أمريكا .. السعودية .. إيران

mainThumb

02-02-2016 05:29 PM

 معروف أن أمريكا  هي قطب الرحى  والمحور في هذه المنطقة ، ‏في حين أن كلا من  العربية السعودية وإيران ،  هما  قطبا المنطقة ‏اللذان يدوران حولها كأقوى دولتين  في هذا الإقليم  ،  بعد شطب ‏العراق من الخارطة السياسية ، وهناك إنجذاب سعودي   تكرس ‏منذ لقاء البحر المعروف بين قيادتي البلدين في سابق الآجال والذي ‏أسس لعلاقة سعودية – أمريكية متميزة ، إذ التقى مؤسس السعودية ‏الملك عبد العزيز آل سعود مع الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت    ‏، على سطح السفينة في البحيرات المرة  بمصر إثر عودة  آل ‏سعود من يالطا عام 1945.‏

أما بخصوص العلاقة الإيرانية  - السعودية   ، فإنها تمر بحالة ‏تقاطع ، بعد أن كان التجاذب على أوجه  إبان عهد الشاه المقبور  ،  ‏الذي تمرد على أمريكا وحاول  نسج شراكة معها  ، بدلا من أن ‏يكون وكيلا ، ومن ضمن مطالبه أن يشن حربا على الإتحاد ‏السوفييتي السابق لإستراجاع جبل إيراني محتل .‏

عندما  تأكد لواشنطن أن الشاه ماض في طريقه ولن  يوقفه أحد ، ‏تخلت عنه ،  ونجحت ثورة الخميني في تسليم الحكم في إيران ‏للملالي  أو ما يطلق عليه "ولاية الفقيه "، وعند ذلك إنتهى شهر ‏العسل الإيراني - الأمريكي الطويل ، رغم مكاتة إيران عند أمريكا ‏، وما كان شاه  إيران يقدمه من خدمات لا تحصى ولا تنسى ‏لأمريكا ، ولا يغيبن عن البال أن شاه إيران المقبور كان شرطي ‏الخليج بلا منازع .‏

 

بعد زوال حكم الشاه أصبح شعار الملالي في إيران   : "الموت ‏لأمريكا وإسرائيل "،  وقام الحكم الجديد في إيران  بطرد ‏الإسرائيليين من سفارتهم بطهران وتسليمها لمنظمة التحرير ‏الفلسطينية  ، كما قام الطلبة الإيرانيون بإحتجاز 52 مواطنا ‏امريكيا كرهائن في صحراء طبز ، لمدة 444 يوما  من 4 تشرين ‏ثاني /نوفمبر 1979 حتى 21 كانون ثاني /يناير 1981، بعد فشل ‏محاولة سرية  أمريكية لإنقاذهم ، أطلق عليها  إسم "مخلب النسر ‏‏"في 24 أيلول /سبتمبر  1980  ، راح ضحيتها ثمانية جنود ‏أمريكيين ، وإنتهت الأمور بتوقيع إتفاق الجزائر يوم 19 كانون ‏ثاني /يناير 1981 ، وأدت بطبيعة الحال إلى هزيمة الرئيس جيمي ‏كارتر ، ونجاح  رونالد ريغان.‏

‏ ‏

إستمر  العداء وإستفحل بين حكم املالي  في طهران وأمريكا  ، ‏إلى أن  جرى التوقيع قبل أشهر على الإتفاق النووي  بين إيران ‏وكل من الغرب وأمريكا   ، أو ما يعرف "5+1"، فيما كان ‏الإنجذاب السعودي –الأمريكي ، يتجذر في أعماق العلاقات  ‏الثنائية  والمصالح المعروفة ، وكانت السعودية لما لها من ثقل ‏ديني أولا ومادي ثانيا ، هي الوحيدة القادرة على تنفيذ الرغبات ‏الأمريكية.‏

هناك محطات  مفصلية  إقليمية لا بد من تسليط الأضواء عليها  ‏لمعرفة واقع الإقليم الجديد ، وأهمها قيام منظمة التعاون الإسلامي ‏بإلغاء الجهاد في مؤتمر داكار الإسلامي أواسط ثمانينيات القرن ‏المنصرم ، وإندلاع  الحرب العراقية – الإيرانية قبل ذلك ، ‏وإستمرت ثماني سنوات اكلت الأخضر قبل اليابس ، ولخبطت ‏أوراق العالمين العربي والإسلامي على حد سواء تخللها غزو ‏شارون  للبنان  ، وإحتلاله بيروت  على مرآى ومسمع نظام الحكم ‏في دمشق  ، الذي لوث الأثير  بتشدقه الكاذب بالقومية  والعروبة ‏وحب فلسطين ، وجرى غدر منظمة التحرير الفلسطينية  ، بترحيل ‏قواتها إلى الشتات   وخاصة في تونس ، بناء على عقد عشري ‏إنتهى عام 1992 ، حيث رفض بن علي تجديده ، وهذا ما إضطر ‏القيادة الفلسطينية  إلى التورط في أوسلو.‏

‏  بعد إنتهاء الحرب  العراقية – الإيرانية ، دخل الجيش العراقي ‏إلى الكويت  ، ما جعل أمريكا تقود تحالف حفر الباطن الثلاثيني ‏لطرد القوات العراقية من الكويت  ، وبعد حصار دام أكثر من ‏عشر سنوات  ،  قادت أمريكا  أيضا غزوا بربريا للعراق بمشاركة ‏جيوش عربية وأوروبية بطبيعة الحال منها سوريا الأسد ومصر ‏مبارك ، وجرى  إحتلال وتدمير العراق وشطبه من على الخارطة ‏، وهذه النقلات النوعية  التي أدت إلى تحولات  في طريقة التفكير ‏في الإقليم ،  وأعادت كتابة تاريخ المنطقة  ،  ليست من صنع ‏الشيطان بطبيعة الحال .‏

‏ بعد توقيع إيران للإتفاق النووي  مع الغرب وأمريكا ، أسقط بيد ‏السعودية  ، التي إكتشفت أن واشنطن غدرتها ، وقد حاولت بكل ‏ماتملك من نفوذ  تعطيل ذلك الإتفاق ، لكنها لم تنجح ، وبدأ الجرح ‏السعودي  ينزف ويكبر ، خاصة وأن المسؤولين الإيرانيين  أعلنوا ‏أكثر من مرة أن نفوذ إيران  وصل إلى خمس عواصم عربية  ، ‏هي :بغداد والمنامة ودمشق وصنعاء وبيروت ، وكل هذه العواصم  ‏نقاط ضعف في الخاصرة السعودية. ‏

لم تحتمل السعودية   ما فعله الحوثيون في اليمن  ، خاصة وانهم ‏يتلقون الدعم طهران ، ولم تستطع  السعودية إحتواءهم مع أن ‏الحوثي الكبير كان من رواد القصور السعودية ، لكنه عندما حانت ‏ساعة الجد ، إنقلب على الرياض وتحالف مع المخلوع علي عبد الله ‏صالح.‏

عند ذلك أدركت السعودية أن عليها أن تلعب مع امريكا بطريقة  ‏فرض الأمر الواقع  ، بدلا من تلقي المشورة والنصيحة ، فجهزت ‏تحالفا  عربيا  وتدخلت في اليمن عسكريا ، لكنها قبل ذلك  أعلمت ‏أمريكا بذلك ولم تستشرها .‏

نتيجة لذلك رأينا "الصراع " السعودي – الإيراني يتعمق وخاصة ‏بعد الإتفاق الإيراني النووي ، وقد خرج عن أطره المألوفة ‏المتعارف عليها  ، فبعد الحرب الباردة بين الطرفين ، رأينا ‏السعودية تنفذ أحكاما بالإعدام ضد مواطنين سعوديين بتهمة ‏التطرف  ، يتقدمهم الشيخ نمر النمر ، فما كان من إيران إلا أن ‏ردت بإحراق سفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مشهد.‏

عند ذلك إنفجر اللغم الحارق الخارق ، ورأينا التجييش وتشكيل ‏تحالف إسلامي لمحاربة الإرهاب ، لم تكن إيران طرفا فيه بطبيعة ‏الحال ، وقيل أنه لمهاجمة إيران ، وآخر ما رشح هنا وهناك هو أن ‏أمريكا وإيران تخططان للقضاء على السعودية ، وإن صح ذلك  ‏ولم يكن "حكي جرايد "كما يقول المثل ، فإننا سنكون أمام إستحقاق  ‏أكبر من التوقعات  ، وتصور أكبر من التخيلات ، لأننا لو إستندنا ‏على حساب المصالح ، لخرجنا بنتيجة مفادها أن المفروض  رؤية ‏تحالف أمريكي –سعودي للقضاء على إيران  ، وليس العكس.‏

نحن حاليا في وارد حساب القوة  ، والعرب بمجملهم  ليسوا  أقوياء ‏‏ ، بل مجزأون مشتتون ضعفاء ، يتحدث بإسمهم 23 لسانا  بعد ‏إضافة  السلطة الفلسطينة إلى الكوم ،  بينما نرى إيران قوية ‏موحدة إلى حين ،  وينطق بإسمها رجل واحد

 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد