نقابة المعلمين : يا حيف

mainThumb

05-07-2012 08:16 PM

 تعلمون أن نقابة المعلمين لم تأت عن قرار حكوميّ وطنيّ جريء ولا عن مكرمة نابعة من رؤية شاملة  لتطوير التعليم ونهضة المعلم ،وإنما جاءت بثورة حطّمت قيود الاستكانة وانتشلت رُسل التعليم من غياهب الظلم والتهميش ونفضت غبارا تراكم عبر أحقاب طويلة صنعتها سياسات الجهل والتبعية ومطرقة القمع والتهميش.

         نعم هكذا ولدت النقابة لتسمو بالتعليم والمعلم لأنهما الوطن والمستقبل والأمل، من هنا كان الأمل أن يكون لها الدور الرياديّ في قيادة المجتمع ومعايشة قضاياه، لا أن يصبح دورها استكانيا مسلوخا عن المجتمع وفي آخر صفوفه،فهل ضلّت النقابة طريقها؟
        تداول في هذه الفترة مسودة للنظام الداخلي لنقابة المعلمين،إذا صحّت في كونها تعبر عن رؤية نقابتنا الوليدة ، فإنها خيبة الأمل،وإن تبناها مجلس النقابة الموقر فإنه ضياع للطموح وخنق للثورة وقتل للإرادة مع سبق الإصرار والترصد.
 
         في قراءة سريعة لما تفضل به مجلس نقابتنا المحترم،نقف على بعض الملحوظات،ولعل أهمها الباب الأول الذي عنون ب(النقابة وأهدافها):
 
         وبالنظر إلى الأهداف الأربع الواردة أو (المنسوخة من قانون الحكومة) نجد أنها تجاهلت تحسين الوضع المعيشي للمعلم ولم تتطرق إلى حقـّه في المطالبة بزيادة الأجور،مما يعني أننا نتحدث عن الأهداف الفضفاضة ذاتها التي تتبناها وزارة التربية والتعليم وهنا تصبح النقابة حملا زائدا على المعلم لا غير،إذ من هي الجهة التي ستطالب للمعلمين بتحسين أوضاعهم المعيشية في بلاد لا يسمع المسؤول فيه أنين أحد ولا يرى حقّـّه إلا بعد أن يُشعل بنفسه رمادا؟
 
         وتحت عنوان (الإجراءات التأديبية) والتي احتلت مساحة كبيرة من المشروع المقدم،تكونت من ثلاث عشرة مادة وبكلمات اقتربت من الألف وبنسبة تقترب من 25% من المشروع،مما دفعني للشعور بأن النقابة وجدت لتأديب المعلم،والمعيب استخدام هذا المصطلح (التأديب) في الحديث عن المعلم الذي يحمل رسالة الأنبياء،وكاد أن يكون رسولا،في الوقت الذي لا نستخدم هذا المصطلح للطالب حفاظا على مشاعره،نحن مع محاسبة المقصّر، ولكن هل هذه هي أولويات النقابة؟ ألم تجدوا مصطلحا أرقى في التعامل مع المعلمين؟
 
          في المحصّلة جاء الجزء المطروح من النظام الداخلي حديثا عن العضوية ومكونات النقابة وتأديب المعلم،وكأن وزارة التربية وعبر عقودها كانت رحيمة بالمعلم لتأتي نقابتنا فتؤدبه!
 
         وهنا التساؤل: إذ كيف سيُعاقب المعلم من قبل صاحب العمل ومن النقابة في آن واحد؟ وهل يجوز أصلا أن يعاقب الشخص مرتين على خطأ واحد؟ وهل ستبدع النقابة أكثر من الوزارة ومن بعض مافيات التعليم الخاص في خلق عقوبات تؤدب بها المعلم؟ كنّا نأمل يا رفاق الحراك أن يكون بحثكم عن آليات حماية المعلم لا تأديبه،هي أولوياتكم،لأن معلمنا الذي علّم العالم أبجديات الثورة وجاء بكم، مؤدبا ولا ينقصه التأديب.
 
         في مجالس النقابة الكثير من الزملاء الذين ناضلوا من أجل ما ذكرت،وما زال الأمل معقود في نواصي خيلهم، ليعودوا إلى الصندوق الأسود في ثورتهم، ويعيدوا البوصلة إلى اتجاهها السليم من خلال رسم نظام داخلي وانتخابي متحضر يُعلي من المعلم ولا يكون سوطا إضافيا مرفوعا على أجسادهم، ولتعلموا أنكم تعبرون عن مطالب المعلمين ولا تتفاوضوا عليها، وحتى لا يصبح حالنا كمن يستجير من الرمضاء بالنار،وحينها نُلحّن ونردد نقابة المعلمين : يا حيف يا حيف


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد