شرارة لإشعال الخليج

mainThumb

24-06-2019 11:44 PM

 ظاهرياً بدا الرئيس الأميركي دونالد ترمب إنسانا رقيقا وديعا يحترم ويخاف أن تزهق أرواح 150 شخصاً سدى في إيران، بخلاف أقرانه السابقين الذين سحقت أسلحتهم جماجم الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ في هيروشيما ونجازاكي والعراق وفيتنام والصومال وفلسطين.. الخ.

 
وأخيراً فاق الضمير الأميركي، وتم تغليب النفس الإنسانية على المصالح المادية والمواقف السياسية، لكن هل هذا صحيح..؟، لا، بل هو غطاء ساذج لا يصدقه تلميذ في الصف الأول، فالمصالح الأميركية لا تدار بهذه الطريقة التي عرفناها وخبرها العالم جيداً، فكم من طفل توفي حرقاً أو تقطيعاً سواء في ملجأ العامرية في بغداد أو في مساجد العراق وافغانستان وغيرها الكثير..
 
تراجع ترمب، استند إلى مبدأ الربح والخسارة بعقلية التاجر التي يتقنها بمهارة عبر سنوات خبرته الواسعة بعقد الصفقات، فالرجل يدير الأمور بعقلية رجل الأعمال المحترف، ولا يهمه خوض حرب خاسرة وإن كان قادراً على تدمير خصمه، ما دام أنه سيخسر المزيد من الأموال فلن يفعل.
 
ولكن ما هي أهداف التصعيد..؟، الراغبون في ضرب إيران كثر في المنطقة على رأسهم إسرائيل واللوبي الصهيوني في أميركا، وبعض دول الخليج العربية المتضررة من التهديدات والتدخلات الإيرانية في اليمن والمنطقة، فالجميع يلتقي بالهدف ويضغط باتجاه تأديب أيران.
 
فما هي خيارات ترمب أمام ضغط الحلفاء ومعادلة الربح والخسارة؟، واضح أن ترمب يتعرض إلى ضغوط كبيرة من مستشاريه وحلفائه باتجاه وضع حد للتنمر الإيراني في المنطقة، رغم رفضه الحرب في الدقائق الأخيرة من بدء شرارتها، وتراجعه عنها بحجة المحافظة على دماء لا ندري أن كانوا أبرياء او عسكريين..!
 
ولعل أبرز الحلول والخيارات ستكون أمام ترمب والإدارة الأميركية الاستمرار في مسلسل التهديد والوعيد لبيع مزيد من الأسلحة وعقد الصفقات في المنطقة، وحلب المزيد من الأموال دون توقف، وقد يصل ترمب إلى حل الضربات المحدودة غير المؤثرة فعلياً والقوية إعلامياً لإرضاء الأصدقاء والحلفاء، وقد يفعلها تحت وطأة حركة استفزازية جديدة قد تقوم بها طهران أو يقوم بها طرف ثالث وتلصق بها.
 
ولكن، هل ستسكت إيران على الضربة الأميركية المحدودة، وتقبل بها؟ ولن تبادر إلى إطلاق نارها على البوارج الأميركية في الخليج لإغراقها كما كانت تزعم أو تضرب القواعد الأميركية في المنطقة؟ وما هي ضمانات عدم حدوث ذلك..؟ أعتقد هنا أن التهديدات الإيرانية فقاعات إعلامية في إطار الحرب الكلامية والنفسية، سيكون الخيار رداً محدوداً غير مؤثر، وهذا لن يتم دون تنسيق واتفاق وعقد الصفقات مع إيران على حساب الأصدقاء، فعقلية التاجر تحاول الاستفادة دائماً من كل الأطراف وفي كل الظروف.
 
فاللاعبون في المنطقة كثر، وإدارتها تحتاج إلى الحذر، والحرب فيها ليست ترفاً أو هينّة كما يخيل للبعض، فستكون ناراً تحرق الجميع، واندلاعها احتماله ضعيف جداً.
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد