زمن قتل الآباء - يوسف أبو لوز

mainThumb

26-07-2015 07:31 PM

ليست من باب الخيال التلفزيوني، حلقة مسلسل «سيلفي» التي تصور داعشياً شاباً ينفذ حكم الإعدام في والده، وجرّاء الحلقة تلقى الممثل السعودي ناصر القصبي تهديداً بالقتل من التنظيم الإرهابي.. نعم ليس خيالاً تلفزيونياً، فقبل أيام أقدم شاب داعشي آخر في السعودية على قتل خاله، وسرق سيارته وحاول تنفيذ عملية إرهابية بها فيما كان الناس يتناولون فطورهم في رمضان، والأكثر توحشاً من هذا المشهد ذلك الشاب الداعشي الذي قتل والده، وكان والده ضمن فرقة دهمت الإرهابي في مدينة خميس مشيط الواقعة جنوبي السعودية.
 
بين العقوق والإجرام والتخدير الفكري والتوحش يتحرك هذا الجيل من الإرهابيين وأحدهم على استعداد لأن يقتل عائلته بأكملها وبدم بارد.
 
يتمثل عقوق الابن لأبيه إلى درجة القتل النفسي أيضاً في رواية «السيلفي» للكاتب المصري عمار علي حسن، وتدور حول محام مصري اشتهر بالدفاع عن ضحايا التكفير الذي تتشدّق به جماعات التطرف الديني وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين التي خدّرت مئات آلاف الشباب العربي بفكر ظلامي يلغي الإنسان الآخر، ويحكم عليه بالكفر في الأرض قبل أن تصعد روحه إلى بارئها في السماء.. هذا المحامي تستقطب (أو الأصح تختطف) ابنه جماعة الإخوان، وترسله إلى غياهب الموت في أفغانستان وليبيا، وعبثاً يحاول الأب حماية ابنه من هذا الموت المتدرّج، لكن الابن وبكل صلف يعوق والده إلى درجة أنه يرسل له رسالة واحدة طيلة غيابه الغامض في عتم الجريمة والقتل.
 
الرواية على شكل عتبات (إحدى وعشرون عتبة) تتحدث عن ناس ريفيين بسطاء متدينين، ويعرفون الله بالفطرة، وبقلوبهم ناصعة البياض، فيما يأتي نموذج الشاب العاق، وقد تلون كله بدين مسيّس أعماه حتى عن رؤية أمه ووالده.. يقول الراوي وهو هنا الأب: «.. لم تكلّف نفسك وأنت جالس تحت ظلال جبال تورا بورا، العالية أن ترمي لي حرفاً على قصاصة ورق، وتدسّه في يد أحد من رفاقك ليلقيه في أي صندوق بريد إلاّ مرة واحدة، وصلني منك خطاب، هو الأول والأخير، فتجمّد بصري..».
 
ما تسمّي هذا النوع من (البشر) مع التأكيد على تقويس كلمة (البشر)، لأن الكائن البشري الطبيعي لا يُقدم على قتل والده، مهما كانت الأسباب والظروف، ومهما كانت طبيعة هذا الكائن حتى لو كان مجنوناً.
 
هناك فطرة داخلية في الإنسان تمنعه من هذا القتل المدوّي في الروح.. لكن تجاوزت جماعات الظلام هذه الفطرة الآدمية.. فظهر التوحش البشري في صوره اليومية المرعبة.
 
لا شيء سوى التخدير والفصام والتنويم العقلي الرهيب. - الخليج الاماراتية
 
yosflooz@gmail.com


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد