قبل المناهج . . البيئة المدرسية !

mainThumb

17-09-2016 10:54 PM

تبدأ الطموحات الكبيرة تصغر أمام نوعية التعليم ، فحسب الدراسات ، ثمانون بالمئة من طلاب الثاني والثالث الإبتدائي هم دون مستوى مرحلتهم في القراءة ، وطلاب المرحلة الإبتدائية في الأردن متأخرون في مادة الرياضيات " من كلمة الملكة رانيا أمام الملك عبدالله في حفل استلام الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية.
 
البيئة المدرسية تعني ، الألعاب ، الحديقة ، الملاعب ، التدفئة ، المراوح ، النوافذ ، البرادي ، مياه الشرب ، الوحدات الصحية ، المختبرات ، والكثير من الأدوات والمستلزمات اليومية ، لا يتوفر منها الحد الأدنى في غالبية مدارس الوطن.
 
أما مساحة الغرفة الصفية ، وهي الأهم ، فإن المواصفات الدولية التي ننعت أنفسنا بالفشل عندما نقارن أنفسنا بها ، ننسى في ذات الوقت تراكم الطلبة في الغُرف الصفية بحيث يحصل الطالب في غالبية مدارس الوطن على مساحة لا تتجاوز 60 سم مربع في حين المواصفات المعتمدة في تشريعاتنا التربوية والقريبة من المواصفات الدولية ، تطالب بمساحة 125 سم مربع ، إضافة إلى نوعية المقاعد وجودتها وهي في غالبيتها بالية قديمة لا تتيح للطالب حرية الحركة ولا تخضع للحدّ الأدنى من المواصفات المنصوص عليها في التشريعات التربوية ، ولا تتوفر السبورة الحديثة في معظم المدارس فما يتوفر لطلبتنا سبورة قديمة ومشوهة ، أما الطاولات والخزائن والملصقات وآخيراً الأدوات غير موجودة في غالبية مدارس الوطن.
 
عملية التقييم بإجراء مقارنة مع الدول المتقدمة ونعت النتائج لدينا وتحميل وزرها على المناهج واستراتيجيات التدريس والمعلم فيه من الاجحاف الكبير بحق مكونات العملية التعليمية وذلك عندما يتم إغفال أهم العوامل المؤثرة في قدرة طالب المرحلة الابتدائية على التحصيل وتحقيق النتائج المرجوة من أي استراتيجية هو عدم توفر تلك البيئة الملائمة للإبداع ، فلن تُجدي أي إستراتيجية تربوية أو أية مناهج مطورة في تحقيق ما نخطه على الورق في الغرف المُغلقة المُخملية.
 
عندما يلتحق الطفل بالمدرسة ، فإنه يحمل في حقيبته ، طموحاته وأحلامه ، وأمنيات ذويه ، في تلك اللحظات وتلك البدايات يكون الكون كاملاً بين عينيه ويديه ، فإن والديه يرقبون في كل خطوة يخطوها الطفل إلى المدرسة ، ذلك الحُلم ، وتلك الرغبة في إكتساب قيمة سلوكية وممارسة فكرة إبداعية ، ولكن للأسف ، تتحطم تلك الأفكار والأحلام عندما يدخل المدرسة ، ويتكسّر ما يتبقى من طفولة عندما يدخل غرفة الصف.
 
البيئة المدرسية بيئة التعلم تلك الصخرة الكبيرة المُحطِّمة لكل الطموحات والأحلام ، لأن براءة الطفولة هو المعول الوحيد الذي يمتلكه الطفل ، فيتلاشى تدريجياً الحُلم ويبدأ الاحباط بالتسرب إلى والديه فينعكس ذلك على المجتمع ورغبته في التطور.
 
العمل الاستراتيجي ، وقبل البدء في وضع الخطط وآليات التطبيق ، لا بُد أن يأخذ بعين الاعتبار كل العوامل والظروف المؤثرة في النتائج المرجوة ، وعليه فإن الخطط يجب أن تراعي تلك العوامل ، أما عند الحديث عن الطفولة فإن الانطلاق في العمل يتطلب البدء من ظروف البيت والمدرسة ، ولأن الدولة غير قادرة على رفع مستوى معيشة المواطن لتتناسب وحجم الطموحات أو حتى بمستوى أهداف استراتيجياتهم التربوية ، يتبقى ما تستطيع عليه الدولة إذا توافرت النوايا الصادقة في توفير بنية تحتية ملائمة في المدارس بحيث يتوفر لأطفالنا الغرفة الصفية الملائمة بمكوناتها من إنارة وتهوية وتدفئة ومقاعد وسبورة وأدوات مساعدة للمعلم ، والأهم عدد الطلبة الذي يتناسب مع مساحة الغرفة الصفية(التخلص من الاكتظاظ الذي تعاني منه غالبية مدارس الوطن) ، ثم المرافق الأخرى في المدرسة التي لا تقل أهمية ، من ساحات وملاعب ومختبرات و وحدات صحية كافية ملائمة ومشارب صحية آمنة.
 
وفي النهاية يبقى العامل الأهم والمحور الرئيس في العملية التعليمية وهو المعلم ، الذي يحتاج إلى تمكينه من العيش الكريم في بيته ومجتمعه وذلك بتوفير تشريعات تضمن له الحماية من الاعتداءات الجسدية والمعنوية التي تزداد يوماً بعد يوم ، وتمكينه مادياً برفع راتبه ، ومنحه الحوافز المعنوية والمادية المولدة للابداع ، وبالتالي حفظ كرامته من التسول بعد دوامه من عمل إضافي يرهق كرامته وقدّره.
 
إن أية ردود فعل على المناهج الجديدة المُثيرة للجدل وتعرضت للرفض الشعبي ، إن لم تنظُر للموضوع التربوي ومستقبله بنظرة شمولية ولكل أطراف العملية التعليمية تبقى منقوصة ولن تساعد في حل أزمة التعليم في الأردن بل على العكس ستساعد في عملية التأزيم. 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد