شمشون وحقل الارانب

mainThumb

10-09-2009 12:00 AM

منذ ان القى الرئيس الامريكي أوباما خطابه الشهير في جامعة القاهرة رفع الجميع, وفي مقدمتهم او مؤخرتهم, العرب شعار وقف الاستيطان كشرط لاستئناف المفاوضات بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية. اليوم, وبعد اقل من 4 أشهر اصبح الموقف كالتالي: حكومة نتنياهو تسرّع بالاستيطان وتفتح شهيتها التهويدية والاستيطانية على مصراعيها. فيما يقف الجميع مشلولين عن الحركة.

لا يوجد لغز في المسألة. ذلك ان نتنياهو ليس شمشون الجبار, واسرائيل ليست الدولة التي لا تُقهر. العلة, ان الطرف الفلسطيني والعربي المقابل لها تخلى عن جميع اسلحته واعتمد فقط سلاح المفاوضات, بل ان هذا الطرف يواصل تنازلاته امام الصلف الاسرائيلي, وبدلا من ان يتوعد اسرائيل بالعقوبات والمواجهات نراه يواصل عرض »اغراءات التطبيع« فيما يدير نتنياهو ظهره لها ويواصل صلفه وعناده واستكباره.

اذا, اي فشل على صعيد حل القضية الفلسطينية, حتى لو كان فشل رئيس الولايات المتحدة هو نتيجة طبيعية لغياب البديل العربي عن المفاوضات. لقد دخلت دولنا وحكوماتنا جميعا حظيرة الوادعين الحالمين اصحاب النوايا الحسنة, الذين يعتقدون بان التحديات مع العدو واستعادة الحقوق تحل بالجنوح الى السلام مهما طال الزمن, ومهما كان المردود, متناسين ان الله تعالى وهو رب الكون, وضع »إن« الشرطية للجنوح الى السلام بقوله سبحانه (وإنجنحوا للسلم فاجنح لها).

ولاننا في زمن مصائب وكوارث السياسة العربية, اقولها بصراحة لاولئك الوزراء الذين يجتمعون اليوم بالقاهرة, اعني وزراء الخارجية العرب »ان تمسككم بخيار المفاوضات فقط يحملكم مسؤولية ما يجري للقدس الشريف, من تهويد واستيطان واغتصاب هوية وتهديد مقدسات«. انتم وليس غيركم من يعطي الضوء الاخضر ل¯ نتنياهو وليبرمان ولجميع عصابات المستوطنين التي تعيث في المدينة فسادا.

كل هذه الهجمة الاستيطانية على القدس والضفة ما كانت لتحدث لو انكم ايها الوزراء, تخليتم عن شعار (المفاوضات الى الابد), واشهرتم واحدة فقط من الاسلحة التي يستخدمها العالم في خدمة قضاياه مثل سلاح المقاطعة السياسية والدبلوماسية والاقتصادية مع اسرائيل وانصار اسرائيل. لو انكم خلقتم (ازمة) يهتز لها العالم حول المستوطنات, لو فعلتم ذلك لما تجرأ نتنياهو, لانه ليس شمشون الجبار, انما من ينطبق عليه وصف اللئيم وما انتم »الا كالايتام على مأدبة اللئام«.

في المثل الشعبي يقال »اشتدي ازمة تنفرجي«, وفي تاريخ الصراع السياسي هناك حكاية السادات وكيسنجر. فقبل حرب اكتوبر, وفيما كان الجيش المصري يكمل استعداداته لعبور قناة السويس وتحرير سيناء, حاول الرئيس المصري الراحل تجنب الحرب باستخدام السياسة, والافراط في تقديم التنازلات والاغراءات لامريكا كي تضغط على اسرائيل وتجري مفاوضات تؤدي الى الانسحاب.

استخدم السادات براعته وثقافته السينمائية والمسرحية لخدمة هدفه السياسي (1) اعلن بصورة مفاجئة قراره بترحيل الخبراء العسكريين السوفييت من مصر, وهي خطوة اذهلت واشنطن (2) اعلن بانه كان ينوي ان يشن هجوما كاسحا عبر القناة على القوات الاسرائيلية لكن (الضباب) حال بينه وبين ذلك. ولما لم يجد كل ذلك نفعا ولم يحرك في واشنطن ساكنا عداك عن تل ابيب, ذهب مباشرة الى كيسنجر وطالبه بان يشرع بجهد دبلوماسي لحل القضية. وما كان من مستشار نيكسون, الا ان قال للمبعوث المصري عبارته الشهيرة »حركوا الوضع« وهكذا من هذه الواقعة اخذت حرب تشرين وصف »حرب تحريك«.

من دون حرب تحريك, كانت اسرائيل لا تزال تقف على قناة السويس, ولولا حروب التحريك التي خاضتها المقاومة اللبنانية لكانت اسرائيل على مشارف بيروت. لذلك فانه من دون حرب تحريك على الاقل (اقتصادية وسياسية) فان الاستيطان سيبتلع القدس وسيظل نتنياهو شمشون الجبار في حقل من الارانب.0



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد