صحيفة السوسنة الأردنية

ثمة عنصر جديد ضاغط فيما يتعلق بعملية التسوية، وهو قدوم حكومة نتنياهو وذراعه اليمنى ليبرمان،وقد سارعت هذه الحكومة التي توصف بـ المتطرفة جدا ،الى اعلان موقفها من عملية التسوية، ويتلخص بعدم الاعتراف بتفاهمات انابوليس وخارطة الطريق، واسقاط فكرة الدولة الفلسطينية المستقلة، واعلان ان المفاوضات وصلت الى طريق مسدود،ولا ادري متى كانت هذه الطريق سالكة؟ ورفض فكرة الارض مقابل السلام واستبدالها بـ السلام مقابل السلام !.

الجهد العربي يتركز الان، على تأكيد التمسك بـ مبادرة السلام ، التي سبق ان تعاملت معها باستخفاف حكومتا شارون واولمرت وادارة بوش، منذ اقرار المبادرة في قمة بيروت 2002! ويتصدر الاجندة العربية ايضا، ما ثبت فشله خلال ولاية حكومة اولمرت، وهو مطالبة حكومة نتنياهو بالعودة الى طاولة المفاوضات، وحثها على الالتزام بأنابوليس، وخارطة الطريق و حل الدولتين ،ومناشدة ادارة الرئيس اوباما الضغط على اسرائيل، لمواصلة عملية السلام، وفقا للمرجعيات المشار اليها! والواقع ان ادارة اوباما، تبدو مرنة واكثر تهذيبا في التعاطي مع هذا الملف، مقارنة مع سياسة الاملاءات والغطرسة التي كانت تنتهجها ادارة بوش،وقد اعلن اوباما بشكل واضح،في خطابه الذي وجهه للعالم الاسلامي من تركيا الاسبوع الماضي التزامه بـ حل الدولتين ، وسبق ان بادر فور دخوله البيت الابيض، بتعيين مبعوث خاص للمنطقة هو السناتور جورج ميتشيل، الذي استأجر مكتبا في القدس، ما يعني ان مهمته طويلة الامد! وسيجد في المنطقة فرصة نادرة للتمتع بتراثها التاريخي ومناطقها السياحية، كما يفعل توني بلير مبعوث اللجنة الرباعية، الذي لم يحقق اي شيء منذ عينه الرئيس بوش، بهذه الوظيفة منذ عامين،رغم ان محاضرات بلير هي الأغلى أجرا في العالم!.

لا شك ان ادارة اوباما لديها الكثير من الملفات الشائكة داخليا وخارجيا على مختلف الاصعدة، من ضمنها التداعيات الكارثية للازمة المالية والاقتصادية، والبحث عن مخارج للورطة في العراق وافغانستان، والازمات الاخرى الساخنة، ومنها البرنامج النووي الايراني، وصواريخ كوريا الشمالية،وقضية سباق التسلح مع روسيا، وغير ذلك من ارث بوش البائس،ولذلك فلن يكون الصراع في الشرق الاوسط أولوية بالنسبة لادارة اوباما، لكن في كل الاحوال فان تعاطي واشنطن في عهد اوباما اكثر لباقة وتهذيبا، اما جوهر السياسات والموقف من طبيعة الصراع وقضايا الوضع النهائي، فليس هناك اي تغيير حتى الان، ولا يجوز التوهم بان تحولا دراماتيكيا سيحدث لصالح العرب والفلسطينيين، خاصة بعد تولي حكومة نتنياهو الحكم، التي ستضع العصي في اي محاولة لتحقيق تقدم في مسار المفاوضات!.

التحرك الدبلوماسي خلال الفترة المقبلة، سواء بالنسبة للعرب او الادارة الاميركية هو حث حكومة نتنياهو على استئناف المفاوضات، وبالنتيجة ربما يستجيب نتنياهو وليبرمان لـ المناشدات ويقبلان استئناف المفاوضات، وكأنهم بذلك يقدمون تنازلا تاريخيا ،لكنها مفاوضات استمرار لما سبقها، ثرثرة تدور في حلقة مفرغة،ونتنياهو سبق ان فاوض الفلسطينيين خلال فترة حكومته الاولى بين عامي 1996-1999، ولو اتيح له الوقت لفاوض كل مواطن فلسطيني على حدة! وقبل ايام قليلة اكد للرئيس محمود عباس رغبته في مواصلة المفاوضات! ولا يستبعد ان تقبل هذه الحكومة في نهاية المطاف بـ حل الدولتين ، لكن كيف سيكون شكل الدولة الفلسطينية، وسط غابة المستوطنات والطرق الالتفافية والجدار العازل،وتهويد القدس!؟.