الأردن وفلسطين

mainThumb

11-07-2008 12:00 AM

قبل أيام قليلة، تصدى سفيرنا في تل أبيب لرئيس دولة إسرائيل شمعون بيرس عندما قال الأخير إنه لا أفق لحل وإقامة دولة فلسطينية وإن الرئيس عباس يفتقد للشرعية عند الكثير من الفلسطينيين وإنه بالتالي لا يمكن له تنفيذ أي تعهدات قد يتوصل إليها مع الإسرائيليين.

لسنا هنا في موقع بيان الموقف الأردني من العملية برمتها لأنه بات معروفا للجميع، بالرغم من بعض التسريبات التي تزعم أن الأردن قد دخل بالفعل على خط المفاوضات على فرضية أنه لن تقوم دولة فلسطينية. وذهب بعض المراقبين الى القول أن هناك تفاهمات أردنية فلسطينية (سماها البعض عين- عين) تصب في الاتجاه ذاته.

المصادر الحكومية في الأردن تؤكد أن هذه التسريبات مجرد افتراءات وأن الأردن لا يمكن له أن يكون طرفا على الطاولة، لأن ذلك يرتب عليه التزامات لا يمكن أن نتخيل أن الأردن مستعد للتعهد بها لا سيما وأن عام 2008 قد شارف على النهاية، ولا يوجد ما يوحي بأن انفراجا ما قد يحدث.

ولكن هذا لا يعني أن الأردن غير مطل على التفصيلات الكثيرة في المحادثات الفلسطينية الإسرائيلية. وفي سياق التحليل؛ يمكن طرح السؤال التالي: هل من مصلحة الأردن أن يدخل على خط المفاوضات لإقامة علاقة وحدوية مع كيان لم يقم في الأساس؟ ا

لموقف الرسمي يرى في ذلك تقويضا حقيقيا للأمن الوطني الأردني في حين ترى بعض الأصوات بين النخب أن الدخول على خط المفاوضات والتدخل في الضفة الغربية هو خطوة يجب على الأردن اتخاذها.

كتبنا غير مرة عن خطورة مثل هذا التفكير لأنه، وإن لم يكن تفكيرا مؤامراتيا، في النتيجة يؤدي الى نفس المحصلة: ضياع الكيان الفلسطيني وتشوه الكيان الأردني. وبالمناسبة، هذا هو الرأي المعلن للحكومة والدولة الأردنية.

وأكثر من ذلك عبر أحد الوزراء بقوله "إحنا حيطنا مش واطي"، حتى يمرر الآخرون هذا الهراء، وأن الأردن سيقاوم أي محاولة من هذا القبيل. وحتى في حال فشل مقاربة حل الدولتين، يصر الجانب الأردني على أن خيار الأردن سيبقى محصورا في سياق تقديم الدعم لتمكين الشعب الفلسطيني على أرضه وفي الاستمرار في لعبة تذكير العالم بضرورة القيام بمسؤولياته تجاه حل الدولتين.

ومن خلال احتكاكنا المستمر مع صناع القرار هنا، لا نجدهم قلقين على مستقبل الأردن من إمكانية فرض حلول وأدوار عليه. شخصيا قلق لأنني أخشى أن ديناميكيات أخرى في حال فشل المسار السلمي ستتفاعل ما يؤدي الى طرح أسئلة من نوع مختلف علينا جميعا قد لا يكون المجتمع الأردني مهيأ للتعامل معها.

على كل، يذهب وزير خارجية الأردن في زيارة الى موسكو في محاولة لمتابعة أنابوليس لعل ذلك يفضي الى تحرك دولي جديد. وسيتابع الوزير نشاطه في لقاء كونداليزا رايس خلال هذا الشهر. المشكلة أن الجانب الأميركي لا يبدي حماسا الى عقد أنابوليس آخر في موسكو لانشغال الولايات المتحدة في الانتخابات وإيران والعراق.

وحتى المجتمع الدولي الذي راهن الكثيرون منا على إمكانية أن يساهم في تسريع عملية السلام لا يرتقي الى مسؤولياته.

وقد التأم شمل قمة الدول الصناعية الثماني للتباحث في شؤون الكون ومنها بطبيعة الحال ضرورة إصدار تصريحات للتأكيد على دعم الفلسطينيين في حقهم في إقامة دولتهم. لا غبار على الدعم فهو مطلوب وفي الوقت ذاته لا يمكن لنا في الأردن إلا أن نحاول تذكير العالم بالتزاماته تجاه الفلسطينيين وما يتضمن ذلك من تمكينهم في أرضهم.

وحقيقة الأمر أن من مصلحة الأردن أن يأتي الدعم للأشقاء في فلسطين لتثبيتهم وتمكينهم في وجه حملات التطفيش التي تخطط لها بعض مراكز القوى في إسرائيل. التصريحات التي وردت في قمة الدول الصناعية الثماني هي في غاية الأهمية لكنها عديمة الفعالية.

فلم يعد يكفي الآن أن يجتمع قادة دول العالم الصناعي ويصدروا تصريحات لدعم السلطة الفلسطينية وحث الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني للاستمرار في عملية السلام ووقف العنف وإيقاف الاستيطان.

وبالفعل فقد سئمنا كمراقبين مثل هذه التصريحات على أهميتها لأنها تخلو من أية آلية لترجمة هذه البيانات اللفظية والمجانية الى مواقف سياسية عملية تنعكس ايجابيا على عملية السلام برمتها.

باختصار شديد، انشغلنا في الفترة الأخيرة في نقاشات داخلية وحان الوقت لكي نفكر جديا في أن الأردن يحتاج منا أن نبدأ في نقاش مفتوح لسيناريوهات ما بعد انهيار عملية السلام إن تحقق ذلك.

hassan.barari@alghad.jo  // الغد //



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد