556

mainThumb

13-07-2008 12:00 AM

هذا ليس رقمي المفضل، ولا هو رقم سري لإحدى البطاقات التي حملتها يوماً ما، كما أنه ليس قراراً لمجلس الأمن الدولي بخصوص القضايا العربية، ولكنه – بحسب الدوائر الرسمية- خط الفقر في الأردن لعام 2006 ، أي قبل حوالي عامين مضيّا -بحلوهما ومرّهما-، أي قبل الدخول في متاهة رفع الدعم وارتفاع الأسعار و"رفع/ وتآكل الرواتب". يعني هذا الرقم إذا كان صحيحاً قبل عامين فإنه بالتأكيد تغير كثيراً هذه الأيام وربما تضاعف!. المهم، ماذا نستفيد نحن من هذا الرقم المدهش؟ وما أهميته بالنسبة لنا كمواطنين ؟ وما هو خط الفقر أصلاً؟
بدايةً أنقل لكم تعريف خط الفقر حسبما هو مقرر لغايات المسح الذي قامت به – مشكورةً – دائرة الإحصاءات العامة في الأردن وهو " إجمالي تكلفة السلع الضرورية لسد الاحتياجات الاستهلاكية للأسرة وفقا للسُعرات الحرارية التي يحتاجها الجسم"، ورغم أنني لم أستطع تحليل الأمر إلا أنني أنقل لكم ما ورد في الخبر المنقول عن مسح دائرة الإحصاءات العامة " ...وتبلغ متوسط تكلفة "السُعرة الحرارية" 0.4092 دينار في العام 2006 مقابل 0.327 دينار في العام 2002 ". أي أن المواطن يحتاج إلى 556 دينار أردني سنوياً للحصول فقط على السُعرات الحرارية التي يحتاجها الجسم، ولا أدري إذا كان هذا المبلغ يشمل إيجار المسكن وأقساط المدارس ورسوم الجامعات ومخالفات السير وغيرها من النفقات؟.
وبصرف النظر عن المضمون العلمي والدقة الرقمية لهذه المعلومة فأرجو أن نكتفي بالمقارنة بين الرقمين لنلاحظ ان فرقاً كبيراً قد حصل في تكلفة " السُعرة" الحرارية الواحدة. ومع أنني أظن أن الصواب هو " السُعر الحراري" لكنني سأقبل بكلمة "سُعرة حرارية" لأنها ألطف وأنعم وإن شاء الله اني بمّون على الأخوة والأخوات – قراء هذه الكلمات
أعتقد أن لا فائدة كبيرة من هذا الرقم بشكله الحالي – 556 - لأن حياة الإنسان ليست فقط مجرد مجموعة من السُعرات الحرارية التي يحصل عليها بما لديه من دخل؟ هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، لأن المواطن لا يملك مختبراً لإجراء الفحوصات المخبرية وتحديد عدد السعرات الحرارية التي يحتاجها والتي يمكنه شراؤها بما لديه من مال ناهيك عن تلك التي حصل عليها فعلاً بواسطة دخله. وبحسب معلوماتي البسيطة في العلوم البيولوجية فإن الحاجة للسعرات الحرارية تزداد في أيام البرد عنها في أيام الحر، وهي تختلف بحسب طبيعة النشاط الذي يبذله الإنسان، فالحرّاث مثلا قد يحتاج ُسعرات حرارية أكثر من 600 مستشار، وعامل النظافة قد يحتاج لسُعرات حرارية أكثر من 50000 ألف شاب يسهرون في " الكوفي شوبات" على "الأرجلية والشدّة" وهكذا يتضح بأن الإمكانية تكاد تكون مستحلية للاعتماد على مثل هذه المسوح التي لا يمكن لأحد فهمها وخصوصاً ممن هم تحت خط الفقر" الحراري".
وحتى لو فرضنا جدلاً أن شخصاً ما استطاع بدخله وبقدرة العزيز الجبّار أن يوفر تكلفة الحصول على السعرات الحرارية التي يحتاجها جسمه، فهل يمكن اعتباره غنياً؟ أو على الأقل فوق خط الفقر؟
أعود للرقم أعلاه – 556- وأقول، إن هذا الرقم يعني أننا بحاجة إلى إضافة معلومات جديدة لمناهجنا المدرسية لتعليم النشئ مفهوم خط الفقر و"عدد السعرات الحرارية التي يحتاجها الجسم" و " تكلفة الحصول عليها، وبعد ذلك صدقوني سيكون كل مواطن قادر على تصنيف نفسه بنفسه فيما إذا كان يقع تحت أو فوق خط الفقر أو أنه قاعدٌ –تماماً- على خط الفقر كما لو كان دخله السنوي يساوي 556 دينار فقط لا غير، وأؤكد أن تبني مثل هذا التحديث في المناهج سيكون له أثرٌ واضح في إراحة دائرة الإحصاءات العامة من عناء إجراء مسوحات لخطوط الفقر وجيوبه وسُعراتنا الحرارية وحسبي اللهُ ونعم الوكيل.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد