(الجاردنز) أنموذجا

mainThumb

24-08-2007 12:00 AM

كان مشهدا ملفتا، شارع وصفي التل (الجاردنز) عار تماما على جانبيه. وللوهلة الأولى لم استوعب السرّ ثم تذكرت قرار أمانة عمّان بإزالة اليافطات و(الآرمات) البارزة التي كانت تتوالى بكل الألوان والأحجام والارتفاعات للمحلات والمكاتب على طول وعرض البنايات.

قرارٌ صحيح لكن إزالة "التلوث البصري" لم يجعل الشارع الحيوي الذي أمرّ فيه كل يوم أكثر جمالا، فقد بدا بشعا متسخا في النهار وكئيبا وخاويا في المساء، لم يبق على واجهات العمارات سوى اللون المتسخ للحجر وبقايا الحديد والمسامير مكان اليافطات المنزوعة. ومن جهة أخرى بات من الصعب التعرف على موقع المحل الذي تقصده وتريد التوقف عنده بسيارتك، والمحلاّت خسرت أيضا الزبائن من "المارين بالطريق" الذين يتوقفون عند محلّ لأنّهم رأوا (آرمة) عرضيّة تدلّ عليه. وهذه ليست مشكلة الجاردنز وحده، بل كل الأسواق، اذ يجب ايجاد ترتيب موحد أنيق في كل شارع يساعد القادم عن بعد على تحديد المحلّ أو المكتب المقصود.

لكن نعود إلى المسألة الجمالية للبناء الحجري في عمّان فهو رغم تميزه وبهائه، يصبح أبشع أنواع البناء منظرا بعد عامين على قيامه اذ يلتقط كل الغبار والوسخ، وبعد شتائين أو ثلاثة تتلوّن الواجهات عموديا وعشوائيا بدرجات الوسخ المختلفة. وهذا ما تبقى من مشهد شارع الجاردنز الجميل بعد ازالة الاعلانات و(الآرمات).

حتّى الآن يعالج اتساخ الحجر (من القلّة القليلة التي تفعل ذلك) بالقذف الرملي الذي سمعت ان الأمانة أوقفته لتلويثه المحيط ونشره الغبار في الجو.

الحلّ الصحيح والجريء هو ارساء تقليد دهن الحجر بدهانات ملائمة وربما مصمّمة خصيصا للحجر تكون بألوان خفيفة وشفّافة تقي الحجر من امتصاص الرطوبة والتصاق الغبار وتتيح غسله بسهوله، ويمكن ضمّ هذا المشروع الى مشروع إلزام العمارات الأسمنتية بطراشة جدرانها الخارجية، وهنا نعود الى ملاحظة سابقة ورجاء متجدد بالتخلي عن الفكرة السخيفة بأن يكون لون الدهان من لون التراب، بادّعاء الانسجام مع البيئة الصحراوية فهل نضيف كآبة على كآبة؟!

في المناطق الصحراوية والحارّة تستخدم الوان باردة ومنعشه مثل الأبيض والأزرق السماوي، ولا بأس من اللون القرميدي، لكن رجاء ليس اضافة تراب على تراب، كما فعلوا بلون مطار الملكة علياء تحت نفس الادّعاء فبدا عن بعد مجرد بروز كئيب على مدى الصحراء الخاوية بدل تمييزه كمعلم وحيد بألوان زاهية مناسبة.

jamil.nimri@alghad.jo



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد