المالية العامة إلى أين؟

mainThumb

08-09-2009 12:00 AM

خلال سبعينات وثمانينات القرن الماضي، برزت مشكلة العجز في الموازنة العامة باعتبارها نقطة الضعف الرئيسية في الاقتصاد الأردني، وقد تمثلت في الاعتماد الكبير في تمويل الإنفاق العام على المنح الأجنبية والقروض الخارجية، مما أوصل الأردن إلى قرع أبواب صندوق النقد الدولي للإنقاذ.

اعتقدنا لفترة قصيرة أننا تعلمنا الدروس وأخذنا العبرة، وإن المالية العامة تعافت، وأدت إلى حالة من الاستقرار المالي والنمو الاقتصادي وتدفق الاستثمارات الخارجية ، ولكن نقطة الضعف ذاتها عادت إلى البروز بقوة وتسارع، وأدت إلى عجز ومديونية بأرقام قياسية غير مسبوقة، وبذلك أصبحت الحاجة ملحة لحركة تصحيح جديدة.

صندوق النقد الدولي ليس راغبا في التورط معنا مرة أخرى، ولذا فإن تقارير الصندوق تكيل لنا المديح، وتؤكد أن السياسة المالية في الأردن بمنتهى الحكمة، وأنها تسجل تقدما ملموسا، وأن كل المطلوب هو المزيد منها!.

إذا صح أن الأردن سيتعرض للضغط من أجل قبول تنازلات أو تضحيات في عملية سلمية قادمة، فإن انكشاف الأردن المالي وتضخم المديونية يجعلان الاستجابة للضغوط أكثر سهولة وتبريرا إذا رافقها الثمن، فالوضع المالي القوي يوفر القدرة على الصمود في وجه الضغوط، والعكس صحيح، وليس أدل على ذلك من الموقف الصلب الذي اتخذته السعودية تجاه المطالب الأميركية بالتطبيع المسبق.

لماذا يسوء الوضع المالي بالذات في الوقت الذي تتحسن فيه جميع المؤشرات الاقتصادية والنقدية والتجارية؟ الجواب واضح وهو الانفلات وعدم التقيد بالموازنة. ومع أن الموازنة تصدر بقانون يستوفي جميع المراحل الدستورية، إلا أنها لا تبدو ملزمة لأحد، فالقرارات المالية تصدر بشكل مفاجآت لا تتقيد بالموازنة، وبناء على مبادرات غير محسوبة وغير مسؤولة، وإلا فما معنى أن تتجاوز النفقات المبالغ المرصودة لها؟ وما معنى الإعلان عن مشاريع عالية التكاليف خلال السنة بصرف النظر عن عدم وجودها في الموازنة. ولماذا تظل هيئات حكومية وقطاعية خارج موازنة الدولة.

ما يجري في الساحة المالية غير قابل للاستمرار طويلا، فالمطالب والمكاسب وطرق الإنفاق ليس لها حدود، ولكن الموارد المالية محدودة، ورحم الله عبدا عرف حده فوقف عنده.
الراي


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد