السوسنة - فتح المدعي العام البولندي في وارسو تحقيقا في مقال كتبه مؤرخ أمريكي من أصل بولندي، ادعى فيه أن البولنديين "قتلوا في الواقع يهودا أكثر مما فعل الألمان" خلال الحرب العالمية الثانية".
وبناء على هذه الادعاءات أُتهم المؤرخ الأمريكي "توماس غروس"، الأستاذ بجامعة برنستون في مادتي التاريخ وعلم الاجتماع، بإهانة بولندا والإساءة إلى سمعتها العالمية.
واستندت الدعوى التي أقيمت ضده إلى المادة 133 من القانون الجنائي البولندي، التي قد تجعل البروفيسور الأمريكي يواجه عقوبة تصل الى 3 سنوات سجن بتهمة "إهانة الأمة البولندية أو جمهورية بولندا علنا"، طبقا لما صرّح به "برسميسلاف نوفاك"، المتحدث باسم مكتب المدعي العام في بولندا يوم الخميس 15 أكتوبر/تشرين الأول.
وحمل المقال الذي سبب الأزمة عنوانا هو "الأوروبيون الشرقيون لا يخجلون"، ونشر باللغة الألمانية في صحيفة "دي فيلت" الألمانية في 13 سبتمبر/أيلول 2015.
وفي هذا المقال انتقد غروس بشدة بلدان أوروبا الشرقية، بما في ذلك بولندا والمجر وسلوفاكيا، بسبب "عدم التسامح وكراهية الأجانب" كما ظهر في أزمة اللاجئين الأخيرة، متهما إياهم بأنهم "غير قادرين على تذكر روح التضامن التي جلبت لهم الديمقراطية في الربع الأخير من القرن العشرين".
وادعى المؤرخ أيضا أن سلوك الحاضر البولندي الذي "لا قلب له وعديم الشعور وذو دم بارد" يكمن بعمق في "الماضي الإجرامي" للبلاد.
وكتب غروس في المقال: "على سبيل المثال، بالرغم من أن البولنديين كثيرا ما يفخرون بحركتهم المناهضة للنازية، إلا أنهم في الواقع قتلوا من اليهود أكثر مما فعل الألمان خلال الحرب" العالمية الثانية.
وولد المؤرخ "جان توماس غروس" البالغ من العمر 68 عاما في بولندا، لكنه هاجر إلى الولايات المتحدة عام 1968، وتركزت بحوثه في جامعة برينستون حول تاريخ المحرقة اليهودية، وعادة ما تثير كتبه العديد من المناقشات الساخنة وتوجه إليها الانتقادات الحادة في بولندا.
ففي كتابه "الحصاد الذهبي" ادعى غروس أن البولنديين استفادوا من المحرقة عن طريق إخفاء اليهود لقاء المال أو ابتزازهم للحصول على المال، وحتى أنهم ارتكبوا جرائم قتل اليهود من أجل الاستيلاء على ممتلكاتهم والحلول في مناصبهم الوظيفية.
وفي كتاب آخر يسمى "الخوف. معاداة السامية في بولندا بعد الحرب. تاريخ الانهيار الأخلاقي" قال المؤرخ "إن معاداة السامية في بولندا بعد الحرب العالمية الثانية كانت أمرا مقبولا اجتماعيا".
وكتب غروس في مقاله الأخير نقلا عن الكاتب المحافظ البولندي جوزيف ماكيفيتش: "خلال فترة الاحتلال، لم يوجد شخص واحد حرفيا في بولندا لم يسمع عبارة (حسنا ما فعله هتلر بإبادة اليهود) مرة واحدة على الأقل، على الرغم من أن الناس لم يقولوا مثل هذه الأمور في الأماكن العامة".
وقد أثار المقال الأخير موجة من السخط في بولندا، وتلقى مكتب المدعي العام ما لا يقل عن 125 شكوى قانونية متعلقة بالمقال، حسبما ذكرت صحيفة غازيتا "فيبورتشا" البولندية.
وفي يوم 14 سبتمبر/أيلول، بعد يوم واحد من نشر المقال، أرسلت السفارة البولندية في ألمانيا مذكرة احتجاج إلى مكتب صحيفة "دي فيلت"، وانتقدت الصحيفة لنشرها مقالا "هجوميا وغير مسؤول"، ينظر إليه على أنه محاولة "لإعادة كتابة التاريخ".
وانتقد المتحدث باسم وزارة الخارجية البولندية، "مارسين فوجيتشيشوفسكي"، أيضا نص المقال ووصفه بأنه "غير صحيح ويسيء إلى بولندا ويضر بالتاريخ"، بحسب ما نقلت عنه صحيفة "فيبورتشا" البولندية.(RT).