صحيفة السوسنة الأردنية

في فجر ذلك اليوم وبعد ان علت الاصوات بذكر اسم ربها الكريم لتدعوا الناس لاداء الصلاة ذهبت الى المسجد وتوضات ودخلت الى باحته لأجد صفوفا من الشباب المؤمن وبعد ان دعا امام المسجد للاردن والاردنيين وللمسلمين كافة اثناء الصلاة وفي نهايتها ودعنا بعضنا البعض وعدنا جميعا وبعد ان حان موعد الخروج تعطرت للذهاب الى عملي في مدينة عمان ونظرت وكانت السماء صافية واحسست ان الدنيا مبتسمة ونظرت اثناء سيري الى الافواج القادمة منهم من يذهب الى عمله واخرين الى العلاج للمدينة الطبية وقاصدين اخرين واصوات الباعة المتوكلون على الله في رزقهم منادين على الكعك الساخن وبعض السندويشات وبمنتهى النظافة والسائقين يحترمون عابري الشوارع وهناك شيخ كبير لا يستطيع العبور فتوقف احد المواطنين فاوقف السير واتجه به الى الجانب الاخر فحياه سواق المركبات التي توقفت والكل نشيط ومبتسم ومتفائل وعند ركوبي المواصلات العامة كان تعامل الكونترول بكل ادب مع جميع الركاب ولا تخرج من فمه الا كلمات طيبة والسائق يسير بكل لطف واغاني المطربة فيروز تصدح بصوت هادئ مقبول والمركبات تسير بانتظام وتترك مسافة بينها والاخرين والمشاة يقفون عند اماكن العبور منتظرين بكل نظام اشارتهم الخضراء ونظرت من شباك الباص فاذا شرطة السير قد القوا بدفاتر مخالفاتهم في الوديان والحاويات واصبحوا يتعاملون مع المخالفة بالارشاد والنصح دون ان يتم تاخير الركاب عن عملهم وكلمات الاعتذار تكررت من شرطة السير لهذا التاخير البسيط وهم احد الركاب لاشعال السيجارة فطلب منه آخر عدم فعل ذلك فتقبل الوضع بكل بساطة وكانت المركبة لاتزيد سرعتها عن 60 كم دون سباق او تزاحم وعند وصولنا الى مكان العمل فاذا بالموظفين قد وصلوا دون تاخير وقبل ربع ساعة من بدء العمل والسلام والتحيات بينهم ومدير الشركة قد حضر في وقت مبكر وبدأت افواج المراجعين دون صوت يعلو وكان التعامل مع الناس بكل لطف وادب وكل اخذ ما يريد دون نقص وبحقه الكامل فتزداد كلمات الشكر والثناء على هذا الاسلوب من العمل الرائع والغريب انني لم اسمع اي رنة خلوي حتى اثناء ركوبي في الباص وكأن الناس اصبحوا يعرفون ان هذا الجهاز هو للضرورة وليس للكلام الفارغ والغريب ايضا انني لم اسمع اي تذمر او شكوى من اي احد وحتى الصحف التي قرأتها قبل بدء العمل لا يوجد بها اي منغصات فلم اقرأ عن حرب نشبت في اي دولة ولا سرقات ولا حوادث سير والاسعار عادية والوقود لم يرتفع وجاءني هاتفا من مدير مياه مدينتي وبامر من معالي وزير المياه الذي يبدو انه قد قرأ شكواي في احدى الصحف يعتذر عن الازعاج الذي سببته لي ماتورات المياه سنينا طويلة وفيضان الخزان لم يعد موجودا وتلفون اخر من البلدية تعتذر عن عدم نظافة الحارة التي اسكن فيها فسعدت بهذه المكالمات والبث المباشر لن نحتاج اليه لانه لم يعد هناك شكوى ويبدو ان محمد الوكيل وبرنامجه بصراحة قد انتهى لاننا جميعا نعمل بجد واخلاص وبضمير حي نخاف الله في اعمالنا ونرعى حقوق الناس الاخرين فشعرت وكأنني في مدينة مثالية او انني اعيش مع أليس في مدينة العجائب وانتهى العمل دون شعور بملل لنعد الى البيت واذا بي فجأة استيقظ من نومي على صوت بريك لاحد المركبات المسرعة وارى من النافذة حادث مركبة قد يكون ضحيتها انسانا ذاهبا الى عمله حيث ان هذا اليوم لم يكن قد بدأ واصوات الماتورات كماهي والمياه تغزو كراج عمارتي واوساخ هنا وهناك وعندها هممت برفع سماعة الهاتف لاشكو المياه فلم يجب احد وبعد تكرار ذلك جاوبني احدهم وبمنتهى الخشونة فتخيلت لو كنت واقفا امامي لاكلني بعصبيته والكونترول باسوأ كلمات نابية يستقبل الركاب وكأنهم عبيدا لاهله ودخان السيجاير يعلو هنا وهناك والسرعات الجنونية للمركبات وشرطة السير كماهي توقف المركبة المخالفة وتؤخرها دون مراعاة لاحد او لتاخير الناس عن اعمالهم وما قد يترتب على ذلك من مضاعفات وعقوبات من ارباب العمل وحتى زملاؤنا الموظفين كما هم بتاخيرهم وكأن احدهم ياتي العمل سخرة وبدون اجر فعلمت انني كنت اعيش قبل صحوي في حلم كم كنت اتمنى ان يكون حقيقة لاننا شعب طيب يمكن ان نحقق هذا الحلم طالما اننا نخاف الله في كل خطوة ونخاف عذاب الضمير ولا نقبل التقصير في اداء اي حق لاحد واذا كان هناك بعض الشذوذ من احد فنستطيع بعزيمتنا وحبنا لبلدنا ومليكنا ولشعبنا ان نعالجه ونكون فعالين في كل نواحي حياتنا وليس كما يقال ان المواطن الغربي افضل واكثر انتماء منا فديننا الاسلامي حثنا على الاخلاص في العمل والدفاع عن حقوق الاخرين واداؤها وحثنا على طاعة اولي الامر منا والحكم بالعدل والمساواة اتمنى من الله ان يحقق امانينا واحلامنا في جعل بلدنا امنا مطمئنا وان يكون الاردن مثاليا في كل نواحيه والجشع والطمع قد زال من بيننا والانانية قد انتهت والسلام قد عم الارض وبارك بها وحما الله الاردن مليكا وشعبا وارضا .