خير النجوى

mainThumb

15-11-2011 07:51 AM

 قال تعالى :" لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أومعروف أو إصلاح بين الناس ...". النساء114 في هذه الآيات الكريمات يبين رب العزة سبحانه وتعالى أن الكثير من الكلام الذي يتداوله البشر وخصوصاً المسلمون ما هو إلا كلام لا يسمن ولا يغني من جوع في أغلبه وأكثره إلا ماكان في الأمر بانواع الخير المذكورة في الآية الكريمة , ونخصص هنا الكلام عن جزئية (او إصلاح بين الناس). فالإصلاح بين الناس من صفات أهل الايمان العالي لأن المصلح يسعى لرأب الصدع بين أخوين مسلمين أو بين فريقين من المسلمين , وهذا ما يريده رب العالمين من أهل هذا الدين وهو الوحدة والمودة فيما بينهم قبل الصلاة والصوم وسائر العبادات لأن المعاملة في ديننا الاسلامي مقدمة على العبادة, فعلى كل مسلم يريد الاجر والثواب ويبتغي العزة امام الله والرفعة بين البشر أن يسعى لإعادة كل ما هو مكسور من علاقات بين الناس إلى طبيعته ليرضي الله جل جلاله والرسول عليه افضل الصلاة وأتم التسليم .

ولكن هناك شرطين أساسيين لإتمام أمر الإصلاح ,إن غابا عنه فلن يتحقق الصلح وهذا ما يحصل في مجتمعنا من خلال مشاهداتي لعمليات الاصلاح بين الناس . الشرط الاول يتمثل بصدق المتدخلين للإصلاح , حيث أن البعض من مدعي التدخل لاجل الإصلاح نراه يتدخل للتسلية وللإطلاع على عيوب الناس وعلى اسرار المشاكل فقط وتكون تحركاته لاكل لحم فلان عند الطرف الآخر او لنقل الكلام بين الطرفين فيزيد الطين بلة سواء قصد زيادة الطين بلته تلك(حيث بعضهم يتدخل لتعميق الخلاف عن عمد) والبعض الآخر لأنه لايريد حل المشكلة وإنما التسلية فقد يزيد تعميق الخلاف لغباءه ولقلة خبرته في التوفيق بين الناس , وهذا الاخلاص في جانب الاصلاح والصدق في تحقيقه مدحه الله جل جلاله بقوله في نهاية الآية المذكورة :"ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجراً عظيما".النساء 114

فالصدق في هذا الامر له الاجر وذلك يعني ان عدم الصدق وغياب النية الخالصة لذلك يعني الوزر والإثم لانه لايؤدي المقصود الشرعي في هذه القضية. والشرط الثاني هو قبول الأطراف المتنازعة بعملية الصلح لأن في ذلك إرضاءٌ لله تعالى حيث أن رفض الصلح لا يجلب إلا التعاسة في حياة المتخاصمين حيث الحقد والكره وبالتالي التنغيص والتنكيد على النفس, والرسول عليه الصلاة والسلام يحذر ويقول :"لا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا تقاطعوا وكونوا عباد الله إخوانا ولا يحل لمسلم ان يهجر أخاه فوق ثلاث", فعندما يتدخل احد لإعادة علاقتك بأخيك الذي انقطعت عنه فعليك ان ترضخ لامر الدين ولا تتكبر ولا تتجبر ولنتذكر قوله عليه الصلاة والسلام:"لا يحل لمسلم ان يهجر اخاه فوق ثلاث , يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام".

لا اريد الإطالة وتعداد الكثير من الحالات الواقعية التي تفشل عملية الصلح لكن لنتذكر التلخيص الذي ذكرنا هنا وهو الاخلاص في التدخل من قبل المتدخلين والقبول لهذا التدخل من المتخاصمين ليرضى الله ويتحقق الشرط الذي يرضي الله في هذا الأمر, ليكون كلامنا وتناجينا خير النجوى.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد