المعلمون وتخنيث الحراك

mainThumb

30-01-2012 11:35 AM

   لا أعرف إلى أيّ حدّ استطاع المعلمون أن يصنعوا ثورة نفضت الغبار المتراكم عليهم لعقود خلت؟ لا أعرف إذا ما كانت هنالك قوى تحاول جمع هذا الغبار لتعيد نثره من جديد فوق رؤوس المعلمين؟
        
  إذا عدّينا تخنيث العمل هو وضعه في خانة العمل واللا عمل، فإنّ تحليقك عاليا وإلقاء نظرة موضوعية على حراك المعلمين من الخارج قد تقود إلى رؤية التخنيث الحاصل سواء كان متعمدا أم لا .
          وفي هذا السياق نقف على ثلاث مراحل في حراك المعلمين أو ثورتهم :
       
  أولى تلك المراحل هي بداية الانطلاقة من خلال مجموعة من الاعتصامات والدعوات لإحياء نقابتهم،وخلالها بدأ الصراع بين المعلمين أنفسهم من جهة والحكومة بجميع دوائرها من جهة أخرى، فصراع المعلمين تمحور بين مؤيد للاعتصامات لنيل الحقوق وآخر يتشبث بالحوار كوسيلة وحيدة للوصول للنقابة،ثم توسع الصراع  بعد عروض الحكومة لموضوعي الاتحاد والروابط سيئي الذكر،بين مؤيد ومعارض،وهنا انتصر الجانب المعارض (الثوري) لتأتي المرحلة الثانية.
        والمقصود هنا مرحلة النقابة وصياغة قانونها والذي خرج مبتورا ترشح منه العيوب، فُأخرجت نقابتنا مبتورة القدمين من خلال نظامها الانتخابي ،ففيه لن تقوى على السير نحو المستقبل لترسم مثالا يُحتذى بالديمقراطية والتنوع، بل ستكون مثالا بالأنا والإقصاء والتخلف في زمن الانفتاح الحضاري.
     
  ومبتورة اليدين لا تملك أن تكون شريك حقيقي في تطوير العملية التعليمية وإعادة الروح الوطنية الإبداعية لها،والتي قُتلت عبر سنوات من السياسات العشوائية لوزارة التربية.
     
  ومبتورة الرأس لأنها لن تقدر أن تكون الحامل للمشروع الوطني النهضوي التنويري المرجو ، ولن تستطيع أن تكون المثال أو الحالة المتحضرة للمسيرة الديمقراطية المرجوّة على صعيد الوطن.
     
  بعد ذلك تأتي المرحلة الثالثة في الرحلة النضالية(مرحلة تجذّر التخنيث) والتي تمثلت خلال الإضراب الأخير عن تصحيح أوراق الثانوية العامة والذي وصلنا إليه كرها وقلوبنا يعصرها الألم، محاولة لإعادة التوازن المنطقي لرواتب المعلمين بحثا عن حالة استقرارية من أجل بثّ الروح بالعملية التربوية ككل.
        
  وهنا أُفشل إضراب المعلمين من قبل الحكومة وبعض أدواتها من شخوص الحراك، ووضحت حالة العمل واللا عمل ، الإضراب واللا إضراب ، القانون واللا قانون، وهنا تكشف الحراك مخنثا لا جنسا واضحا له،وتأكدت فكرة التخنيث المعبر عنها باضطراب الهوية المطلبية، فلا هي أنثى كاملة الأنوثة، ولا هو ذكر كامل الرجولة.
 
        نعم خُنث الحراك، لأننا أمام تيار جارف من الانتهازيين مدعومين ببلطجة الإعلام الحكومي وهنا اقصد الرسمي منه وكل ما يدور في فلكه من إعلام مرئي إلى مسموع وصولا إلى بعض المواقع التابعة.
      لماذا لم نستطع أن نقاوم ؟ لأنّ موجة الانتهازية عارمة وقوى الصد المتكئة على المصالح الشخصية قوية بسبب تحالفاتها العميقة مع الحكومة بكافة أدواتها،والتي تعمل جاهدة على تخنيث أيّ حراك لإخراجه مفرغا من هويته السياسية أو المطلبية الواضحة.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد