لم يكن ربيع هذا العام 2011 للنظام السوري الا صفعة متطور بثوب ثوري وقف أمامها صامتا فهو منذ تربعه بالحكم مع صيف 1970اثر قيام الرئيس السابق حافظ الأسد بالحركة التصحيحية للحزب البعث العربي الاشتراكي والتي كانت نواة لشرارة لوصوله إليه منذ 1963 إلى بداية الربيع العربي 2011 كان يسيطر بأدواته القمعية معززة بالبطش والسجون تقودها أجهزته امنية متولدة حتى وصلت إلى اثني عشرة جهاز امني سوري .
استغل التناقضات بشارع المعارضة وسعى بكل قواه المباشرة وغير المباشرة إلى خلق شقاق داخلها مستغلا التناقضات المختلفة ضمن أطرها الحزبية تارة يلعب على وتيرة الأيدلوجية وأخرى ألعماله . طوال السنوات الماضية لم يسعى النظام إلى إيجاد أي أبجدية تفاهم مع المعارضة بل كان يفرض رأيه بأية وسيله بالرغم من سعي المعارضة جاهده للوصول إلى أي تفاهم معه إلا انه كان يراوغهم لإيجاد ما سمي بشبيه المعارضة والذي أنتجه من رحمه وطوره ضمن هيكلية تصب بالنهاية بحضنه إلا انه لم يفلح بهذا
ما لا يخفى على احد ان عدد النازحين السوريين المتواجدين بدول الجوار منذ بداية الثورة السورية ما يزيد عن عشرة ألاف إنسان مقابل ما يزيد عن خمسة ألاف شهيد وما يزال الدم ينزف وهنا جامعة الدول العربية تحيى نفسها بالدم والمهجرين السوريين ( الذين كل يوم يصبح رقم جديد ) مستغلة التناقضات الداخلية داخل المجتمع السوري ضاربه بتاريخها المليء بالتخلف والرجعية محاولة البوح بكلمات لا ..لا.. الا ان عمقها الاستراتيجي الغني عن التعريف الذي تصدره دولة قطر التي لولا قناة الجزيرة لم يسمع بها احد نظراً لصغر حجمها الا انها تصر ان تعيش بوجهين متناقضين فتارة تحضن أرضه أهم قاعدة جوية بالمنطقة العربية يزيد عدد أفرادها عن السبعة ألاف مقاتل يتبعون للولايات المتحدة الأمريكية حليف إسرائيل الأول بالعالم واخرى تقف مع الهم العربي .
إلا أن الحكم بسوريا لم تكن قرارات الجامعة العربية تعينيه كثيراً فهو مراوغ بارع بالتعامل معها فهو من مؤسسها ويفهم كل تفاصيلها مركزاً وضعة على علاقاته الدولية المتمثل بروسيا والصين والإسلامية ممثل بإيران كذلك على قوى إسلاميه تقاتل إسرائيل كحزب الله بلبنان وحركة حماس بفلسطين إن ما لا يختلف عليه اثنين أن المعارضة السورية لم تكن لها أي دور بما يحصل هذه الأيام بسوريا فهي اضعف من ان تقود الجماهير السورية بهذا الزخم ويحسب لها مقاومتها العنيفة بالثمانيات من القرن الماضي ومقاومة حكمه بعنف دمي غرد عليه النظام بعنف اكبر من الوضع الحالي , بتأييد غير مباشر من جامعة الدول العربية والتي كانت تدعم الموقف الرسمي السوري بوجاهة ما سمي بذاك الوقت قوات الردع العربية بلبنان بل دعمته بالمال بكرم وتم غض الطرف عن ما حصل بحماة وغيرها من القرى والمدن السورية بذاك الوقت وهذا ترك اثر واضح بإطالة عمر النظام السوري .
ما ميز الثورة الشعبية السورية عن غيرها من دول الربيع العربي ان هذه الثورة لم تكن لتقوم لولا إرادة الشعب والتمرد على الخوف بكل جوانبه ( لا الجيش ولا الأمن مع الثوار ) ولهذا أصبحوا بقدرة قادر ذا علاقة جهادية بين الحق والباطل مستذكرين بخلجاتهم ما حصل لأهل غزه طوال القصف المتواصل على أهلها وصمود المجاهدين بوجه الجبروت الإسرائيلي .لم تكن مبررات الثورة السورية الجوع فقط بل انتصر جيل الشباب المتمرد على ما ولد عليه من أبائه بقولة ( لا اسمع ...... لا أرى ......لا أتكلم ) فلا يكمن التغيير المطلوب سد الجوع بقدر ما هو البحث عن الكرامة لأبنائهم أو للأجيال القادمة فنرى الشباب قد صحو على هذه الدنيا وهم يسمعون بحديث المؤامرة على سوريا من ما لا يعرفوا لدرجة انه أصبح بمخيلتهم أن العدو الموجود هل بخيال قادتهم الذين يتلذذون بالقتل اليوم كان الدم الذي يسال ليس دم عربي سوري ونراه يسال بدم بادر فأين القومية التي زرعوها بأيدي الجنود السورين .
ولاجل ذلك اصبح البحث عن كرامة المواطن السوري مطلب يومي يسعى لتحقيقه أبناء سوريا الاحرار بطريقة عصرية خالية من التجرد والوهم ويعلمون أن دولتهم بها اقل السعر للديزل بالعالم فكرامة الإنسان اغلي من الديزل والخبز فهي ليست ثورة جياع بل أحرار من رحم جدات توالدت وقاوم احفادها كل أنواع الاستعمار على سوريا فسوريا لم يقم ثوارها بالقرن الماضي على الاستعمار بكافة إشكاله من اجل قوتهم اليومي فارض السورية ارض خصبة ببيئة ورحم خصب بل من اجل الكرامة الإنسانية التي اغتصبها الزمرة الحاكمة ( بعد انتصار ثوارها على المستعمر ) لما يقرب الخمس وأربعين سنه بحجة العمالة والقومية العربية .