صحيفة السوسنة الأردنية

لن أنسى أبدا تلك الحرب «التويترية» الضروس التي شنها علينا مجموعة مغردين من التيار الديني بعدما اعلنا عن استضافة عارضة الازياء العالمية كيم كارداشيان لتصوير حملة اعلانية خاصة..فلم يلبث الا غرق تويتر «بهاشتاقات» متنوعة ومختلفة تطالب الحكومة بايقاف قرار – منع الدخول - عن مجموعة من شيوخ الدين ومنع عارضة الأزياء كيم كارداشيان من دخول الكويت، ولا أعرف سبب تلك المقارنة!

وما زلت أذكر أيضا ذلك الاتصال الهاتفي الحانق حيث قال لي احدهم: ترضى تدخل كيم علينا والعريفي ممنوع من الدخول؟ وما شأني أنا بالعريفي؟ وبعد صولات وجولات، وإرهاب هنا وتحريض هناك، اتصل عليّ احد المسؤولين وهو يقول متلعثماً وبصوت غلب عليه الخجل: «شغلكم ماشي، بس أذونا جماعتهم! لو توقفون إعلان التلفزيون أكون شاكر لكم الصراحة»..ولم نوقفه! قبل أسبوعين تقريباً قدم الزملاء بمؤسسة الوطن دعوة للموهوب بدر آل زيدان لزيارة الكويت أيضا لما يمتلكه من شعبية طاغية على شبكة الانترنت، «وتيتي تيتي مثل ما رحتي جيتي»: فلم تطأ قدما الولد أرض الكويت حتى سلخوا جلده بهجمة غوغائية مرتدة تطالب باستبعاده من الكويت على الرغم من انه سعودي ابا عن جد، حتى السعودي ما سلم منهم! أين كانت النُكتة؟ فبعد أن كان مقررا اقامة حفل جماهيري لزيدان بالكويت، اصدرت وزارة الإعلام أمراً حاسماً بإلغاء الحفل، وعندما سألت أنا بصفة شخصية عن سبب هذا القرار كان الرد: ان هذا الولد يتعارض مع العادات والتقاليد هنا، ونجوميته تخدش حياء المجتمع الكويتي المحافظ! والله؟ على أساس أن الكويت بلد محافظ..وأهل الرياض ليبراليون مثلا؟

العالم يمضي إلى الامام، ونحن أعيننا مثبتة الى الخلف.. وإن كان جماعة الوصايا والملالي يعتقدون بانهم سيمنعون الشعب من مشاهدة هؤلاء النجوم فهم يحلمون! والدليل افواج الكويتيين الذين قطعوا آلاف الاميال لدبي لحضور حفل غنائي او عرض مسرحي كان قد منع من الكويت..وان كنا نعرف مغزى الضغوطات الاسلامية ومن يحركها، الا اننا لا نجد تفسيرا واحدا لحكومة تكرس جهدها وهمها ووقتها لارضاء الشارع، وتلهث لاخماد غضبه دون النظر للضوابط القانونية!

طبقوا القانون «وخلوا» الناس تشتغل! وان ارهبوكم بغزوهم الفكري فقولوا لهم: العريفي «الممنوع من الدخول» اخطأ على الكويت وحرض على اميرها..اما بدر آل زيدان وربعه فما كفروا وهم يرسمون البسمة على ثغور الناس!

٭٭٭

لم يخطر في بالهم قط ان تلك الزوبعات والهجمات التي يفتعلونها قبيل زيارة الضيف للكويت دائما ما تكون في صالحه..انه التسويق غير المباشر! تخيلوا ان جريدة أمريكية كتبت بعنوان ساخر: استقبال الكويتيين الحاشد لكيم كارداشيان فاق استقبالهم لجورج بوش الأب الذي حرر الكويت!!

٭٭٭

ما رسخت بذهني جملة في حياتي بقدر تلك اللعينة التي اطلقها احد اساتذة الاقتصاد في «كورس» التخرج ايام الجامعة..قالها بخبث وهو الامريكي ذو الاصول الاردنية وكأنما نثر الملح على مكمن الجرح: بلدكم هاي جنة والله جنة، بس عيبها شغلتين..الغبار والحسد! تباً لهما.

٭٭٭

لعل الايام القادمة ستشهد خسائر فادحة وسقطات متوالية للمعارضة الحالية وجماعة «لاقتحام المجلس ولدتني أمي».. والسبب: انهم كانوا يمتلكون بين ايديهم سلاحا فتاكا بدأ الآن بالتآكل والذبول..بل أكاد أن أرى بعيني بعد شهور قليلة سيصبح هذا السلاح غير المرخص «مصدي» وغير صالح للاستخدام البشري..اتعرفون ما هذا السلاح؟ انه تويتر! فبعد ان مزقوا اكبادنا بحديث السياسة ليل نهار، «هَج» الشعب من جحيم تويتر الى وسائل اجتماعية اخرى، فبات تويتر الآن أشبه «بالفِرية» المهجورة، يعني بالكويتي «خرمس»..لماذا اسميته بالسلاح غير المرخص؟ لأن «ربعهم» الذين نصبوا انفسهم كخبراء اسطوريين للسياسة دائما ما يتنكرون بأسماء مستعارة على وزن «دستوري، عقالي، كرامتي، مو-غوغائي» و«طايحين له سب» في خلق الله دون رقيب او حسيب..وربما غاب عن عبقريتهم ان الكويتيين شعب «هبة» وتواق لكل ما هو جديد..ونستطيع ان نختصر كل ما فات: ان سلاحهم هذا سيكون بعد فترة وجيزة اشبه بمن «يكشخ» الآن بجهاز نوكيا من فئة «كيت كات»..الله يعز الانستغرام!

* الوطن الكويتية