انت المسؤول

mainThumb

12-01-2012 12:22 PM

إذا ما كنت تقف على الإشارة الضوئية وسائق آخر يقف أمامك ولا يرى الإشارة ومن باب الدعابة وخفة الدم ومن أجل إضحاك زوجتك بجانبك قمت (بالزامور) لتشعر الذي أمامك أن الإشارة أصبحت خضراء ووجب عليه التحرك (وهي ليست كذلك بالفعل) ، فما كان منه إلا أن تقدم وقطع الإشارة الحمراء واثقاً كل الثقة بك وأيضا ً لأنه لا يملك خياراً آخر ...فتصادف وجود سيارة أخرى لها الحق بالمرور فوقع حادث شنيع توفي على أثره ستة أشخاص من السيارتين بينهم أطفال ونساء .....

لو لم يستطع أحد أن يثبت عليك أنك المتسبب بالحادث لعدم وجود الدليل ، إلا أنك وفي قرارة نفسك تتحمل كامل المسؤولية وسيبقى دمهم برقبتك إلى يوم القيامة ....

إذا ما وقع حادث سير في مكان ما أول ما يصل رقيب السير الذي تكون مهمته تحديد سبب الحادث فلا يهتم كثيراً لعدد الإصابات أو حالتها الصحية أو الوفيات ، لأنه يترك الأمر لأصحاب الاختصاص من دفاع مدني وأطباء وممرضين ، ويهتم هو بما يخصه من تعليل سبب الحادث ، (سرعة زائدة ، تجاوز خاطئ ، عيوب في الطريق ، خطأ بشري ، خطأ فني ، انزلاق ....) وهو ما يدونه في تقريره ويرفعه للمسؤولين ليتم اتخاذ قرار بناء عليه فإذا كان عيب في الطريق وجب إصلاحه وإن كان خطأ بشري وجب على المخطئ تحمل المسؤولية حتى وإن كان ميتاً .....


ومن هنا لا نبحث عن سبب ندفع به الناس إلى الانتحار ، أبداً وهو أمر لا تقبله النفس البشرية مهما كان مذهبها أو توجهها السياسي والاجتماعي ، ولكننا تدعوا الجميع لتحمل المسؤولية الكاملة كل من موقعه ، وأذكر حديث الرسول الكريم صلى الله عليه " أَيُّمَا أَهْلِ عِرْصَةٍ بَاتَ فِيهُمُ امْرُؤٌ جَائِعٌ ، فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُمْ ذِمَّةُ اللَّهِ "

فعندما يقدم شخص ما على الانتحار وهو بكامل قواه العقلية لأسباب اقتصادية (ديون ، وفواتير ، وأجرة البيت ، والتعليم ....) فهو (مات وأفضى إلى ما قدم ....انتهى أمره) ولكن جاره يتحمل المسؤولية كاملة بناء على حديث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ، والجار هنا يبدأ من مكان السكن لمن هم (الباب بالباب) ثم أهل الحارة و الحي ثم المحافظة ثم الوطن بكامله ....ثم أخوتنا بالدين فقد قال الله تعالى: إ"ِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ"" وقول الرسول الكريم صلى الهل عليه وسلم " مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكي منه عضو تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمى".

عندما يمتنع غني عن إخراج الزكاة فهو يتحمل وزر تلك النفس المنتحرة ، عندما يتخذ مسؤول بفصل الكهرباء عن بيت المنتحر والقانون فيه فسحة تعطى للبعض وحرم منها المنتحر فالمسؤول والموظف الذي يملك القرار يتحمل المسؤولية ، وصاحب الدين الذي حان وقت السداد وهو ليس بحاجة دينه في الوقت الحالي فهو يتحمل المسؤولية بناء على قوله تعالى {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} ...المسؤول الذي أصدر القرار بالفصل أو الإحالة على التقاعد دون مبرر قانوني أو تجاهل متعمداً ثغرة يستفيد منها البعض ويحرم البعض الآخر هو أيضا يتحمل وزر تلك النفس المنتحرة .....

عندما ينتحر إنسان وتسلم الروح لخالقها فقد انتهى أمر محاكمته من قبل بني البشر ورد أمره إلى الله وهو احكم الحاكمين وهو العادل القائل : "فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ."
أليس من يقود السيارة بسرعة جنونية ، منتحر ؟ أليس متعاطي المخدرات ، منتحر ؟ أليس ....أليس ..؟؟؟؟؟؟

أليس ضبط السرعة والرادارات والمخالفات والمطبات والإشارات ، هي إجراءات لمنع الانتحار ؟؟ أليس مكافحة المخدرات ، ومحاربة التهريب ، وضبط الحدود ... أيضا إجراءات لمنع الانتحار وقتل النفس البشرية .....

إذا كما أن هنالك إجراءات لمنع السائقين والمدمنين والمهربين من الانتحار الاختياري ....يجب أن تكون هنالك إجراءات عملية لمنع (الطفرانيين ) من الانتحار الاختياري !!! 

عندما يتحمل كل منا مسؤوليته الكاملة كان من كان عندها أتعهد لكم بأنه لن ينتحر إلا من كان به مس من جنون وفاقد للعقل ، وهو يجعلنا أحيانا أقل تأثراً عندما نسمع أن فلان انتحر والسبب نفسي أو عقلي (مرضي) لان خالقه عز وجل منحه العذر عندما قال " لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا "

لا ندعوا أحدا للانتحار ولكننا ندعوا لمعرفة أسباب انتحاره ، فأنا وأنت وهو المسؤول عن كل سوي منتحر في وطني ...اللهم احمي وطني وأهله من كل شر أن يصيبه ومن كل نار تحت الرماد هامدة ..... 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد