثانوية، وتفشي ظاهرة الأمية الأخلاقية لدى نسبة كبيرة منهم حتى في مراحلهم الجامعية، فما زال طالبنا الجامعي يخوض معاركا طاحنة داخل أسوار جامعته وبخلفية قبلية ومناطقية ضيقة وما زال يغلق الطرقات للأحتفال بتخرجه،وكأننا خرجنا من كلّ سنين دراستنا لا نحمل علما راقيا يساعد في تقدم مجتمعنا ولا بسلة أخلاقية تحترم حرية الآخرين وتسمو بقيمنا المجتمعية وتعمق حسّنا الوطني والانتمائي.
 
          اسمحوا لي أن استبق كلاما اسمعه كثيرا مفاده: إنّ أمورنا العلمية تمام ونصدّر المتعلمين إلى الخارج،وهنا أقول: إذا كان معيارنا هو بعض دول الخليج  (مع احترامي ) فنحن فعلا بحالة علمية جيدة ولكن ما أراه أننا لا نصدّر علماء لدول متقدمة غربية كانت أو آسيوية أو حتى بعض الدول العربية الأخرى.
 
         اسوق كلّ ذلك لأنني أُحمّل المسؤولية للسياسة التعليمية والمناهجية التي تفتقد لأيّة رؤية واضحة وتسير بتخبط دون قرار سياسي واستراتيجية وطنية مبنية على حبّ الوطن والبحث عن رفعته وازدهاره،وعليه نرى أنّ من يرسمون السياسة التعليمية ومناهجها ومنذ زمن بعيد لا يملكون أدنى مقومات الكفاءة العقلية والعلمية وهما نتاج حالة الفساد العام المترعرع في كافة قطاعاتنا الوطنية وهم حصيلة سياسة الواسطة والمحسوبية المتجذرين على حساب الوطن وحاجاته الأساسية وهم حقيقة بأمس الحاجة الى تأهيل تربوي وعلمي قبل مجرد التفكير في إدخالهم إلى دائرة رسم سياسة المناهج التعليمية.
 
            لقد أعلنت الحكومة ومعها مجلسي النواب والأعيان من خلال إقرار قانون نقابة المعلمين ،عجز النقابة المنتظرة عن رسم سياسة التعليم وإقرار مناهج ترفع من سوية التعليم في هذا الوطن، إذا كان هذا الإعلان أو الإقرار نابعا من محاولة إبعاد المناهج المدرسية عن عوامل الدفع والجذب المتوقع حدوثه في النقابة(وأشكّ بذلك)، فإننا قد نرى فيه شيئا من الموضوعية إذ لا يصحّ أن تظل المناهج عرضة للتغيير حسب الخط السياسي للنقابة.
 
         ولكن فلتسمح لنا الحكومة وما سبقها من حكومات أن نعلن أيضا عن فشلهم وعجزهم ومنذ أزمان بعيدة على صياغة مناهج وطنية راقية وذلك من خلال قصر رؤية وزراء التربية وراسمي سياسة المناهج المدرسية،وما يؤكد ذلك مخرجاتها حتى اللحظة.
 
          من هنا وكما الدول التي تتبنى مشاريعا وطنية للمناهج التعليمية فإنّ المخرج لهذه المعضلة ربما يقوم على الآتي:
 
     أولا: تبني قرارا سياسيا ووطنيا يقوم على وضع أسس ورؤية واضحة 
            لاستراتيجية التعليم وأهدافها الثقافية والاجتماعية والاقتصادية في الأردن.
                                                                                                                                  
ثانيا: تأسيس مجلس وطني مستقل للمناهج  وبعيدا عن سلطة وزارة التربية  
      والتعليم، وعن التجاذبات السياسية في الأردن.
 
ثالثا : يتم اختيار الأعضاء بناء على ضوابط وأسس صارمه من الأكاديميين ذوي
       الاختصاصات والمشهود لهم بالكفاءة العلمية.
 
    رابعا: يتم أختيار عدد من المعلمين في الميدان كلّ باختصاصه وبشروط صارمة   يتم التوافق عليها من خبرة ومؤهلات علمية ومسلكية.
          
خامسا: تتمثل كلّ من النقابة ووزارة التربية بهذا المجلس بممثل أو أكثر لنقل
         تصورات كلّ من النقابة والوزارة وكضباط ارتباط بين المجلس ومؤسساتهم.
 
     سادسا: يكون هذا المجلس مستقلا ويرتبط بعلاقته مع الحكومة مباشرة.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد