اضراب عمال الملح قضية وطنية

mainThumb

30-06-2008 12:00 AM

انشغالات النخبة في العاصمة لا تسمح بمتابعة اضراب عمال وحدة الملح في شركة البوتاس, الذي يدخل يومه التاسع. وقد يقول قائل بان اضراب 200 عامل مسألة هامشية حتى وان تم نقل خمسة عمال الى المستشفيات في الاسبوع الماضي نتيجة الاضراب عن الطعام.

في الواقع, هذا الاضراب قضية وطنية بامتياز, لانه بالقياس لعدد سكان المنطقة الغورية, ذات المناخ القاسي, فان عدد ال¯ 200 يمثل رقما مجتمعيا كبيرا في جزء عزيز من الوطن. لكن الاهم ان عمال الملح باضرابهم المتواضع يطرحون اكثر من سؤال للنقاش على الساحة الوطنية.

اننا امام حالة من تجسيد وحشية الشركات الكبرى العالمية عندما يصبح همها الوحيد جني الارباح, فاسعار البوتاس وصلت الى 1250 دولارا (حسب تقرير مجموعة اف ام بي) الاسبوعي ما يعني ارباحا طائلة نتيجة السيطرة على غالبية الاسهم في شركة البوتاس العربية التي اشترتها باسعار (زهيدة), مع ذلك فان المالكين الجدد في الشركة يرفضون تلبية المطالب العادلة لعمال الملح, وهي مطالب تساوي (شوية ترمس) على رأي المصريين في قياس ما تحققه الشركة من ارباح.

الان (لا ينفع الندم) ولست من انصار فكرة التأميم لكنني من انصار فكرة مواجهة الآثار السلبية للعولمة على القوى الاجتماعية الفقيرة, واذا كانت هذه لا تزال مجرد فكرة في بلادنا وفي العالم العربي الا انها تيار شعبي مؤثر في اوروبا وبلدان العالم التي هي اكثر تقدما وغنى ورفاهية.

اما القول بانه لم يعد في الامر حيلة, وان الشركات الاجنبية لا تكترث وهي صاحبة القول الفصل, فهذا غير صحيح, وانطلاقا من هذا فان عمال وحدة الملح يستطيعون ان يحققوا جميع مطالبهم العادلة اذا ما تلقوا دعما وتضامنا من نقابة عمال المناجم والاتحاد العام للعمال يصل الى حد المشاركة في الاضراب خاصة ان عمال الملح هم عمال بوتاس حسب قرار المحكمة العمالية. ودخول عمال البوتاس على الخط عبر نقاباتهم الشرعية سيجبر الشركة على اعادة النظر في استراتيجيتها, فليست مياه البحر الميت مجرد منجم ذهب لصناديقها, وانما هي جزء من وطن ومجتمع يحق له ان يحصل على كل ما له من حقوق عمالية وانسانية وبيئية وبأعلى المواصفات التي تقدم للعمال في كندا او غيرها.

لقد دعوت من هذه الزاوية في مقالة سابقة الى قيام جمعيات للموظفين والعمال في الشركات الكبرى, لها حق الاضراب والاعتصام من اجل تحقيق مطالبها المشروعة وفي مقدمتها وقف حالات الفصل التعسفي وزيادة الأجور لانه بغير ذلك يختل التوازن الاجتماعي ونصبح مزرعة (للغلة والحصيدة) للاجانب فيما الناس تموت جوعا.

واخيرا, لم يعد دور نقابات العمال تقليديا كما عرفناه في العقود السابقة, الظروف تغيرت. والنظام الاقتصادي مختلف تماما, والاضراب العمالي لم يعد تعبيرا عن مواقف سياسية انما اصبح سلاحا اجتماعيا مشروعا للدفاع عن حقوق العمال في وجه غول العولمة ووحشية رأس المال./العرب اليوم /



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد