الموتى حين يمولون الحكومة،،

mainThumb

20-06-2009 12:00 AM

بات مطلوبا من الموتى ، دفع كلفة الفرق الفنية ، وفرق الدبكة ، والراقصين والراقصات ، والموسيقى والفنون الشعبية ، التي تمولها وزارة الثقافة ، رعاها الله ، فضريبة الخمسة بالمائة على الاعلانات ، تشمل اعلانات النعي للموتى ، وهكذا يصبح مطلوبا من اهل الميت ، التفكير في القبر والكفن ، وقيمة الخمسة بالمائة ، لصندوق الثقافة ، وهي بدعة جديدة ، حين يتولى الميت ، الانفاق على الحي ، برغم ان الميت هنا "حي" عند ربه ، والمثقف "ميت" لانه سيعتاش على آلام الاخرين ، وعلى دنانير المقابر.

قرار النواب الانتقامي يثير التساؤلات ، فلماذا لم يطلب رئيس مجلس النواب من كتلة التيار الوطني التي تصل الى حدود ستين نائبا ، التصويت لصالح الغاء الضريبة ، وهو الذي تعهد في وقت سابق بألغاء الضريبة ، وهل ظلال مايتعلق برئاسة مجلس النواب ، تركت اثرا على الموقف الاجمالي ، ولماذا تعمد نواب اخرون التصويت لصالح بقاء الضريبة ، من اجل ايصال رسالة لجهات متعددة ، انهم قادرون على تخريب الدورة الاستثنائية ، وتأكيد عدم قدرة الرئاسة على تنفيذ تعهدها السابق ، بالغاء الضريبة ، بما يصب في الاصطفافات بشأن معركة الرئاسة ، ولماذا يرمي "مجلس النواب" الحق على "الحكومة" بوصفها لم تدافع عن قانونها المعدل ، فيما ترد الحكومة بقولها ان التعديل كان طلبا نيابيا ، والنواب هم من انقلب على نفسه ، ولماذا يسرب نواب معلومات ضد وزير الثقافة ، بكونه حشد لصالح بقاء الضريبة ، من اجل صندوق وزارته ، وهو ما اعلنه نائب صراحة تحت قبة البرلمان ، وكأنه يقر بأنه يتلقى التعليمات من وزير الثقافة.

الرأي العام الذي يجمع على ضرورة حل مجلس النواب ، رأي جامع لاول مرة ، اذ تطلب غالبية الناس حل مجلس النواب ، واجراء انتخابات نيابية ، او تأجيل الحياة النيابية لعامين ، او تشكيل مجلس استشاري ، وهذا من حقهم ، وهو رأي ندر ماتجد رأيا يخالفه ، وقد وجدت مواطنين يحسبون كلفة النائب على الخزينة ، فيصل الرقم الى ربع مليون دينار في اربع سنوات ، ان لم يكن اكثر من الاعفاء الجمركي الذي طلبه النواب بخمسين الف دينار الى كلفة الرواتب ورواتب السائق والسكرتير وبدل السكن وفواتير الاتصالات ومياومات السفر ، والهبات والمنح ، والتدخل في اعفاءات العلاج ، ولو تم حساب الرقم بشكل دقيق ، لوجدنا كلفة النائب على البلد في اربع سنوات ، تتجاوز الربع مليون دينار نحو مبالغ فلكية تشمل كلفة المعاملات التي يتدخلون لاجل اصحابها من دراسة وعلاج ، لنكتشف ان النائب يستخدم سلطته لسحب ملايين الدنانير لصالح مناصريه ، على حساب بقية المواطنين.

قرار النواب برد القانون المعدل لصندوق الثقافة والذي يبقي ضريبة الخمسة بالمائة على الاعلانات ، يتناسى ان الاعلانات ليست حكرا على الشركات ، فهي ضريبة جديدة يتم فرضها على المواطنين ، بشكل واضح ومباشر ، وهكذا يتسبب النواب بضرائب جديدة على من انتخبوهم ، عمليا ، كما ان الضريبة ستؤثر على واردات الضمان الاجتماعي ، الذي يعيل عشرات الاف العائلات الاردنية ، لان الضمان مساهم في صحف كبرى وبنسب ليست بسيطة ، وهكذا سيتم اخذ اموال الضمان ، أي اموال الناس ، مرة ثانية ، لانفاقها على مجموعة قليلة ، والمفارقة ان الضريبة ستشمل من يعلن في صحيفة افلاسه ، او رغبته ببيع سيارته او شقته ، او مؤسسته ، تحت وطأة الديون ، وكأنهم يقولون له ان لا يكفيه ما هو فيه ، بل عليه الدفع والدفع ، ليشمل الامر في النهاية اعلانات النعي لموتى والتي تقدر بملايين الدنانير ، حيث سيساهم الموتى جراء العبقرية النيابية ، في تمويل صندوق حكومي للثقافة ، وظيفته دعم النشاطات المسرحية والغنائية والرقص والدبكة ، والموسيقى والمهرجانات ، وغير ذلك ، بما يخالف حتى بعدا شرعيا ، في دفع اهل الميت مالا ، يتم استخدامه في نشاطات غير مقبولة دينيا ، فبأي حق ينفق اهل الميت مالا عن روحه ، لنشاطات فيها فتاوى شرعية بكونها محرمة.

حين يصبح الموتى مطالبين بدفع ضرائب حتى بعد الموت ، في اعلانات نعيهم ، نعرف ان الدنيا في آخر وقتها ، وان من مرر رد القانون المعدل ، لم يفكر ابعد من انفه ، وهي عبقرية فذة تتجلى بأداء النواب ووزارة الثقافة قدّس الله سرها.الدستور



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد