نقابة المعلمين : سنة في ميزان سيّئات الإخوان

mainThumb

20-04-2013 09:55 PM

 عام مرّ على تشكل أولّ مجلس لنقابة المعلمين في الأردن، مجلس تكون عبر صفقات أسفرت بالمحصلة عن مكونين رئيسين: إخواني يتلقى تعليماته من المرشد العام للجماعة ، وأتباع يتلقون تعليماتهم من أعضاء المجلس الإخوانيين، بالنتيجة كلا المكونين توقفت رؤيتهم عند كيفية المحافظة على مكتسباتهم الذاتية،بعيدا عن العمل الجاد والرؤية الواضحة الحقيقيّة، التي ناضل لأجلها وانتظرها المعلمون لعقود.

 

 هناك قضايا جوهرية كانت وما زالت مطلبا وحلما للمعلم،كانت الدافع الرئيس لنضالهم من أجل النقابة،وسنقف هنا على مدى معالجة النقابة لهذه القضايا، ولعلّ أبرزها:
القضية الأولى : وحدة المعلمين وتكافلهم،
 
        عُقد الأمل بجسم نقابيّ يعبّر عن نفسه ماردا يحتضن جميع المعلمين على كافة اختلافاتهم الفكريّة ،يستمدّ قوته من وحدة صفّهم وتلاحمهم مع مجلسهم على أرضيّة الاحترام المتبادل، وتقبّل الآخر ، وتمثيله للجميع لا لفئة بعينها.  
 
       حقيقة الإنجاز في هذا المطلب تقارب درجة حرارة شرق سيبيريا وربما أقلّ ، إذ بهمّة المجلس الموقر تمّ تقسيم جسم المعلمين وشرذمة مواقفه، نتيجة سياسة الإقصاء والفهم المريض لمفهوم الديمقراطيّة،ونتيجة حبس المجلس لنفسه، وبمكونيه بما يدور على الساحة العربيّة ، ومدى تقدّم نجاح أو تأخر مشروع الإسلام السياسيّ القطريّ التركيّ ، وقبلته الصهيوأمريكيّة،وقد تجلى هذا الربط ( لمن يستغربه ) بموقف الإخوان المسلمين من النظام الانتخابي للنقابة، والذي سيأتي الحديث عنه لاحقا.
 
بالمحصلة رأينا انقساما واضحا بين طرفين، المجلس والفروع،وبين المجلس والكثير في الهيئتين المركزيّة والعامة،رُسمت نتائجه بضعف واضح لقرارات المجلس،ابتداء من الإضراب الأخير ومرورا  باعتصامات فرع عمان وانتهاء بالتلويح المستمرّ بالتصعيد.
 
 
القضية الثانية : كرامة المعلم وهيبته
 
 
        وهنا قد يكون التقييم أكثر سهولة ، إذ يستطيع المعلم أن يلحظ نجاعة قرارات المجلس الموقر بهذا الشأن، والمتابع للميدان يلحظ ببساطة حجم الاعتداء المتصاعد على المعلمين في زمن النقابة، والأهم تنصّل المجلس من مسؤولياته تجاه زملائه وقضاياهم إلا تلك القضايا التي تشكل دعاية إعلامية لهم.
        والأدلة على ذلك كثيرة ، ليس آخرها موقف المجلس من قضية الاعتداء التي تعرضنَ لها معلمات مدرسة سلبود الأساسية المختلطة،  ورفْض المجلس تبني قضيتهنَ ، بل ورفضه توكيل محام ليتولى متابعة القضية ، مبررين ذلك بقلة مواردهم،وهنا أعطيهم كامل الحقّ خاصة بعد ارتفاع ثمن المناسف واللحوم البلدية، الزائر الدائم للنقابة وضيوفها.
 
القضية الثالثة : التأمين الصحيّ
 
 
      والتي أطلقها فرع النقابة في عمان وعمّدها المجلس الموقر، ففي قراءة سريعة لما أعلن من قبلهم يتضح أحد أمرين: إما جهلهم بقضايا التأمين الصحي في القطاع الخاص ، وإما مؤامرة على المعلم تهدف الى إلغاء عدد كبير من المعلمين لتأمينهم الحكوميّ وإلحاقهم بالمستشفى الإسلامي كهدف استثماريّ، بعيدا عن مصلحة المعلمين والنتائج الوخيمة المترتبة على ذلك.
 
لمن تغريه فكرة التأمين الخاصّ عليه أولا أن يسأل عن السقف الذي تغطيه شركات التأمين أولا ، ثم عليه أن يسأل عن عدد الأمراض التي لا يغطيها تأمين تلك الشركات ثانيا.
 
كان الأولى بالمجلس أن يبحث عن صيغة تحسّن التأمين الحكومي للمعلم وتحفظ كرامته، لا أن تجرده من حقّ مكتسب لتلقي به في غياهب الشركات الرأسمالية العفنة.
 
 
القضية الرابعة : الضمان الاجتماعيّ
 
 
         يدور نقاش عام حول القانون المؤقت للضمان الاجتماعيّ بين جميع الشرائح المعنيّة به، لما له من أهمية قصوى، تمسّ حياة جميع العاملين في مختلف القطاعات،هذا القانون الذي مازال مؤقتا رغم مرور ثلاث سنوات على تطبيقه وعلى جميع المنتسبين القدماء منهم والجدد.
 
         لعل خطورة هذا القانون تتركز حول مسألتين: الأولى: إلغاء التقاعد المبكر لمنتسبي الضمان، وما له من آثار سلبية على كفاءة الأداء وخنق لفرص العمل،وتجاهله لمفهوم الاحتراق الوظيفيّ (خاصة في قطاع التعليم) ،وهضم لحقوق من انتسب على أساس القانون القديم، بحيث يكون للرجال عند سن 60 عاما ، وللنساء 55 عاما.
 
       والثانية: مسألة الحسبة التقاعديّة،فقد جرى تعديلها من (معامل 2،50 %) وعلى أساس معدل آخر 24 شهرا إلى (معامل 1،87%) وعلى أساس معدل آخر 60 شهرا ، بمعنى خسارة ما لا يقل عن 30 – 35 % من الرواتب التقاعدية كفروقات بين القانونين، القديم والجديد.
 
       دور مجلس نقابتنا الموقر في هذا الملف، صفر نقاش، وصفر تدخل، وكأن هذا الملف لا يعنيهم هم وأكثر من مئة ألف معلم، متأثرين بهذا القانون الجائر.
 
 
القضية الخامسة : صندوق ضمان التربية
 
 
       كان المطلوب وضع حدّ للتغوّل الذي يطال أموال هذا الصندوق من قبل وزارة التربية والتعليم، والدفع باتجاه حصول المعلم على كامل مستحقاته مع أرباح تشغيلها لسنوات طويلة ، لا أن يكون صرّة توفير منقوصة للمعلم ، ودجاجة بيّاضة للوزارة .
 
       دور مجلسنا الموقر تراوح بين فتح ملف القضية وإغلاقه، وفي الحالتين كان إعلاميّا فقط ، والمتتبع يلحظ أنّ العامل الأوّل في تحريك الملف أو تجميده هو موقف الوزارة من أعضاء المجلس،وخاصة مسألة تفريغ أعضائه،بمعنى أن المجلس يستخدم هذا الملف كورقة ضغط لحماية أعضائه شخصيا،عندما تُطرح مسألة قانونيّة تفريغ أعضائه،بعيدا عن الإيمان به كحقّ للمعلمين، يجب طرحه بشكل جدّيّ ، وإزالة اللثام عنه ، ليقوم بدوره الضمانيّ المأمول.
 
        ومع ذلك نرى المجلس يؤكد على هذا الملف باعتباره منجزا،كما أعلن عنه تحت عنوان : المجلس يستعرض إنجازات اللجنة المشتركة بين "المعلمين" و" التربية والتعليم ".
 
       وعند الدخول إلى مضمون العنوان لرؤية الإنجاز العظيم ، تجد الجملة التالية: "تناولت اللجنة الغالبية العظمى من القضايا التي تهمّ المعلمين مثل صندوق ضمان التربية".
 
في زمن مجلسنا الموقر أصبح مجرد الحديث عن القضايا إنجازا ،تُقدم لأصحابه القرابين ،ويبنى لهم المقامات.
 
 
القضية السادسة : معلمي القطاع الخاصّ
 
 
        تأخذ هذه القضية أهمتها من عدد المعلمين في هذا القطاع ، ومن سطوة رأس المال الذي يحكم عملهم.
 
       كنا ننتظر من المجلس الموقر الإسراع في التوصل وبالشراكة مع وزارة العمل الى صيغة عقد يحفظ للمعلمين حقوقهم، ابتداء من تضمين العقد المدة الزمنية ليكون عاما كاملا ( 12 شهر ) بدلا من عشرة شهور، وأن يتضمن الحدّ الأدنى للأجور والحدّ الأعلى لعدد الساعات (الأنصبة)، ليحمي معلمي القطاع الخاصّ من التغوّل والاستعباد الذي هو عنوان أغلب مدارسه.
 
        الإنجاز "المضحك" الذي حققه المجلس بهذا الشأن، هو نسخ للعقد السابق ونشره مرفقا بصور المجاهدين الذين حرّروه ، وكلمات الثناء للقادة العظام ، العباقرة الذين قاموا بتصويره في إحدى المكتبات،والتغني به على اعتباره منجزا إعجازيّا للمجلس.
 
 بعد ذلك وبكلّ استخفاف، تعلن النقابة عن تنصلها من هذا العقد (المنجز العظيم ) لتؤكد بذلك استخفافها بعقول المعلمين، إذ كيف تقدم القرابين شكرا لمن سعى لتحقيق هذا الإنجاز، وبعد أقل من شهر تتنصل منه النقابة،دون تقديم أسباب تفسر دوافع التطبيل له سابقا ،والتنصل له حديثا ؟
 
 
القضية السابعة : النظام الداخليّ
 
 
      ليكون العمل النقابيّ عملا مؤسسيّا ناجعا، لا بدّ له من نظام داخليّ توافقيّ، يأخذ بعينه حقوق المجموع، والتنوع الموجود، والعدل، والعمل المؤسسيّ، وأن يكون ممثلا لأطياف المعلمين لا لطيف مكوني المجلس.
      وهنا لا بدّ من الاعتراف بقدرة المجلس على صياغة نظام داخليّ وبمدّة زمنية قصيرة لولا سعيهم الدؤوب لتكييف نظام، يحفظ للمكونين الإخوانيّ والتابعيّ حضورهما وتفردهما وسيطرتهما الدائمة على المجلس.
       لعلّ المعيق الأبرز كان في النظام الانتخابيّ للنقابة ، ونعلم جيدا أنّ النظام الموجود ( القائمة المغلقة المطلقة) جاء نتيجة توافق مخابراتيّ إخوانيّ، مدعوما من أصحاب العقول المغلقة، ممن سعوا إلى مصالحهم الذاتية، بالمحصلة كان هذا الثالوث خنجرا حقيقيا غُرس في جسم النقابة، ليضمن تفتيتها فضعفها المزمن ، وليضمن نتائجها التناوبيّة بين جهازي الإخوان والمخابرات .
 
      وهنا أعود لأربط الموضوع بالمشروع الإخواني بالمنطقة ، المشروع الاستحواذيّ الإقصائيّ الهادم لقيم الإسلام الإصلاحيّ، الدعويّ، التسامحيّ، التشاركيّ، الجهاديّ، لينقله الى الإسلام الحَمَديّ الأردغانيّ ، السلطويّ المنفر ، المهادن والمطبّع ، المعادي للآخر وللثقافة والفكر والحوار. وهذا ما يؤكد عليه السلوك اليومي لمنتسبي الإسلام السياسيّ في نقابة المعلمين، وغيرها من النقابات والمؤسسات.
 
       من هنا يبدو خيارهم الإبقاء على النظام الانتخابيّ ،الانتهازيّ، والمتخلّف،عاما آخر،حتى وإن عطّل ذلك وجود نظام داخليّ للنقابة،لأنّ المهم بالنسبة لهم السيطرة وليس العمل ورعاية مصلحة المجموع ،المهم أنهم يتجهون إلى إبقاء الأمور على ما هي عليه، حتى إجراء الانتخابات القادمة ، على أمل أن تكتمل دورة الإخوان ومشروعهم في المنطقة وبذلك يحصدون أغلبية الثلثين، وإقصاء نشطاء حراك المعلمين، وتسخير مجموعة الواجهات أو الدميات (التي بدأت تظهر وتُعرف أسماؤها جليا) على نظام المرزوقيّة،وعندها يسوغون نظامهم الذي يضمن لهم استمرار السيطرة على النقابة ، ومواردها كجزء من مشروعهم الاستحواذيّ، الإقصائيّ العام .
       سعيت لأن أجد منجزا حقيقيّا في بئر ظلماتهم ولكنّي وللأسف لم أجد سوى وهم الإنجاز ومرض الانحياز ، فكانت وبامتياز، سنة في ميزان سيئاتهم.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد