الجحود
إن القوات المسلحة السودانية التي جعدتها السنون، وارتسمت في أخاديدها الحكمة، ما زالت ترقب ذلك الإخاء الذي ظلت عاكفة عليه مع محيطها، رغم يقينها وعلمها المسبق أن هذا الإخاء قد تضعضع بناؤه، وضاقت أغراضه، وتواضعت معانيه، والشاهد على ذلك، أن هذه الحرب التي حمى وطيسها، وحصدت أعناق رجالها، وأطاحت برقاب أبطالها، لم تجد قوات السودان المسلحة، مهجاً من خارج حدودها، تمتد إلى الموت، وأبدان تتزاحم على الردى، من أجل نصرتها، ودفع البلاء عن شعبها، وزعمنا هذا ليس مجرد ترهات نلقيها في تزيد واسراف، لا تثبت أمام البحث والتمحيص، بل هي مزاعم نهضت بها قراءة مستأنية مستبصرة، كما يقول عميد الأدب العربي الكفيف، أليس عجبا، أن هذا المحيط الذي نشكو من تنمره، وتنكره، وازوراره، لم يتكلف حتى العلل، أو يلتمس الأعذار، لتبرير خصلة غليظة بشعة، أعقبت مرارة مستقرة مؤلمة في دواخلنا، ومما لا مرية فيه،أن هذه الخصلة تحتاج منا إلى كثير من التدبر، وإلى كثير من البحث والاستقصاء، حتى نسبر غورها، ونلم بأسبابها، حينما تضع هذه الحرب اللعينة أوزارها، فالسودان الذي لا حظ له من غنى، ولا حظ له من غلاف يحنو عليه، أدركته الحاجة لمحيط يحمل كلّه، ويغيث ملهوفه، وينجد مكروبه، ويعينه على نوائب الدهر، وسط مُعِينَ، منقذ، يسعف، ويتضامن، ويواسي، دائرة مشبلة، تطمئن إليها هذه القوات التي قاومت الجور، ولم تذعن للطغيان، وينزع إليها هذا الشعب الصابر على عرك الشدائد، لأنها بسطت سحرها عليهم، بحرصها وحنيتها، ولأن سلطانها العربي يمتاز بوقع خاص، ينفذ إلى قلوب الناس في أرض النيلين، ويستأثر بعقولهم، ويسيطر على ضمائرهم، الشعب والجيش كانا يحتاجان إلى شيء من هذه الأشياء التي تحدثت عنها الآن، كنا أيها السادة، نحتاج فقط إلى تكاتف وتعاضد بأوسع وأعمق معاني لهذه الكلمات، ولكن نحن والقوات المسلحة، لم نجد شيئاً من هذا، فعكفت قواتنا المسلحة على نفسها في صمت حزين، تباشر حياتها الحافلة بالجهد، والمترعة بالنضال، والمفعمة بالفداء، والخصبة بالتفوق والنجاح أيضاً، أما الشعب فقد قصد "مصر" لعله يصيب فيها قطعة من خبز، أو شربة من ماء، وقد أتيحت لهذه الطوائف الهاربة من جحيم الوغى، أن تنعم في مصر بالتضامن، والتعاون، والإخاء، وقد نجح شعب المحروسة أن يشعرهم بأن أرض مصر كلها لهم وطن.
ومهما يكن من شيء، فقد لاح الفرق جلياً بين شعب مصر الذي أخذ من الضيافة والكرم بأعظم الحظوظ، وبين مصر الرسمية التي اكتفت بالنظر إلى جارتها التي باتت في حالة يرثى لها، ولم تضمن لها فوزها، أو حتى تتحفها بالإقبال عليها، وعلى ضوء هذه الحقيقة الدامية، نستطيع أن نذهب إلى التباين البعيد في أواصر العلاقات التي طالتها الكثير من الشوائب، لقد كانت هذه الأواصر تمضي في عهود سابقة دون التواء، وكنا نحن معاشر الكُتاب، نمتعض من حكوماتنا المتعاقبة، لأنها تتسم بسمت مصر الرسمية، وتتخلق بخلقها في كثير من الجوانب، وتطبع بكل سماجة أذواقها بذوقها، وفي الحق أن نسب التقارب بين مصر والسودان في وجهات النظر في شتى المحافل، وكافة المجالات، كانت نسب مدهشة، فلماذا تعذر الآن على حكومة السيسي أن تستأصل من هذه الكيانات المتحالفة الأهواء، وأن تنتزع عنهم الطمع والحسد والشهوات، أنا لا أستطيع الوصول إلى جواب شافٍ مرضٍ، ولكن طابع العلاقات، وشخصية مصر الحالية، تختلف كل الاختلاف عن شخصية مصر في عصور سابقة، كما أن عقلي المكدود لا يكاد يصدق أن ينخرط السودان في معارك دامية لا تأصرها آصرة، وتحدق به مخاطر راغية، هادرة، رازمة، ومصر القوية الفتية، تأبى إلا أن تظهر بمظهر شاحب، ضعيف هامد، مصر القادرة على درء هذه الكارثة، واماطتها عن السودان، لا تلوي على فعل شيء، غير أياد تمدها في خفاء، ألا يحق لي القول بعد كل هذا التنكر والجحود،أن أزعم أن الجنوب الذي كان يعزف على ضفاف النيل شعره الخالد، لم يعد يحفل بالوحدة، ولا يعمل لها، لأن مصر الرسمية لم تعد كما كانت مشرقة في أنفسنا، واضحة في مخيلتنا، لم تعد مصر نصيرة للجنوب، وخصماً ألد لغرمائه ومبغضيه.
أما القطر الذي صدقت محبته، وبعدت همته، وعظمت غايته، فهو اليمن الشامخ العظيم، الذي يشعرك بأنه قد نسي نفسه، ولم يعد يفكر إلا في الآخرين، اليمن الذي لا يستوفي مواطنه شروط الدعة والراحة، كما هو الحال في كل البلاد التي تجاوره، لكنه أبى إلا أن يضيف شقاء إلى شقائه، وعناء إلى عنائه، بسبب صواريخه التي يرسلها إلى الكيان النتن، فتروع روحه، وتفل نشاطه، وتحول بينه وبين السكون والطمأنينة.
لقد حاربنا هذا الشعب الأبي من أجل دول نشأت في كنف النعمة، والترف، والثراء، بعض هذه الدول ارتشف السودان من فيض خبثها، وسلامته من علته تكمن في أن يسد دونها أبواب التعارف، ويقطع ما بينه وبينها من عروق التناسب، هذه الدول التي لم تترك له فلك دائر، أو "نيزك" سائر، كانت غاية ما تطلبه قبل عقود قلائل ماءً ضحضاحاً يخوض فيه الناس والدواب، يريد "الحين" بعض سلاطين وأمراء هذه الدول، الذين هم دائبون على اكمال كل نقص، بنهب خيرات هذا البلد الواسع المترامي الأطراف، يطمح بعض "عاهات" الخليج أن يسيروا بركابهم إلى ضفاف النيل العظيم، لقد نست هذه الفئة التي رمت بهمتها إلى بعيد، وسمت بعواطفها إلى أعلى، أن الأحجار القائمة في معابد ذلك البلد وأطلاله، سوف تنشر عليهم بساطاً من الكدر والحزن، فاحتلال السودان وتركيعه لا يتجلى إلا في طيف الخيال.
أما بعد، يباغتني الهم، ويعتريني الأسى، لأن أحلام هذه الطبقة المخملية لن تتحقق، رغم أن سماء السودان ما زال يكتنفها لهب أحمر لا تنجلي دائرته، وأرضه يتفشى فيها ذلك الدخان الأسود الكثيف، ولكن الشمم لم ينحسر بعد في مهد الحضارات، فما زال الإباء داوياً متوثباً، لم يتجرد من كل معانيه، كما أن شعب السودان الذي شيد دعائمه بفكره، لا يفتأ معتداً بحكم نفسه، معتمداً على قواته التي حتماً سوف تجهض خرافات وأضاليل الخليج، ويبني لها قبوراً عالية.
الملك يؤكد لنائب الرئيس الأميركي ضرورة وقف إطلاق النار في غزة
بيسان إسماعيل تروي مأساة خروجها من سوريا
إرادة ملكية بالموافقة على نظام رسوم تصاريح العمل للأجانب
أمينة خليل تثير الجدل مجددًا في كان
إرادة ملكية بالمصادقة على قانون الكهرباء 2025
تحذير جزائري من محتال ينتحل شخصية سامية
دراسة: الكثير من المدن الأميركية مهددة بالغرق
آلاف الأردنيين أسماؤهم مهددة بالحجز المالي .. رابط
محكمة ترفض دعوى رجل لاسترداد 33 ألفاً
استئناف الرحلات الجوية من مطار صنعاء إلى عمان اعتبارًا من السبت
إحالة موظفين على التقاعد وأبودنة مديرًا للأثار العامة
إرادة ملكية بالمصادقة على قانون شؤون المرأة 2025
موجة حر شديدة وغبار كثيف تؤثر على المملكة بهذا الموعد
زيد الكيلاني نقيبا للصيادلة بالتزكية
زيلينسكي: مستعدون لتجاوز لقاء بوتين إذا تحقق وقف إطلاق النار
إنجاز كبير .. بلدية أردنية بلا مديونية
هام بخصوص تأجيل السلف والقروض لمنتسبي الجيش
متى تنتهي الموجة الحارة وتبدأ الأجواء اللطيفة
تراجع كبير بمبيعات السيارات الكهربائية محلياً .. لماذا
بعد الأردنية .. الهاشمية تتقدم محلياً وعربياً .. تفاصيل
الأردنيون على موعد مع انخفاض ملموس في درجات الحرارة
اعتماد رخص القيادة الأردنية والإماراتية قيد البحث
مطلب نيابي بتأجيل أقساط القروض لشهر أيار 2025 .. وثيقة
مهم للأردنيين بشأن أسعار الأضاحي هذا العام
خبر سار لمتقاعدي الضمان الاجتماعي
حب ميرا وأحمد يُشعل سوريا .. خطف أم هروب
التربية تعلن نتائج فرز طلبات تعيين المعلمين .. رابط
سبب اختيار ملعب القويسمة لاستضافة مباراة نهائي كأس الأردن