قانون الانتحاب لا الانتخاب !

mainThumb

20-07-2012 03:21 PM

 عنوان للإصلاحات المهولة التي قام بها النظام الأردني في زمن الهبَّة العربية الكبرى، ويريد من خلاله أن يتفادى العصف الذي أطاح بغابة النظم الفاسدة الفاقدة للشرعية من حوله!

كيف لا نعجب ولكل شيء في الحياة قانونه وسنته: فقانون للطفوِّ والرّسوب، وثانٍ للجذب والتلاشي، وثالثٌ للصحة والمرض،ورابعٌ للحياة والموت، وخامسٌ للضحك والبكاء، و..و.. { وأنه هو أضحك وأبكى}.
قانون الانتحاب قانون رهيب ظلّت النظم الغاصبة جاهدة في رعايته، وتهيئة ظروفه، إقامة أسبابه، حين قهرت الشعوب، وزوّرت إرادتها، وهدرت كرامتها، وسعت في تهميشها، والاستخفاف بقدرتها وطاقاتها، حتى إذا اطمأن الطاغون المعربدون لأدواتهم، واغترُّوا بسيطرتهم جاءهم المدّ العاتي، وعلاهم الموج من كل مكان، فدبّ فيهم الذعر، وأطلقوا لسان التوبة في وقت  بطلان قانونها: {َحتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ: آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِـهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ، وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ * آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ * فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً، وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ *.
 
 لا شكّ أن كل النظم العربية البائدة كانت تُمارس الديمقراطية، وتُجري الانتخابات بصورة دَوريّة، وربما ثوريّة في كثيرٍ من الأحيان، لكن عوامل الكذب والتّزوير (أعني الحتّ والتعرية) ظلت تستهدف حرف (الخاء) وتُؤَثِّر على النقطة الفارقة فيه، فحوّلت الكلمة من معنى (الانتخاب) والانتقاء للارتقاء إلى معنى (الانتحابِ)، والنَّحبُ: الموت وزهوق النفس وهمود الكَيان، والانتحابُ أيضا: ارتفاع الصوت بالبكاء والعويل.
 
إن الإصرارَ على تزوير إرادة الناس، وتعمُّدَ الالتفاف على حقوقهم ومطالبهم، وازدراء ذكائهم، ومصادمةَ وَعْيهم سيكسر حتما لوح الزجاج الواقي الذي يعزل طغمة الغاصبين للسلطة عن واقع الناس، وسيتسبب بجروح عميقة، وتشوهات بليغة في الجسد والوجه، وربما أفضى إلى فقدان الحياة.
 
ما كان يجري في كل الدول العربية - ومنها الأردن - على مدى عقود من الزمان من: فساد وقهر ودجل وإقصاء للتمثيل الشعبي الحقيقي - استنفذ طاقته في النخر في كيان الدول، وأتم مُهمّته في تجريد (الخاء) من نقطتها، وظلّل الأجواء واللحظة الراهنة بظلال قاتمة، ولبَّد سماء النظم، وأوقف الجميع على أعتاب الفوضى التي سيكون ضحيتها - قبل الشعوب - زُمرةُ الفاسدين ونُظمهم، لأنهم لم يَعُودوا قادرين على السماع إلا من أنفسهم، أو النظر إلا بعيون أمنياتهم وأهواهم، مع أن الوقائع تسير بخلاف ما يتوقعون.
قانون (الانتخاب) الذي يقدمه النظام الأردني لشعبه خطوةٌ على طريق (الانتحاب) أو الموت وقضاء النحب، وأمنية في سلسلة الأمنيات بالاستثناء من القانون الجاري على الآخرين، وهذا النهج يمثل حالة من العمى، ومغامرة غير محسوبة تورّط بها كل الذين عضوا الأنامل ندما، فلا مبارك كابن علي، ولا القذافي كمبارك، ولا بشار كالقذافي مع أن السبب والعلة واحدة، وقطرة الدم ظلت كلمة السّر في إنفاذ القانون، وإمضاء سنته في المعاندين.
الفساد في البلاد عريض، والدولة على شفير الهاوية الساسية والاقتصادية والاجتماعية، وميكانيكا الفساد مصرة على الاستمرار، والشعب مُتيقظ لحقوقه ومُصرّ عليها بصورة لم يسبق لها مثيل منذ نشأة الدوله الأردنية، والمخرج كلمة واحدة: تمكين الشعب من سلطاته. وجوهرها: تعديلات دستورية تنال بالتغيير المواد (34- 35- 36) من الدستور، وقانون انتخاب عصري لا حصري، ومحاسبة جادة للفاسدين، وتبعية الأجهزة الأمنية بصورة فعلية لوزير الداخلية في حكومة برلمانية، بعد انتخابات نيابة نزيهة برعاية دولية.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد