إن هذا هو الأردن !!

mainThumb

30-06-2008 12:00 AM

على عكس ما قد يتوقعه البعض فإن الأردني عندما يسمع وهو في الخارج عن تلك المذكرة الوثيقة التي ستبقى تحمل أسماء الذين وقعوها حتى يوم القيامة وعن هذه الدّ?Zربكة التي أثيرت والتي لم تتوقف بعد بالنسبة لـ مهرجان الأردن .. وعندما تصله سواليف الحصيدة التي بقينا نسمعها منذ ان كنّ?Zا أطفالاً في الصفوف الإبتدائية وحتى أشتعلت رؤوسنا بالشيب فإنه يشعر بالإعتزاز والفخر وأنه يزداد قناعة بأن مسيرة هذا البلد صحيحة وأن الأداء رغم بعض الأخطاء ، ومن لا يعمل لا يخطىء ، يرتقي الى مستوى أداء الدول المتقدمة .

إنه ترفٌ ، يحسدهم عليه أشقاؤهم في بعض الدول العربية ، ان يكون لدى الأردنيين المتسع والوقت في ان يتحدثوا بهذه الأشياء وأن يستهدفوا تقصير الحكومات وأن يتجادلوا حول صراع الأجيال وأنْ يقولوا في بعض الأحيان في مجالسهم الخاصة ما لو ان مواطناً من دولة شقيقة قاله ولو من قبيل مناجاة الضمير لخرج ولم يعد ولبقي أهله وأطفاله يتقصون أخباره وينتظرون عودته الى ان يغير الله الأحوال بأحوال أفضل أو أسوأ منها .

مادام ان الأمن مستقر ومادام أنه غير ممنوع على المواطن الأردني ان يفتح فمه بالإتساع الذي يريحه ومادام ان هناك شيئاً إسمه خالف تعرف ومادام ان البطالة السياسية تدفع بعض الناس وبعض قادة الأحزاب في بعض الأحيان أو في الكثير من الأحيان ان لا يروا إلا اللون الأسود ومادام ان البطولة غدت ان يقف أحدهم أو إحداهن على رؤوس أصابعه وأن يشتم بالطول والعرض وأن يمجد أنظمة الداخل الى جنانها المفقود ، اللهم إلا إذا كان من إياهم ، والخارج مولود .

كنت أجلس خلال إستراحة من جلسة برابيش وإبرٍ ومختبرات مع بعض الأصدقاء العــرب في أحد مقاهي عاصمة الضباب ، لندن ، وقد بادرني أحــدهم قائلاً ، وكأنه أراد ان يضع على عيني وأن يستفزني : هل سمعت ماذا جرى عندكم ..؟ قلت خير إنشاء الله .. وحقيقة أنني شعرت بمغصٍ في القلب وليس في البطن لأنني ظننت للحظات ان شيئاً أمنياً طرأ وأن تطوراً سياسياً دراماتيكيا حدث .. خير إنشاء الله .. ما هذا الذي جرى ..؟! .

تنحنح بطريقة مصطنعة وسألني وهو يتخذ هيئة محقق في إحدى دولنا العربية التي كانت والتي لاتزال تعيش واقع القمع الآسيوي البغيض بأبشع أشكاله : ألم تسمع بالمذكرة التي وقعها بعض الوطنيين !! الأردنيين .. ألم تقرأ ما جاء فيها حول قصص الفساد وبيع أملاك الدولة .. ألم تسمع عن مشكلة مهرجان الأردن ومدّ?Z يده داخل حقيبة كان يتأبطها وكأنه يحضن أعز أولاده وناولني الوثيقة إياها التي ربما أنه لا يعلم أنني قرأت أكثر من ألف وثيقة مثلها وأنني شاركت في إعداد ما هو أكثر تحاملاً وحدة منها عندما كنت لا أزال دون الأربعين من العمر وحيث قال برناردشو إن من لم يكن يسارياً وهو دون الأربعين من عمره فلا قلب له وأن من بقي يسارياً بعد ذلك فلا عقل له و العياذ بالله !! .

قلت لهذا الصديق العربي الذي ينطبق عليه قول الشاعر : .. ومن نكد الدنيا على المرء أن يرى .. عدوًّا له ليس من صداقته بدُّ : أيها الأخ العزيز إن هذا هو رأسمال الأردن ، الشعب والدولة والنظام ، فعندنا بالإمكان ان يكون أي واحد رئيساً للوزراء أو مديراً لأهم الأجهزة الأمنية أو وزيراً للداخلية أو الثقافة ثم في اليوم ذاته الذي يغادر فيه موقعه .. يتحول الى شيخ مشايخ المعارضة والى أكبر ناقم في الكرة الأرضية أيها الأخ العزيز : إن هذه شهادة للأردن وليست شهادة عليه فعندما يملك المواطن الأردني ترف ان يقول سواءً في مذكرة أو وثيقة أو مجلس عام أو خاص أو في الشارع أو في جلسة بين الخالات والعمّ?Zات أو في مهرجان خطابي عرمري أو في إجتماع حزبي مرصود بألف كاميرا مثل هذا الذي قرأته في هذه الوثيقة التي حملت تواقيع أناس أجلاء ورجالٍ تاريخهم مشرف فإنه عليك ان تفرح في أن يجري مثل هذا وأكثر منه في هذا البلد الذي ينعم بالإستقرار الأمني والذي شعاره التسامح والذي لا تتسلط عليه فئة لا هو منها ولا هي منه وتسيره بالحديد والنار والزنازين وكواتم الصوت .. إن هذا هو الأردن . /الراي/



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد