يعقوب زيادين .. أصحاب المباديء لا يموتون

mainThumb

07-04-2015 09:16 AM

شاءت  قدرة الله أن يوارى جثمان المناضل الإنساني المبدئي د.يعقوب زيادين الثرى  عن عمر ناهز  الخمسة وتسعين عاما  قضاها دفاعا عن الإنسانية وإنتصارا للمظلومين  ، وبالمقابل  قدر الله سبحانه وتعالى أن تبقى روحه الطاهرة   تتخذ من الثريا عرشا لها ، فالرجل لم يكن ككل الرجال ، لا خلقا ولا  تمسكا بالمباديء ولا ممارسة سياسية ، فقد كان عدو التلون والإنتهازية ، وإزدواجية المواقف ، سرها وعلانيتها  ،بل كان صلدا   لا تهزه الريح مهما كانت عاتية ،  وكان يفعل قبل أن يقول ، لذلك كان المثال الحسن والقدوة الصالحة  والعنوان الصحيح للإلتزام  .
ولد وتربى  مناضلنا المثل المرحوم  د.يعقوب زيادين في قرية السماكية من أعمل الكرك جنوب الأردن الصامد في وجه التهميش والفقر ، وهو  من إخواننا النصارى بطبيعة الحال ، وقد درس الطب وأصبح طبيبا لكن ليس ككل الأطباء الساعين لزيادة الرصيد وإستغلال المرضى ، والغريب في الأمر أنه  قرر التوجه إلى القدس إبان كانت تحت الحكم الأردني في ظل وحدة الضفتين بعد  نشوء "مستعمرة "إسرائيل ، وقضمها للساحل الفلسطيني .
كانت نية  الدكتور  زيادين الترشح في الإنتخابات النيابية عن المقعد المسيحي ، والمفروض أنه كان غريبا  عن القوم هناك ، ومناقضا لهم في أفكارهم كونه كان شيوعيا ماركسيا ، لكنه لم يكن في واقع الحال غريبا في القدس ، فقد أحبه المقدسيون وكأنه واحد من هم ، كما انه لم يكن شيوعيا  مثل بقية الشيوعيين ولا ماركسيا كبقية الماركسيين العرب ، وهذا ما أهله للفوز في البرلمان الأردني في إنتخابات عام 1956، وضرب مثلا في الولاء والإنتماء والأداء والإستقامة  ، لكنه وبسبب القانون الأمريكي لمكافحة الشيوعية المعمول به في الأردن  آنذاك  والذي جرى إقراره في أمريكا في الرابع والعشرين من شهر آب عام 1956 ، لمكافحة المد الشيوعي في أمريكا والمساحات  التابعة لها ، أصبح من رواد السجون والمعتقلات ، لكنه كان كلما يدخل السجن ، يخرج منه أكثر تجذرا من ذي قبل  ،وأكثر إلتزاما بالمباديء والأهداف .
مهنيا كان د.زيادين من الرواد والساعين لإدخال الفرحة والبسمة على وجوه مرضاه والبائسين  الذين لم يتوفر لديهم ثمن الكشفية والعلاج ، وكان يقدم ذلك مجانا وبنفس طيبة لمرضاه ، كما أنه كان ملتزما أخلاقيا  وإجتماعيا  الأمر الذي عمق حبه في نفوس ناخبيه وجمهوره الذين كانوا يتعاطفون  معه عمليا .
حتى في أيام مرضه الأخيرة ، كان متقد الذهن ، يبتسم لزواره وضيوفه  ،ويطمئن عليهم مع أنهم جاءوا للإطمئنان عليه ، وكان يصر على تقديم الشيكولاتة  الفاخرة لهم ، كما انه كان حاضر الذاكرة ولم ينل منه المرض ، وكان رحمه الله يتألم كثيرا لكن ليس من الألم وحالته الصحية المتدهورة  ، بل من الأوضاع السياسية في الوطن العرب وسقوط الذين كان ينظر إليهم رموزا ،وخاصة من رفاقه السابقين الذين سقطوا في فخ التمويل الأجنبي وتحديدا الأمريكي.
كان شيوعيا ماركسيا نعم ،  لكنه كان مثالا للإلتزام بقضايا الأمة وعلى رأسها القضية الفلسطينية ، وكان  من دعاة الكفاح المسلح وضد الإستسلام "لمستعمرة " إسرائيل ، مخالفا بذلك طبعة الشيوعيين والماركسيين  العرب المزورة الذين  إتحدوا مع ما يطلق عليه اليسار الإسرائيلي.
 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد