المضاربات .. والفتاوى

mainThumb

11-07-2008 12:00 AM

مرة اخرى نعود الى فوضى الفتاوى وتضاربها ، ونريد ان نحسن الظن ببعض الذين يتصدون لهذا الامر الخطير الذي يتعلق بأقدس ما يهم الانسان المسلم ، وهو علاقته مع ربه ، والمفتي هنا هو من يوقع باسم الله تعالى ويصدر نيابة عنه ما يصل اليه من احكام ، وبالتالي يصبح على المسلم لزاماً ان يذعن لما يقرره المفتون وإلا وقع في المحذور واستحق غضب الله تعالى.

في الفقه الاسلامي ثمة مساحة كبيرة من المرونة التي تستوجبها شروط فهم النص ومطابقته مع الواقع ، او تفرضها الاجتهادات فيما هو خارج النصوص الثابتة ، لكن ثمة اتجاهات في فقهنا المعاصر ، احدهما انحاز الى حرفية النصوص او استقى اجتهاداته مما قاله السلف ، والثاني انحاز الى قراءة العقل وأسرف في التيسير والتحليل ، وفي غياب الفتوى الجماعية او المؤسسية الموثوق بها انقسم الناس تبعاً لانقسام الافتاء ، واصبح كل واحد يبحث عن الفتوى التي تتناسب مع ممارسته او تبرر ما يفعله.

في قضية المضاربة بالعملات في البورصة مثلاً ، حاولت أن ابحث عن فتوى مقنعة تحرر هذه المسألة الخطيرة من اللبس والاشتباك ، وتوجهت لما قاله المفتون والفقهاء ، فلم أجد الا اقوالاً متضاربة تستعصي عن الفهم احياناً ، وتجاوز الواقع احياناً اخرى ، البعض يحرمها على الاطلاق ، او يضع لها شروطاً لا تقيم وزناً لما طرأ على عالم الاقتصاد وادواته من مستجدات ، والاخرون يحللونها بدون دليل ، وتكاد لا تجد للكثير من الفتاوى التي تصدر من الطرفين اي دليل مقنع ،

صحيح ان بعض المجامع الفقهية قد حسمت المسألة باتجاه الحرمة ، ولكن ماذا عن بعض الفقهاء المعتبرين الذي أباحوها ، هل يمكن للذين يتعاملون مع هذا الصنف من العمل ان يأخذوا برأي الفقه المفرد او الفقيه المؤسسي ، ثم أليس من المفترض ان يتفق الجميع على حكم واحد ما دامت «الواقعة واحدة».

لا اريد ان افصل في هذه القضية التي ارجو ان يحسمها فقهنا الاسلام بفتوى تبدد الغبش الذي يسيطر على الكثيرين ممن يتعاملون في هذه المضاربات ، ولكنني أردت الاشارة الى حاجة امتنا اليوم الى فقهاء ثقة ، ومفتين يخافون الله ولا يخضعون لاي ضغط او اعتبار غير ما تمليه عليهم ضمائرهم ، او ما يرضي الله عز وجل ، فليس سرّاً ان قرارات وفتاوي بعض دور الفتوى اليوم في بلادنا الاسلامية ما زالت «مقيدة» بالبحث في المسائل الشخصية من زواج وطلاق وغيره ، وبالتالي فانها بعيدة عن مناقشة قضايا الامة او المجتمع ، فيما تتذكر دور المفتي في تاريخنا الاسلامي حين كان يمارس مهمته الحقيقية.. الامر بالمعروف والنهي عن المنكر دون ان يخشى في الله لومة لائم. / الدستور /



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد