حديث ُ النوافذ ِ في حارات رمضان !! .

mainThumb

17-09-2007 12:00 AM

قبيل موعد الإفطار ، في رمضان ، تعتذر امرأة ، وعلى مسمع ومرأى نساء أخريات ، في الحارة والحيّ ، وتطلب تلك المرأة إرجاء حديث ٍ كان بدأ لتوّه ، متذرّعة بضيق الوقت والانشغال بمائدة للإفطار طلبها الأولاد ، فالوليمة ُ ، ولتكن " المنسف " أو " المقلوبة " أو غيرهما ، قيد الإعداد والتجهيز ، وربّما يكون إفطار اليوم معدّاً لضيوف ٍ مترفين ... وقد تنادي امرأة اخرى جارتها ، للتشاور عبر النافذة ، وقبيل العصر ، حول " الوسيلة الأكثر نجاعة " لصنع حلوى رمضانية !! * تلك حوارات تجريها نسوة ، أمام المنازل وعبر نوافذ مُشرعة على الجيران ، وقد يدور حديث رمضانيّ مشابه على أسطح المنازل .. فالظاهرة تشيع ُ ابتداء من فترة ما بعد الظهر وحتى وقت الإفطار ، وفيها تتبادل نساء الحيّ الأدوار ويتحدثن عن موائد رمضانية متنقلة ، فيما الأزواج يشعرون بنشوة فرح وخيلاء جراء امتداح النساء لهم في العلن ، والتوكيد على أنهم ، أيْ الأزواج والآباء ، مقتدرون وبارعون في تلبية احتياجات أسرهم وربّات منازلهم .. يحدث ذلك كله بشكل معلن ودونما التفات إلى مجاورين من فئات وحالات مختلفة ! •

تتذرّع امرأة ٌ ، في الحيّ عادة ، بصعوبات تصادفها في رمضان ناجمة عن " أزمة بقايا الطعام والموائد " ، فيما تدفع ابنتها لرمي أو إلقاء أكياس مغطاة أو مكشوفة في حاوية للقمامة تقبع في الجوار .. وتزعم في " حديث النوافذ " ، أنّ "أولادها لا يأكلون " ، أو أنّ " مائدة الأمس لم ترق لهم " .. وتحاول جارة ٌ أخرى ، من نافذة قريبة ، صنع ما تعتقد بوقوعه ضمن " فعل الخير " ، فتبعث مع طفلتها لجارتها الفقيرة ، وعلى مشهد من المارّة والجارات "صرةً أو وعاءً " أو طبقاً من " طعام ٍ بائت ٍ " كانت لفظته أسرتها أو تقزّز ابناؤها من تكرار تناوله في يومهم الثاني .. فيما تكون المرأة ذاتها ، فاعلة الخير ، ، التي ظنّت أنها صنعت معروفاً ، تشرح لجارة مترفة مثلها ، وبوصف دقيق ٍ " ألوان وأشكال " حلويات جلبها الزوج وما تزال في انتظار الالتهام بعد الإفطار .. إذن ، البقايا البائتة تطرح للجيران أو في الحاوية ، والحلوى الجديدة يجري تناولها بأيدي المترفين !! • تلك ، أحاديث وصور ، وحكايات من مشاهد يوميّة في رمضان .. أطباق وموائد متنقلة وملوّنة ، طبيخ ٌ وحلوى و " وصفات " تبثها النساء على الهواء مباشرة ، كما يحدث عبر فضائيات تقتحم المنازل ، دونما رادع أو وازع ٍ من " مراعاة شعور والتفات نحو مجاورين " .. فحين يتمدد الاستكبار وتتسع مساحة الغلوّ في وصف الملذّات يصير الأمر إلى " جشع اجتماعي ّ مخيف " و كذلك يسود " الإحساس المفرط بالحزن " في مقابل " إحساس ٍ مفرط بالزهو " . • ولن يطول مكوث اللذة ، بل سرعان ما تؤول الموائد الملوّنة إلى " تبدُّد ٍ " .. فالإسراف المكشوف أو ما نسمّيه " إسراف النكاية والتباهي " لن يطول ما دام هناك جيران فقراء لا يجدون ربّما ( ريقاً ) لابتلاعه ! • ولا نزال ، رغم الوصف الثقيل ، ورغم ترف المغالاة الزائف وامام طعام تتلقفه حاويات القمامة من فرط الإسراف أو فائض الحاجة ، لا نزال نزعم أنّ في شهر الصوم الكثير من ملامح الخير .. ونؤمن عن قناعة بأنّ رمضان سيظلّ " كريماً " .. وللنوافذ حديث قريب .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد