الملائكة في عهد العم سام

mainThumb

25-02-2012 07:50 PM

 جعل الله سبحان وتعالى الإيمان بالملائكة من البر إذ قال عز من قائل " ليْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ( البقرة 178).

 ولقد نصر الله المسلمين في معركة بدر وأمدهم بالملائكة  ، إذا قال الله تعالى( إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين امنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان).( الأنفال-13)

 كان ذلك في القرن السابع الميلادي و دارت الأيام وتوالت القرون وانتشر الإسلام في المعمورة  انتشاراً واسعاً ، ثم تراجع المد الإسلامي    مع أن عدد المسلمين في العالم يقارب مليارين من الناس ، لكن الأمم ليست بأعدادها  فالمسلمون غثاء كغثاء السيل لا يبالي بهم الله في أي واد هلكوا كما جاء في الأثر. 

فالمسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين محتل ومغتصب ومستباح منذ صباح  يوم الخامس من حزيران حين هتفت بنات صهيون في ساحاته " محمد مات وخلف بنات" حتى يومنا هذا. 

لكن في مثل هذه الأوقات العصيبة ،  يتناقل الناس إخبارا عن نزول الملائكة من جديد   في ديار العرب  والمسلمين . وفي الأمس  القريب  صدر كتاب  بعنوان " آيات الرحمن في جهاد الأفغان"( دار المجتمع للنشر جدة 1985)   تأليف الدكتور المرحوم عبد الله  عزام قائد المجاهدين العرب في أفغانستان أو  The Mujahideen  حسب التسمية الأمريكية لهم كما كنا نسمع اسمهم يتردد عبر أثير الCNN. . أولئك المجاهدون الذين قاتلوا تحت الراية ألأمريكية سنوات طويلة .وجاء في هذا الكتاب في ص 106 ما يلي حرفياً:

  النيران في كل مكان

حدثني أرسلان : كنا في مكان اسمه ( شاطري) عددنا خمسة وعشرون مجاهدا هاجمنا ألفان من العدو( الشيوعيين) ودارت بيننا معركة  وبعد أربع ساعات هزم الشيوعيون وقتل منهم 70-80  شيوعياً وأسرنا (26) شخصا.

 قلنا للأسرى لماذا هزمتم  فقالوا: كانت المدافع والرشاشات الأمريكية تقصفنا من الجهات الأربعة .... ثم قال إنها الملائكة
 ويمضي أرسلان قائلاً:

 هاجمتنا الدبابات وكان عددها (120) دبة ومعهم هاون وسيارات كثيرة ونفذت ذخيرتنا حتى تأكدنا من الأسر فلجأنا إلى الله بالدعاء  وبعد قليل وإذا بالقذائف والرشاشات تفتح على الشيوعيين  من كل مكان وهزم الشيوعيين ولم يكن احد في المنطقة غيرنا ثم قال: أنها الملائكة .انتهى

 إذن  الرشاشات   و القذائف أمريكية نزلت بصورة رشاشات أمريكية!   
 
 واليوم تشارك الملائكة حسب ما يروي أحد الدعاة في الشابكة الدولية  تشارك في  الفتن في البلاد المجاورة لنا في عهد الكلأ العربي.

 المسلم المؤمن  يؤمن بالله وملائكته  ورسله وكتبه واليوم الآخر، ولا نشك بنزول الملائكة يوم بدر  لأن الله تعالى قد اخبرنا بذلك في القرآن الكريم  ، لكن لماذا انزل الله الملائكة في ذلك الحين ؟حسب فهمي المتواضع أن الملائكة نزلت لتوفر الشروط الآتية:

 1-إيمان المسلمين حينذاك بالله ربا أي أنه هو مانح النصر والتأييد  وأن النصر من عند الله العزيز الحكيم ،  وبعدهم عن أيضا عن الشرك ، أي أنهم توكلوا على الله وحده  ولم يبنوا آمالهم على أي قوة في الأرض، لا في الشرق ولا في الغرب
2- كان المسلون مستضعفين  في الأرض عددهم قليل  ،لا كاليوم حوالي مليارين،  إذ يقول تعالى( ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون) – (آل عمران آية 124)، لكنهم كانوا يداً واحدة  خالية من الفرق والشيع والأحزاب كل حزب بما لديهم فرحون ، وكانوا متوكلين على الله وحده ،فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يتحالف لا مع الفرس ولا الروم  في ذلك الزمان ولم  يؤلبهم على قريش، ولم يطلب النصر منهم ولا المدد.

3-آمن المسلمون أن الله هو الذي يحق الحق لا فارس ولا الروم ، على عكس  بعض  مسلمي اليوم الذين يرون في العم سام والغرب محقا للحق فالحق عندهم ما قالت أمريكا،  فطلب المسلمون الغوث من الله  إذ يقول الله تعالى في كتابه العزيز" إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم  بألف من الملائكة مسومين وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم".( ألانفعال-11)

4- ثبات المسلمين على الحق، وعدم الكذب والرياء  فالغاية لا تبرر الوسيلة لديهم  ولم يعرفوا للميكافيلية  سبيلا. ولم يبيعوا دينهم ولا أعراضهم  بعرض من الدنيا، كما يفعل رواد الحانات في أوربا يبيعون أوطانهم بشطيرة هامبرغر، ويسكرون و يغفون على دمنها حالمين بعودتهم إلى أوطانهم على ظهور دبابات الأعداء.

 5- حرصهم على أن يكونوا حيث أمرهم ألله وبعدهم عن الشبهات ،وعدم قبولهم الدنية في دينهم ، وعدم جريهم وراء المال أو تمسكهم بالأذناب حتى وإن كانت  مسبوكة من ذهب، وعدم تقلبهم في المواقف ورفضهم مصافحة أو مهادنة الخائن، فعندهم من يصافح الخائن خائن مثله  أو اشد خيانة. كما أن الحمية العربية كانت تجري في عروقهم فعرفوا لكل حقه وقيمته ،  ولم يأكلوا لحم الكلاب وإن سمنت! كانت شيمهم الوفاء صدقوا وثبتوا ولم يبدلوا أو يهربوا من معمعة قائلين ‘سلمني وخذ لك عباه’

6- رفضهم الجلوس على حصير نذل   لئلا يطلب منهم كل حين القيام عنها،كما رفضوا لبس عباءة  سمسار أو ناطور عند كسرى أو قيصر،   فثبتوا على الحق عاضين عليه بالنواجذ. كما لم يطلبوا العون من  ساقط  ولم يستسمنوا ذا ورم!

7- أخذهم بالشورى  وعدم التفرد بالقرار .

8- قولهم الصدق والثبات عليه ، فلم يقولوا أن  فلانا خائنا وعميلا ووصفوه بأبشع الأوصاف، وقالوا فيه  ما لم يقل مالك في الخمر ، فزرعوا الحقد والكراهية في نفوس الناس  عليه وملئوا قلوبهم غيظاً ، وعندما  رجحت كفته  هرعوا إليه وتلفعوا بعباءته وأخذوا يسبحون بحمده واسلموا القياد إليه! بكل بساطة مراهنين  على أن الناس مجرد قطيع أو دجاجات للذبح أو مطايا لمن ركب أو أنهم جميعا قد  أصابهم مرض النسيان، وأنهم جوعي يرضيهم حفنة من طعام جاد بها طويل عمر عليهم ونسوا قول الشاعر:
 ومطعمة الأيتام من كد فرجها لك الويل لا تزني ولا تتصدقي!

9 – بعدهم عن الدروشة ، بل دانوا أنفسهم واتعظوا بغيرهم   وعملوا لما بعد الموت. وحذروا عدوهم  واخذوا  بأسباب النصر. فلم يخدعهم عدو   بتصريح ثم صدقوه فركنوا إلى السلم فجاءتهم الغارات وحصدتهم حصدا في غفلة منهم.
10-  لم يكن فيهم دعاة على أبواب جهنم ‘يلتقطون الصور التذكارية مع حاخامات‘ دعاة على أبواب جهنم، من أطاعهم  قذفوه فيها. لم يكن فيه علماء يدسون السم  في الدسم حسب ما يخطط الأعداء!

11- جهادهم كان لله وتحت رايات الله ولم ينضووا تحت أي لواء غير لواء الله.
 
  وبعد فيا  أيها المارون عبر الكلأ العربي إن ملائكة الله لا تنزل إلا بأمر من الله، أما ترهاتكم عن نزول الملائكة في عهد العم سام بصورة رشاشاته فهي  من بنات أفكاركم تخادعون بها الناس وما تخدعون إلا أنفسكم ولكن لا تشعرون. في عهد بدر كانت الخيول سائدة فلم لم تنزل اليوم بصورة  رجال يلبسون ثيابا بيضا على صهوات الخيول، وهل عددكم قليل وهل صفاتكم هي صفات أهل بدر؟ ومتى كان داعية فتنة بحاجة إلى ملائكة الله تنصره ، أما تكفيه شياطينه ؟



*  مدرس في كلية عجلون الجامعية


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد