> قبل أن تمر أيام قلائل من اجتماعات وزير الخارجية بروف غندور مع الأمين العام للأمم المتحدة ونائبه وكبار المسؤولين في إدارة حفظ السلام بالمنظمة الدولية خلال انعقاد الجمعية العامة، وتفنيده التقارير التي تعدها بعثة اليوناميد عن الوضع في دارفور، والوضوح والصراحة التي اتسمت بها النقاشات حول مغادرة البعثة المشتركة للاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة (يوناميد) لدارفور بعد استتباب الأمن وانحسار المواجهات والعنف، يحدث اليوم شيء آخر ..!
> تتصدر جهات داخل مجلس الأمن الدولي مرة أخرى (خاصة بريطانيا التي تهتم بهذا الملف)، قيادة حملة جديدة ضد السودان، بعقد المجلس أمس الأربعاء، جلسة خاصة مفاجئة بشأن هذه القضية دون سابق إنذار، وتبحث الجلسة شكوى من بعثة اليوناميد بسبب ما تقوله إن السودان يعطل عمل اليوناميد، منها عدم منح الحكومة السودانية تأشيرات دخول لخمسة عشر من أعضاء بعثة اليوناميد، وعدم دخول «190» حاوية تتبع للبعثة يُدعي أن الحكومة في الخرطوم منعت دخولها تحتوي على الاحتياجات الضرورة لأفراد البعثة وقواتها من مأكل ومشرب ومستلزمات أخرى قادمة من الخارج، لكن الجهات المعادية للسودان داخل المجلس، ظلت طوال اليومين الماضيين تعمل على إقناع الدول الأعضاء على ترفيع ما قد يصدر من توجيه ومطالبة إلى بيان صحافي يصدر عن المجلس، الأمر الذي يتناقض كلياً مع الحقيقة، وما تم التوصل إليه في اجتماعات وزير الخارجية مع السيد بان كي مون ونائبه وإدارة حفظ السلام وقيادة البعثة نفسها إبان تواجده بالأمم المتحدة.
> فمنذ أن وضع السودان خطته لرحيل اليوناميد (إستراتيجية خروج اليوناميد)، وتم تكوين لجنة ثلاثية من السودان والاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة، وواصلت هذه اللجنة اجتماعاتها لمدة عام كامل، توصلت خلال هذه الاجتماعات إلى اتفاق حول مراحل تنفيذ خطة الرحيل، وتم الإعداد والتحضير للتوقيع عليها، لتباغت الأمم المتحدة الجميع حينئذ ويصدر قرار من نيويورك لفريقها في السودان بعدم توقيع الاتفاق الثلاثي ..!
> لم تتخلَ حكومة السودان أو تتراجع عن خطتها، وتم نقاشها بعمق وصراحة ووضوح هذه المرة في ثلاثة اجتماعات مهمة بنيويورك بحضور الوزير ووفد السودان للدور الـ«70» للأمم المتحدة، وكانت الخلاصة في آخر اجتماع مع الأمين العام بان كي مون، هو استئناف اجتماعات اللجنة الثلاثية في الخرطوم وتكوين لجنة ثلاثية أخرى في مقر الأمم المتحدة تمثل الأطراف المعنية مثل السودان فيها السفير حسن حامد نائب المندوب الدائم للسودان، مهمتها متابعة ما تم التوصل إليه وإعداد البيان الصحافي حول ما تم نقاشه بشأن خطة الخروج.
> في اجتماع الأمس، تمت إثارة قضايا ثانوية وجانبية للتذرُّع بعدم تنفيذ خطة الحكومة والانصياع لها وعرقلتها، ويبدو أن رئيس البعثة (أبادون باشوا) - نيجيري الجنسية-، مشهور عنه مواقف عدائية ضد السودان ويمارس الكذب والتضليل ورفع معلومات غير صحيحة عن السودان والوضع في دارفور، ويتجاوز مجلس السلم والأمن الإفريقي ويتعامل مع إدارة حفظ السلام ومجلس الأمن الدولي مباشرة.. وهو من يوعز لبعض أعضاء المجلس بالمعلومات والدعاوى الباطلة حتى تتم إثارتها لعرقلة وتعويق عمل الحكومة السودانية لاحتواء أزمة دارفور وتحقيق الاستقرار بعد انتهاء فترة المواجهات والقتال وخروج الحركات من الولايات الخمس، إلا جيوب صغيرة.
> هذه الذرائع دائماً ما تستند عليها الأمم المتحدة من خلال مجلس الأمن الدولي في الضغط على الحكومة السودانية للحيلولة دون مضيها في تنفيذ خطتها وإستراتيجية الخروج، فمن بين خمس وثلاثين عملية حفظ سلام في دول العالم المختلفة، دخلت قوات الأمم المتحدة ولم تخرج، فكيف تسعى الحكومة السودانية إلى إخراج القوات ذات القبعات الزرقاء لتسجل سابقة تحتذى في بقية أرجاء العالم.
> ومن المهم أن يعلم القارئ أن الأموال التي تُنفق على اليوناميد في مهمتها بدارفور حتى اليوم قاربت الخمسة عشر مليار دولار، تذهب مصروفات إدارية ومأكولات مستوردة من الخارج حتى قوارير المياه وأدوات حلاقة وكريمات، وتشترى حاجيات غير ضرورية تملأ بها الحاويات مثل قطع غيار الثلاجات والمبردات، ويتم شراء أشياء غير ضرورية مثل شراء مولد كهربائي بعشرة آلاف دولار من أسواق الخرطوم تم ترحيله الى مدينة نيالا بطائرة خاصة بتكلفة 15 ألف دولار..
> مثل هذا الصرف غير المرشد وفساد البعثة، هو ما يراد الدفاع عنه، ولم تذهب أموال هذه البعثة لصالح تحقيق الأمن او استقرار النازحين، فحتى حماية اليوناميد التي من مهامها حماية النازحين، تتولاها قوات الشرطة السودانية ..!
> ومعلوم أن عمليات حفظ السلام في الأمم المتحدة في كل مناطق النزاعات في العالم، هي تجارة وفساد دولي كبير تشترك فيه شركات ضخمة من أمريكا وأوروبا، ويتم فرز عطاءات الدعم اللوجيستي داخل لجان مجلس الأمن الدولي وسبق أن أعطيت شركة يملكها ابن الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان عطاء توريد مواد لبعثات الأمم المتحدة كما تحظى شركات أمريكية وأوروبية ذات صلة بشخصيات نافذة في المنظمة الدولية بمثل هذه العطاءات..