الحكومة والنواب .. حكلي بحكلك

mainThumb

18-06-2009 12:00 AM

تضطر الحكومة للاستجابة لضغوطات النواب وتقدم لهم أعطيات وهبات حتى تنجز بعض سياستها ومشاريعها وتخفف من وطأة هجوم السلطة التشريعية عليها, إلا ان النتائج تأتي عكسية وعلى غير المتوقع.

مطالب النواب الشخصية في ازدياد, وفعلا بعضها بدأ يشكل ازعاجا حقيقيا للسلطة التنفيذية, ورغم ان الخطاب الاعلامي العلني للنواب يتسم بالشراكة مع الحكومة الا ان سلوكياتهم الفعلية على ارض الواقع تدلل بوضوح على الفجوة الكبيرة بين السلطتين وانعدام الثقة لدرجة انه لم يعد احد بمقدوره قراءة اتجاهات النواب حيال عدد من القضايا والمواقف.

العلاقة القائمة بين الحكومة والنواب اليوم بعيدة كل البعد عن أسس الاحترام بين المؤسسات الدستورية, وباتت مرتكزة الى مبدأ "حكلي بحكلك", واليوم الصورة المأخوذة عن النواب ان الحكومة فعلا قامت باحتوائهم بوساطة اعطيات وهبات وتمرير حزمة مطالب لهم من اجل دعم مشاريع رسمية معروضة على المجلس.

الحادثة الاخيرة والمتمثلة في منح كل نائب 10 منح مالية دراسية وبعدها منحهم اجهزة حاسوب وقبلها اعفاءات جمركية لسياراتهم وغيرها جاءت لتمرير مشاريع القوانين على الدورة الاستثنائية خاصة فيما يتعلق بمشروع قانون الضريبة والمالكين والمستأجرين, وإلا لماذا تلك الاعطيات قبيل انعقاد الدورة بيومين?!.

الحكومة تحتل الجزء الاكبر من مسؤولية تدهور العلاقة مع السلطة التشريعية, فسياسة الأعطيات لا تولد سوى سياسة فتح الباب على مصراعيه امام النواب لمزيد من الطلبات والهبات, وهذه السياسة مورست من جميع الحكومات, لكنها كانت في كثير منها تتم بالخفاء ولا يظهر منها سوى القليل, اما اليوم فكل أعطية حكومية للنواب سرعان ما تجد تفاصيلها في صفحات الجرائد وعلى المواقع الالكترونية, الامر الذي ولد احتقانات كبيرة لدى النواب واعتبار ان ما يحدث هو تشهير مبرمج بحقهم من جهة الحكومة.

ايضا استطلاعات الرأي العام حول تقييم اداء مجلس النواب والتي ظهرت نتائجها مؤخرا والتي تشير الى مدى اهتزاز الرأي العام بمجلس النواب واعتباره مؤسسة باتت عبئا على الدولة, كلها امور ادت الى تصعيد الموقف مع السلطة التنفيذية, ومن المتوقع ان يكون مردود تلك العلاقة سلبا على نسبة الانجاز التي تريدها الحكومة من النواب في الدورة الاستثنائية.

إلا ان علاقة اقطاب مجلس النواب ببعضهم بعضا وتصاعد الخلافات بينهما والتسابق المحموم على انتخابات رئاسة المجلس المقبلة زادت من وتيرة المشاغبات النيابية من جميع الاعضاء, وباتت الرسالة واضحة من ان المجلس قد فقد البوصلة في عملية توجيهه وضبطه داخليا.

بقاء الحال على ما هو عليه بين السلطتين في ظل الظرف الراهن الذي يحتاج الى تكاتف المعنيين لانجاز حزمة مشاريع قوانين كبرى سيساهم بلا شك في تجميد مشروع الاصلاح ويعيدنا الى الوراء, ويسمح لبعض القوى المتربصة بالحكومة والنواب الى العودة من جديدة في السيطرة على عملية رسم السياسة الاقتصادية, خاصة ان بعض تلك القوى وزبانيتها بدأت تتحرك بين أروقة المجلس وعدد من وسائل الاعلام للتستر بها بعد ان كانت قوى المجتمع الوطني بكامله قد رفضتها.0العرب اليوم



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد