وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ

mainThumb

26-07-2015 08:54 PM

 

 

 

 كلمة الوهن يفهم منها غير ما فهمه اليوم المتخصصون في علم الحشرات، وإن كان ما فهموا علماء التفسير لا يتصادم مع الفهم الحديث إلا أن ما توصل إليه العلماء اليوم يعتبر تفسيرا جديدا ومكملاً لذلك المعنى، وحاصل ذلك هو كشفا علميا ومعلومة حديثة كانت خافية على من تقدم من سلفنا وعلمائنا، وهذا هو الإعجاز العلمي الذي من خلاله يتأكد لنا ولغيرنا أن القرآن حق نطق به العليم الخبير وأنزله منجما على رجل أمي اختاره سبحانه، ليكون مبلغا عن الله غير كاذب ولا ساحر ولا أفاك.

الوهن في اللغة:

الوهن لغة يعني الضعف، وهذا المعنى هو الصحيح في لغة العرب بدون خلاف، فيمكن أن نطلق على كل شيء فيه ضعف في بنائه أو في قوته أو في منظره أو في متانته

وضرب الله سبحانه المثل ليوضح حقارة الشرك لأن الشرك هو اتخاذ ند من دون الله يدعوه كما يدعو الله

فنجد أن الرابط بين الشرك وبيت العنكبوت رابط قوي؛ لأن بيت العنكبوت لا يقتصر على كونه مأوى يسكن فيه، بل هو في نفس الوقت مصيدة تقع في بعض حبائلها اللزجة الحشرات الطائرة مثل الذباب و غيرها.. لتكون فريسة يتغذى عليها، كذلك فإن هؤلاء المشركين الذين اتخذوا أنداداً من دون الله تعالى ودعوا الناس إلى أندادهم إنما يدعونهم إلى مصيدة متقنة يكون في دخولها حتفهم وهلاكهم في الدنيا والآخرة

بيت العنكبوت من منظور علمي:

الوهن والضعف هو في بيت العنكبوت وليس في خيوط العنكبوت، فخيوط بيت العنكبوت حريرية دقيقة جدا، يبلغ سمك الواحدة منها في المتوسط واحداً من المليون من البوصة المربعة، أو جزءاً من أربعة آلاف جزء من سمك الشعرة العادية في رأس الإنسان، وهي على الرغم من دقتها الشديدة فهي أقوى مادة بيولوجية عرفها الإنسان حتى الآن، وتعتبر الخصلات الحريرية التي تكون نسيج العنكبوت أقوى من الفولاذ، ولا يفوقها قوة سوى الكوارتز المصهور، ويتمدد الخيط الرفيع منه إلى خمسة أضعاف طوله قبل أن ينقطع، ولذلك أطلق العلماء عليه اسم "الفولاذ الحيوي" أو "الفولاذ البيولوجي"، وهو أقوى من الفولاذ المعدني العادي بعشرين مرة، وتبلغ قوة احتماله (300.000) رطلا للبوصة المربعة، فإذا قدر جدلا وجود حبل سميك بحجم إصبع الإبهام من خيوط العنكبوت فيُمْكِنه حَمل طائرة "جامبو" بكل سهولة.

وكشف العلم مؤخراً أن أنثى العنكبوت هي التي تنسج البيت وليس الذكر وهي حقيقة بيولوجية لم تكن معلومة إلى وقت قريب والجدير بالذكر أن كلمة العنكبوت وردت في الآية الكريمة بصيغة التأنيث لا التذكير: ﴿اتَّخَذَتْ بَيْتًا﴾ [العنكبوت:41]، فالعلماء لم يكتشفوا إلا مؤخرا أن أنثى العنكبوت هي من يقوم بفرز المادة الحريرية وجدل الخيوط وغزل الشبكة، وكلمة ﴿اتَّخَذَتْ﴾ لا تشير فقط إلى أنثى العنكبوت بل وإلى وجود عملية بناء حقيقية تقوم بها بغرض السكن والتفريخ

، والواقع أن هناك سراً بيولوجياً كشف العلم عنه لنا مؤخراً، فالحقيقة إن بيت العنكبوت هو أبعد البيوت عن صفة البيت بما يلزم البيت من أمان وسكينة وطمأنينة 

والوهن في العلاقات الاجتماعية والحيوية في هذا البيت، علاوة على وهن عدم الحماية من العوامل البيئية الخارجية مثل: المطر، والحر، والبرد، والشمس، والأتربة كما قال بعض المفسرين قديماً.

وذلك لأن الأنثى في بعض أنواع العنكبوت تقضي على ذكرها بمجرد إتمام عملية الإخصاب وذلك بقتله وافتراس جسده لأنها أكبر حجما وأكثر شراسة منه، وفي بعض الحالات تلتهم الأنثى صغارها دون أدنى رحمة، وفي بعض الأنواع تموت الأنثى بعد إتمام إخصاب بيضها الذي عادة ما تحتضنه في كيس من الحرير.

وعندما يفقس البيض تخرج العناكب الصغار فتجد نفسها في مكان شديد الازدحام بالأفراد داخل كيس البيض، فيبدأ الإخوة الأشقاء في الاقتتال من أجل الطعام أو من أجل المكان أو من أجلهما معا فيقتل الأخ أخاه وأخته، وتقتل الأخت أختها وأخاها حتى تنتهي المعركة ببقاء عدد قليل من العنيكبات التي تنسلخ من جلدها، وتمزق جدار كيس البيض لتخرج الواحدة تلو الأخرى، والواحد تلو الآخر بذكريات تعيسه، لينتشر الجميع في البيئة المحيطة وتبدأ كل أنثى في بناء بيتها، ويهلك في الطريق إلى ذلك من يهلك من هذه العنيكبات، ومن ينجو منها نفس المأساة التي تجعل من بيت العنكبوت أكثر البيوت شراسة ووحشية، وانعداما لأواصر القربى فأضعف بيت، بيت غابت منه المودة والرحمة




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد