الإهمال في شركة للكيماويات يتسبب بوفاة عامل وثلاث إصابات خلال ثلاثة أشهر

mainThumb

28-10-2010 12:21 AM

أدى التهاون واللامبالاة في شركة للمواد الكيماوية خلال الاشهر الثلاثة الأخيرة إلى وفاة احد العمال وإصابة ثلاثة آخرين لاستنشاقهم غازات سامة .

وشكل تزايد هذه الحالات صدمة وهلعا لدى العمال ما اصابهم بحيرة من أمرهم بين الابتعاد عن هذه البؤر المرضية والخوف على أسرهم من الفقر .

ويؤكد العامل الثلاثيني علي عيد سالم  أنه في السابع عشر من الشهر الجاري وأثناء عمله على خط تعبئة مواد تنظيف (الجلي) في الشركة شعر بحالة من الدوران ولم يسيطر على نفسه طالبا المساعدة من زملائه ,وعلى اثر ذلك نقل الى مستشفى الحكمة وتلقى العلاج اللازم وخرج بعد أيام مشيرا الى انه حصل على تقرير طبي يفيد باستنشاقه مواد كيماوية سامة وان مصنع الشركة رفع لادارتها تبليغا بإصابة العمل .

ويثبت تقرير لمحافظة الزرقاء انه تم تحرير ثلاثين مخالفة بحق الشركة لعدم تقيدها بشروط السلامة العامة ومن أبرزها انسكاب مواد كيماوية على أرضية مستودع المواد الخام ، وحفظ المواد السائلة والصلبة بشكل غير منظم وتحضير المواد الكيميائية داخل المستودع.

ويظهر التقرير وفقا لقول محافظ الزرقاء الدكتور سعد الوادي المناصير قيام الشركة بتخزين اسطوانات الكلورين الفارغة والممتلئة في ساحات مكشوفة لأشعة الشمس المباشرة بطريقة تشكل تهديدا لحياة الناس بسبب تسرب هذه المواد .

ويكشف التقرير عدم إتباع الشركة لأصول التخزين السليم داخل مستودع المواد الخام ، وحفظ البراميل بصورة عشوائية تضطر العمال إلى الصعود فوق أغطية براميل المواد الكيميائية للوصول إلى مواد أخرى إضافة إلى خلو العبوات من وجود ملصقات تشير إلى خطورة المادة الكيميائية التي تحتويها .

ويؤكد المناصير انه تم تكليف لجنة السلامة العامة برئاسة مساعد محافظ الزرقاء علي الزريقات وعضوية مندوبين عن مديريات الدفاع المدني والصحة والبيئة والشرطة في المحافظة وبلدية الزرقاء والادارة الملكية لحماية البيئة بالكشف على اوضاع الشركة وإعداد تقرير حول السلامة العامة فيه .

ويوضح أن اللجنة وجدت داخل مستودعات المواد الخام في الشركة مواد سريعة الاشتعال ما يشكل خطورة بالغة على السلامة العامة داخلها اضافة الى وجود عبوات بلاستيكية قديمة فارغة وبراميل يوجد بها مواد كيميائية تشكل خطرا على السلامة العامة متناثرة في ساحات الشركة .

يرقد حاليا في قسم العناية الحثيثة في مستشفى الحكمة العامل الخمسيني عبد المنعم علي سليمان عرابي الذي يعاني من صعوبة في التنفس ما جعله يستعين بجهاز للتنفس الاصطناعي ،" وحصل على تقرير طبي بان حالته ناتجة عن استنشاقه لغازات سامة أثناء عمله في شركة للكيماويات "، بحسب قول زوجته .

وتكمل ان هذه ليست المرة الأولى لاصابته بذلك إذ سبق أن ادخل المستشفى اثر استنشاقه مواد سامة ، واحتسبت له إصابة عمل مضيفة ان لديهما أربعة أبناء لا نستطيع تامين مصروفاتهم اليومية وان المبلغ المتراكم علينا تجاوز سقف التأمين حيث يطالبنا المستشفى بتامينه علما بان زوجي ادخل اليه منذ الحادي والعشرين من الشهر الجاري . يؤكد الدكتور المناصير انه تم توجيه استفسار لإدارة المستشفى عن عدم إبلاغ المحافظة ومديرية الشرطة عن مثل هذه الحالات من إصابات الاستنشاق للغازات السامة لوجود احتمالية شبهة جنائية مبينا ان إدارة المستشفى وقعت على تعهد باتخاذ إجراءات لعدم تكرار مثل هذه المخالفات والإبلاغ الفوري عن أي إصابة تراجع المستشفى .

ويؤكد اختصاصي ألامراض الباطنية الدكتور سليمان سعيد أنه خلال الاشهر الثلاثة الأخيرة راجع مستشفى الحكمة المعتمد لدى الشركة أربعة عمال يعملون بها , جميعهم يعانون من حالات استنشاق لغازات سامة واصفا هذه الحالات عند وصولها للمستشفى بانها تعاني من الغثيان وألم في المعدة وضيق في التنفس واصفرار في الوجه .

ويشير إلى أن الحالة الأولى حدثت في نهاية تموز الماضي للعامل احمد عبد العزيز صالح الذي توفي بعد أن دخل في حالة موت دماغي ، لتتوالى بعدها الحالات حيث وصلت حالتان جراء استنشاق لغازات سامة وغادرتا المستشفى بعد تلقيهما العلاج اللازم ، والثالثة ما زالت قيد العلاج في العناية الحثيثة وجميعها استنشقت مادة الكلورين.

ويوضح الدكتور سعيد أنه بعد يومين او ثلاثة ايام من استنشاق الغازات السامة تظهر التفاعلات على الرئة والتي تكون قاتلة بنسبة تتراوح بين 40 - 65 بالمئة حسب الدراسات الطبية العالمية ، فيما تسبب النسبة الباقية تليفا في الرئتين . ويؤكد أن جميع الحالات التي وصلت إلى المستشفى من المحتمل أن تكون ناتجة عن استنشاق أثناء العمل غازات كيماوية غير مرئية وسامة هي التي سببت لهم تلك الاعراض كونهم يعملون في مصنع كيميائي للمنظفات .

ويبدي الدكتور سعيد استياءه من تدخل المسؤولين في الشركة في سير عملهم كأطباء ، من خلال المراجعات المستمرة للاستفسار والعتب لكتابتنا في التقارير الطبية ان الحالة ناتجة عن استنشاق غازات سامة أثناء العمل ، في محاولات منهم لتغيير صيغة التقارير الطبية .

وفي الوقت الذي يعبر فيه مدير السلامة في الشركة عن استيائه من تقارير الاطباء المعالجين التي اصبحت وكأنها عادة بتضمين عبارة " استنشاق غازات سامة " للتقارير الطبية التي يعدونها , يؤكد الدكتور سعيد أن الامانة الطبية هي التي تغلب في النهاية .

يقول مدير السلامة في الشركة أنه في السابع عشر من الشهر الجاري لم يتحكم عامل التعبئة علي عيد سالم بنفسه وشعر بدوخة نقلناه على اثرها الى مستشفى الحكمة ، وارسلت الشركة اشعار تبليغ إصابة عمل للمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي ، رغم أن مهمة العامل الذي يعمل منذ خمس سنوات على خط إنتاج مادة الجلي تنحصر في وضع الغطاء على العبوة .

الناطق باسم المؤسسة موسى الصبيحي يؤكد أن المؤسسة تسلمت من الشركة في ذلك اليوم اشعار تبليغ باصابة عمل للعامل علي عيد سالم ,وما زالت قيد الدراسة , مشيرا الى ان هذا الاشعار يأتي ضمن عشرات الإشعارات التي تسلمتها المؤسسة من تلك الشركة .

احد عمال المصنع رفض الافصاح عن اسمه يبين ان المصنع يفتقر إلى ابسط إجراءات السلامة , وانه خلال سنوات عمله الطويلة فيه لم يتم توزيع كمامات إلا مرة واحدة أو مرتين على العمال مشيرا الى انه مصاب حاليا بمرض الربو ويعاني من مشكلات في الكلى .

ويوضح تقرير لجنة السلامة العامة وفقا للمناصير عدم ارتداء عمال المصنع معدات الوقاية والسلامة ، اضافة الى وجود حفر تحتوي على مواد كيميائية مكشوفة غير محمية بطريقة تعرض العمال للسقوط فيها إلى جانب تآكل أرضيات الشركة بشكل كبير لانسكاب المواد الناتجة داخل غرفة تعبئة منظف الحمامات .

ويبين ان تمديدات الكهرباء داخل غرف التعبئة تحتاج إلى عزل تام عن المواد الكيميائية ، وان حوض مبيض الغسيل الموجود في الساحة الخارجية مغطى بالواح من (الزينكو ) المتحرك غير الثابت مع وجود فتحة غير مغطاة ما يشكل خطرا على السلامة العامة ، اضافة إلى أن نظامي الإطفاء اليدوي والإنذار التلقائي داخل المصنع لا يعملان .

ووجه المحافظ كتابا للشركة بضرورة تلافي السلبيات وبالسرعة الممكنة .

الناطق الاعلامي في المديرية العامة للدفاع المدني الرائد باسم خلف يؤكد ان من مهام إدارة الحماية والوقاية الذاتية في المديرية الكشف على الشركات والمصانع لبيان مدى تقيدها بالسلامة العامة مشيرا الى ان المتابعات الميدانية للكشف على المنشات تتراوح بين مرة إلى ثلاث مرات في العام وحسب خطة عمل المديرية وطبيعة وخطورة العمل في الشركات أو المصانع.

ويبين ان آخر تقرير أعدته مديرية دفاع مدني الزرقاء عن الشركة كان في الرابع من شهر آب الماضي واظهر عدم تقيد المصنع بتنفيذ التوصيات التي تقدمت بها المديرية .

تتيح المادة 26 من قانون الضمان الاجتماعي الجديد للمؤسسة في حال ثبوت وجود تقصير أو مخالفات في المنشأة التي تتكرر فيها الإصابات رفع نسبة اشتراكات إصابات العمل من 2 بالمئة إلى حد أقصاه 4 بالمئة .

ويؤكد الصبيحي أن المؤسسة تدرس حاليا في حال ثبوت مخالفة المنشأة لشروط ومعايير السلامة والصحة المهنية تفعيل الفقرة ب من المادة 26 من قانون الضمان لتحميل المنشاة جميع تكاليف العناية الطبية .
"بترا- سهير جرادات"


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد