النمو للأسفل والتقدم للوراء

mainThumb

15-11-2012 07:18 PM

 تعتصر قلبي غصة و ينتابني شعور عميق بالأسى لما ال اليه الحال في وطني الغالي..الأردن.

 

      ففي الثمانينات والتسعينات وبينما نحن في مقاعد الدراسة كنا ننظر بعيون شاخصة وقلوب نابضة للمستقبل المنشود, وبينما ترعرعنا في جامعاتنا الأردنية الشامخة على يد نخبة من أبناء هذا الوطن الغالي كان يملؤنا الأمل بمستقبل واعد وكنا على يقين بأن الأردن سيكون له شأن على كل الأصعدة العلمية والمؤسسية والسياسية, فقد كانت كل المؤشرات توحي بمستقبل مشرق واقتصاد مزدهر وقد أصبح الأردن مقصدا للتعليم والتطبب والتدريب والهندسة والسياحة وغيرها. فالأردني بكفاءته حقق الكثير من الانجازات وأثبت بأن الانسان قد كان فعلا أغلى ما نملك!
 
     أتحدث عن حالي وحال جيلي ممن تقع عليهم المسؤلية الأعظم, من وجهة نظري, في ادارة الدفه في بلدي الحبيب. لم يكن ببال أحدنا يوما أن نقف في بلد كالأردن بكفاءاته وموارده وموقعه موقفنا هذا اليوم. ولم يعد في حديث الشارع الا اللا مخزون واللا موجود واللا مامون من مأكل ومشرب ومأمن وحرية فكر. وكأننا بالزمن قد عاد بنا خطوات للخلف وكأن النمو قد أشار بأسهمه للأسفل بدلا من الأعلى وكأن مؤشر التنمية قد فقد صوابه وانعسكت لدينا كل الموازيين.
 
     لا بد من الاعتراف بكل التحديات التي مرت بها دولتنا التي ما عادت فتية , والصمود والرباط الذي مارسه أهلها طوال السنين, والعطاء والحب الذي قدموه ومازالوا عن كرم وخلق وحسن جوار. ولكن بالرغم من هذا وبحساب العارف فان المنطق يقول بأن الكفة كانت يجب أن ترجح نحو النمو والازدهار.
 
     ما ال اليه حالنا لا يبشر بالخير, ويجعلنا قلقين على مستقبل هذا الوطن ومستقبل أبنائه فمن ضيع فرص النمو في السابق سيضيعها حتما في المستقبل, ما دامت الأيدي العابثة هي ذات الأيدي وما دامت البوصله معطلة عند أصحاب القرار.
 
     عندما تفلس الحكومات المتعاقبة في ايجاد حلول ذكية في زمن أصبح كل شيء فيه ذكي فان هذا ليدعو للقلق حقا. وعندما تتزايد أعداد البطاله بينما تزداد أعداد المتعلمين فانه لمؤشر لقله الحيلة داعيا للتساؤل عن أهلية أصحاب الحل والعقد.
 
     ان ما نحتاجه اليوم هو التفكير بطريقة خلاقة وأكثر ابداعا في زمن ربما زادت فيه التحديات ولكن حتما زادت فيه الفرص والحلول أيضا. قد نحتاج حكمة الشيوخ في توجيه ومباركة خطانا العامة ولكننا لا نحتاجها في حل المعضلات الاقتصادية والتقنية التي تواجهنا. بل نحتاج للعلم والتقنية والابداع والتفكير الخلاق. نحتاج لدعم التقنيات الجديدة والحلول الخضراء أكثر من أي و قت مضى ونحتاج للتجديد في الطرح وليس الرجوع لحلول ما عادت تجدي نفعا.
 
     مما لفت نظري في طرح الحكومة الأخير, دمج وزارة البيئة مع وزارة البلديات عودة لترتيب قديم ما عاد يصلح ولا ينفع. فكلا الوزارتين من أهم الوزارات وأكثرها تاثيرا في بلد يرنو للتنمية. وعملهما منفصلتين يؤدي لنتائج وقرارات أكثر صوابا ويفسح المجال لكليهما بالتقدم كل في مساره. لقد أحرز الأردن تقدما و حضورا في صعيد البيئة يسجل له ويراد له التقدم والعمل بفاعلية ولا ينبغي حصره وتقييده. وان المسؤوليات الجسيمة المناطة بوزارة البلديات والمهام التي تقوم بها قد تتقاطع مع وزارة البيئة وتتطلب من كليهما التعامل مع القضيا كل من منظومته. ولا أدري من المستفيد من مثل هذا القرار؟؟ وقد كان الاحرى دمج وزارات أخرى أكثر تقاطعا ان لزم الامر.
 
     ومما لفت نظري ايضا , دمج وزارة الشباب مع الثقافة بالرغم من أن لكل منهما رسالته.  لم ضنت الحكومة على الشباب وهم أكثر من نصف المجتمع وعماده وثروته وزارة تعنى بهمومهم وتسعى لتطويرهم؟ أم أنه الخوف من تكرارما حدث في تاريخ قريب؟؟؟
 
     ولكن وللانصاف فانه يسجل للحكومة أن مما أحسنته دعم حلول الطاقة الشمسية و الخضراء و البدء بمشروع ضبط الكماليات من نفقات. في خطوة متأخرة بضع من السنين.
 ولن أقف هنا على ارتفاع الأسعار لانه لن يسعني حينها الا التوقف عن الكتابة لشدة الألم!!!!!
 
      فيكفينا حرقة أن نعرف أن هناك مريضا أو طفلا يبكي في هذه اللحظة من البرد. أو أن هناك من يأكل عشاءه, عفوا خبزه, و قد غمسه بالماء, ان وجد, بدلا مما اعتاده من شاي ليقتصد بالغاز ويوفره لوجبة الغداء. وكم من جلسات الشتاء الدافئة ستختفي لأن كلفة اعداد الشاي أو السحلب ما عادت في ذات اليد. ويكفينا أن نعرف أن الشجر قد ينقرض في هذا الشتاء, وربما للأبد, ليصبح حطبا لمواقد الفقراء. أما في حال طال الشتاء فلا ندري ماذا بعد قد يصبح حطبا للمواقد!!!
 
     سيدي وأخي صاحب القرار, مرورا بالمدير والمستشار والوزير وغيرهم والسلم طويل. قف لحظة وانظر حولك. وتذكر أنك في بلد خامته الأوليه وثروته الحقيقية هي أبناؤه وكرامتهم. واسال نفسك ومن حولك: ترى هل فعلا ما كان حلا هو الحل؟؟؟؟؟


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد